اليوم يهنيء المسيحي إخوته قائلا: المسيح قام وهي تحية تحمل في أعماقها معاني متعددة.
مشهد يوم الجمعة (المسيح يهان ويسمر علي الصليب ـ المريمات تبكي ـ بطرس ينكر ـ الناس يستهزئون ويجدفون والجنود يتصرفون بالكبرياء الروماني المعتاد ـ التلاميذ يهربون ـ إبليس يشمت ويهوذا يخنق نفسه) وكل هؤلاء لم يكونوا يعلمون أن هذا الأحد قادم عليهم:
المريمات اللواتي كن يبكين يعطيننا درسا: تعليما مطلوبا للجنس البشري كله لاسيما في العصر الحالي إنه درس في كيفية إغداق العاطفية والإنسانية والوفاء والمحبة النقية علي الحزاني والمكروبين والمتألمين ـ كما أنهن يعطيننا درسا آخر وهو أن الحياة ليست أفراحا فقط ولا أحزانا فقط ـ فبعد التمتع بالمسيح جاء وقت البكاء وبعد وقت البكاء أتي وقت الفرح.
بطرس الذي أنكر يعطينا درسا: أنه ربما تكون هناك لحظات ضعف مهما كنا أقوياء روحيا, ولكن المحبة هي الغالبة فهو اليوم يجري علي معلمه وعلي القبر ـ برغم أن آخر نظرة من معلمه له كانت نظرة تذكرة وعتاب.
الجنود الرومان: كانوا يجترئون ويفترون علي جسد نحيل رقيق لطيف واستعرضوا عليه عضلاتهم بالجلد القاسي والإهانات ولم يكن الكبرياء الروماني هذا يعلم أنه سوف يذل ويرتعب ويرتعش أمام القبر يوم الأحد. وأن جنود الأرض مهما كانوا لا قوة لهم ولا ذكر أمام جند السماء أمام الملاك الذي نزل ليزحزح الحجر.
الذين وقفوا ينفضون رؤوسهم عليه: يوم الجمعة تحت الصليب كانوا يعتقدون أن هذه نهايته. ولم يكونوا يتخيلون أنه سيقوم.
وهؤلاء لهم أيضا وقفة أخري أمامه آتية لا محالة ولكن ليست أمام صليبه بل أمام عرشه ,حينها سيقولون أيتها الجبال أسقطي علينا أيتها الآكام غطينا من وجه الجالس علي العرش لأنه قد جاء وقت غضبه ومن يستطيع الوقوف؟!.
ماذا أقول عن يهوذا الإسخريوطي؟!!! فلننتبه قليلا هنا وتخيلوا معي ما جري:
تخيلوا أن أول شخص من أتباع الرب يسوع لاقاه السيد المسيح بعد موته هو يهوذا؟!! لأن المسيح كان معلقا علي الصليب فسلم الروح وحين مات بالجسد ذهبت روحه الإنسانية المتحدة بلا هوته للسجن لتخلص الأبرار الذين رقدوا علي رجاء الفداء. فأخرج الرب نفوسهم من السجن بينما كان هناك في نفس اللحظة لقاء بين الرب يسوع وبين يهوذا (لقاء أرواح) كان هذا اللقاء قبل أن يقوم السيد بالجسد وقبل أن يلتقي المجدلية ولا بطرس ولا التلاميذ!!
هنا أتخيل يهوذا وهو في الجحيم وهو يري روح المسيح الإنسانية وآتية نحوه في مكان الانتظار.. هل يجري علي معلمه مستغيثا ويقول له يا سيدي خلصني؟!!! هل كان يهوذا خجلانا أم مرعوبا؟ لقد أضاع يهوذا نفسه بسبب شرور قلبه ومحبته للفضة.
وقيامة السيد المسيح فيها معني آخر عميق وهو أن القبور كلها التي يدفن فيها الناس لابد أن يأتي لها وقت وتترك جميعها فارغة قبور الأبرار وقبور الأشرار!
قديما كانوا يبنون القبور خارج المدينة في مقابل المدينة لكي يتعظ الناس ولكي يتذكروا أنه توجد مدينة باقية جميع سكانها من الأحياء ولا يمكن أن يدفن فيها إنسان.. إنها أورشليم السمائية…
بقيامة المسيح انتهي سلطان الموت وصارت القبور سكنا (مؤقتا)
المسيح قام بالحقيقة قام