مرضى القلق والوسواس القهري يعانون الكثير بسبب “فيروس كورونا”
خبراء نفسيون يشيدون بالبيان اليومي لوزارة الصحة حول فيروس “كورونا”
خبراء نفسيون: المبالغة في القلق ربما يؤدي إلى الانتحار
أدت أزمة كورونا إلى العديد من التغيرات في الحالة النفسية للبشر على مستوى العالم، سواء لمن كان لهم تاريخ مع المرض النفسي أو من لم يسبق لهم ذلك، فوجود الجائحة وسرعة انتشارها وسقوط ضحايا بسبب فيروس “كورونا” كان له دور كبير في ذلك.
ولكن هل تستسلم النفس البشرية؟ وكيف نستطيع أن نقي أنفسنا من الدخول في دوامة الاكتئاب والقلق خلال هذه الفترة العصيبة؟ نتساءل أيضًا هل استطاعت وسائل الإعلام احتواء المواطنين خلال الأزمة؟ ماذا يواجه مرضى القلق والوسواس القهري الآن؟
أوضح بعض خبراء علم النفس لـ”وطني”، مدى خطورة الاستسلام للأجواء السلبية المحيطة، وكيفية تجنبها، والممارسات التي تحفظ التوازن النفسي خلال تلك الفترة حتى لا نخرج منها بمشاكل نفسية مستقبلية.
الكورونا والدفء الأسري
تقول هبة العيسوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، إن المجتمع المصري كان بحاجة إلى التجمع واستعادة دفء الأسرة مرة أخرى، لذا علينا جميعًا أن نستغل فترة البقاء بالمنازل في تجمع الأسرة، مشيرة إلى أن هذا الوقت يجعل الجميع لديه مشاعر متناقضة ومتضاربة، فالمشاعر الغالبة الآن هي الخوف، ولكن هناك خوفاً صحياً وآخر غير صحي.
وأكدت “العيسوي”، أننا بحاجة إلى الخوف الصحي، كي نستطيع مواجهة الفيروس بالأساليب الطبية وبالنظافة واتباع طرق الوقاية، من ارتداء الماسكات والبعد عن الزحام، وما إلى غير ذلك. أما الخوف غير الصحي فهو أمر خطير جدًا ربما يحول جائحة كورونا إلى جائحة مرضية أو نفسية، فالخوف المرضي الذي يزيد عن حده المعقول، يكون فيه مبالغة، مثل ما نراه من مرضى في عيادات جلدية أصابتهم الحروق والقرح ومشاكل التنفس؛ نتيجة لكثرة استخدام المطهرات.
وأيضًا حالة الإنكار تعتبر من أشكال الخوف غير الصحي، وهذه في الغالب تكون لدى المراهقين، فهم يرفضون اتخاذ إجراءات الوقاية والسلامة، ليس تحديًا للمجتمع أو لوالديهم، ولكنه نوع من أنواع الخوف.
وأكدت “عيسوي”، على ضرورة الفصل بين الخوف الصحي والخوف المرضي، حتى نستطيع أن نحافظ على التوازن النفسي أثناء هذه المرحلة، وذلك بأن نقلل محاور القلق ونبحث عن مسببات التوتر ونتعامل معها ونتجاوزها.
فعلينا أن نغير النمط اليومي أو الروتين اليومي، فالتغير المفاجىء يسبب القلق والتوتر، لذا علينا صناعة نمط جديد وسريع، فعدم وضوح الفيروس وعدم وجود حلول له حتى الآن يغذي القلق.
وكذلك المشاكل الاقتصادية والمالية، والتساؤل حول إمكانية تحقيق الاكتفاء الأسري أم لا؟ كل هذه عوامل تزيد من القلق.
هبة العيسوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس
روشتة
أكدت “عيسوي”، أنه علينا جميعًا أن ندرك أن هذه المرحلة مجرد وقت وسيمر، فعلينا أن نجعله يمر بسلام وأمان وأن نصل إلى مرحلة الطمأنينة حتى لا يتأذى أحد.
واقترحت “العيسوي”، ممارسة تمارين الاسترخاء، وعمل روتين جديد لكل شخص يألفه ويستحسنه، مثل تثبيت ساعة الاستيقاظ، الوقوف في الشرفة، ممارسة الرياضة، رقص الزومبا، تحريك الأطراف للجميع كبار السن والأطفال والشباب. وكذلك بالبحث عبر الإنترنت عن كل ما هو جديد وشيق.
وأكدت “عيسوي”، على ضرورة تناول غذاء متوازن في هذه الفترة تحديدًا، والتخفيف في وجبة العشاء، لأن القلق يجعل الجسم يطلب النشويات كثيرًا، لأنه يفرز كورتيزول، وهو ما يحتاج إلى نشويات، وهنا زيادة الوزن تسبب مشاكل أخرى.
كما اقترحت “عيسوي”، تخصيص ساعة يومية باسم “ساعة مع حبايبي”؛ يجتمع فيها الأب والأم مع الأولاد ويسترجعوا ذكرياتهم الجميلة دون انتقاد وافتعال مشاكل، فاسترجاع الإيجابيات يجعل الحياة لطيفة.
وكذلك أكدت على ضرورة تناول الطعام في وقت واحد ومكان واحد مع منع مشاهدة الأخبار أو الأفلام في هذا الوقت، مؤكدة على أن هذا اللقاء عبارة عن مسار تواصل لغوي، يجعلنا نشعر بأمان ودفء الأسرة، موضحة أن ما نعيشه هو :”عزل منزلي مش انقطاع منزلي”.
وشددت “عيسوي”، على ضرورة احترام حيز كل فرد الخاص ونشاطاته الخاصة، وضرورة أن يكون اللقاء الأسري الجماعي على ذكريات إيجابية ومواقف ضاحكة، موضحة أن هذه فرصة لأن تتعرف الأسرة على بعضها من جديد.
العلاج النفسي أون لاين
تقول مروة جمال أخصائية نفسية، إنها جراء بداية ظهور فيروس كورونا، عملت مع فريق عملها – بإحدى المنصات الإلكترونية – على تكثيف عدد الجلسات (المجانية)، وذلك لمعرفتهم أنه في مثل هذه الأحداث تزيد حالات القلق والتوتر لدى الناس بشكل عام، ومرضى القلق والوسواس القهري بشكل خاص.
و أوضحت “جمال”، أن معظم المترددين عليها خوفهم ينبع من أن هذا الوباء لا يُرى واحتمالية أن يصيب الجميع كبيرة جدًا، مما كان له تأثيره من زيادة الخوف والقلق على أنفسهم وعلى أحبائهم. واقترحت القراءة في الموضوعات الثقافية والاجتماعية والاستماع إلى المزيكا والأفلام، بدلًا من المكوث طوال اليوم لمشاهدة أخبار الكورونا.
مروة جمال أخصائية نفسية
الشائعات “فيروس قاتل”
وأرجعت “مروة” سبب زيادة الخوف لدى الجميع، إلى تداول بعض المعلومات المغلوطة والشائعات، مثل أن “الكورونا” لا تودي إلا بحياة كبار السن فخاف الكثير من فقد أبويه، اللذان يشكلان للجميع الملاذ الآمن في الحياة. فضلًا عن وجود بعض الأشياء المصاحبة، مثل التنمر و رفض البعض لدفن الجثث في المقابر الخاصة بالشخص.
وأكدت “جمال”، على وجود الوعي لدى المصريين حتى من يخرجون كل يوم إلى الشارع لكسب قوت يومهم، فإنهم يعون خطورة الأمر ولكنهم مضطرين لاختيار احتمالية الإصابة بدلًا من حتمية الموت جوعًا.
وناشدت “جمال”، بضرورة تقديم الدعم النفسي للأطباء والتمريض، حتى لا يشعرون أنهم وحدهم في هذه المحنة العصيبة، وكذلك لأنهم من يقدمون الدعم للمريض وحدهم بعد عزله عن أهله وأحبائه.
السيناريوهات الكارثية
وتقول نيرمين محرم، استشاري الطب النفسي، إن الكثير من المصريين عانوا القلق بشكل عنيف وغير مسبوق، فالبعض شعر بأنه سيموت هو وكل من يحبهم، والبعض الآخر شعر بتهديدات تجاه عمله، و أوضحت “محرم” أن هذه السيناريوهات الكارثية غالبًا تكون بداية أعراض القلق لدى لكثيرين ممن ليس لهم أي تاريخ سابق في المرض النفسي.
وأكدت “محرم”، أن الكثيرين سيحتاجون للعلاج الجدلي السلوكي، والجلسات النفسية خلال فترة الحظر، موضحة أن هذا العلاج يقوم على تنظيم الأفكار والمشاعر التي تنعكس على سلوكياتنا وحياتنا، ولفتت أن البعض ربما يحتاج إلى جانب الجلسات العلاجية إذا أفرط في قلقه.
وأكدت “محرم” أن هناك حالات تدهورت بالفعل بسبب متابعة الأخبار الحالية، وعدم قدرتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وكذلك الأطفال بدت لهم حالات العنف وعدم الرغبة في ممارسة أي نشاط.
تعمل محرم عبر المنصات الإلكترونية حاليًا، وتتواصل مع المرضى عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة. ومن الأمثلة الموجعة لدى “محرم”، حالة قد أصيبت من قبل بأنفلونزا الخنازير وتعامل الناس معها على أنها جرثومة, مما كان له أثره الفج عليها عند ظهور كورونا، والشيء الوحيد الذي يخفف الأعراض عنها هو احتمالية إصابة الملايين.
نيرمين محرم، استشاري الطب النفسي
الخوف من المجهول
أكدت “محرم” ، أن أكثر ما يخافه المرضى هو الشعور بالألم، الذي ربما يصل بهم إلى الانتحار للتهرب منه، وكذلك يخافون فقد عزيز، وفكرة عدم وجود للعلاج قد جعل البعض يعاني الأفكار الانتحارية، إنه الخوف من المجهول الذي يجعل الناس غير قادرة على التكييف مع حياتها والخوف من توقف الطموحات في الحياة.
وأوضحت أن هذه الأفكار ليست وليدة اللحظة، ولكنها متعلقة بمشاكل أخرى، وظهور الفيروس جعلها تتصاعد، فمن يخاف الوحدة يخاف الآن من الموت وحيدًا.
أوكدت “محرم”، على ضرورة الاهتمام والعناية بكبار السن وتوفير احتياجاتهم، خاصة في ظل تداول الأخبار المسيئة لهم حول أولوية تقديم الرعاية للشباب في حين تفشى المرض.
ما يحتاجه مريض الكورونا
وعن كيفية التعامل مع مريض الكورونا، قالت “محرم”، إنه علينا تفهم أن هذا الشخص مهدد بالموت وتفكيره لا يدور في الإطار الطبيعي، فهو مهدد بفقد كل دوائره الاجتماعية، وبالتالي ستكون مخاوفه شديدة، وناشدت بضرورة التواصل معه عن طريق السوشيال ميديا، والطاقم العلاجي، مع أخذ الحذر الشديد جدًا، موضحة أنه ليس علينا أن نقرر حجبه فجأة عن كل شيء، لأنه بحاجة إلى مراعاة مشاعره، وأن نتعامل معه بقدر من الاحترام وحفظ الكرامة، لأن ذلك سيحسن حالته النفسية.
كما أنه من الأفضل أن نقدم لهم المأكولات والمشروبات التي يحبونها، وممارسة الأنشطة مثل مشاهدة الأفلام والقراءة قدر المستطاع حتى لا يكتئب ويشعر بأنه منبوذا اجتماعيًا.
وأكدت “محرم”، على وعي المصريين، موضحة أن الدوافع النفسية لدى البشر ناتجة عن أولوياتهم، فهناك شخص يفكر في أن خروجه له احتمالية الإصابة من عدم الإصابة، وهناك آخر يفكر في احتمالية عدم إصابته إذا خرج ولكنه مضطر للخروج لكسب قوت يومه، وهناك من هم أولوياتهم الخروج من أجل الخروج مستندين إلى معلومة إمكانية عدم العدوى ولا يضع طاقات المجتمع في أولوياته.
وهناك نوع آخر يتعامل وفق رغبته في تلبية احتياجاته فقط، دون رؤية الصورة كاملة، هناك الكثيرين ممن لا يحبون التفكير بالمنطق ويفضلون التفكير وفقًا للمشاعر.
دعم الجيش الأبيض
ترى “محرم”، أن الأطباء والتمريض لديهم مطالب منطقية، فنقص المعدات وأدوات الوقاية يدفعهم إلى القلق، بل ويدفعنا جميعا للقلق عليهم، وأكدت “محرم”، أننا بحاجة إلى الجيش الأبيض؛ لذا يجب علينا حمايته نفسيًا حتى لا يفقدون تركيزهم، لأنه لا يوجد أحد غيرهم قادر على مواجهة الأزمة.
ولفتت إلى ضرورة تقديم الدعم النفسي لهم، بعد توفير وسائل الحماية؛ موضحة أن كثرة وقوع الوفيات ربما يسبب انهيار لبعض الأطباء.
وأشارت “محرم”، إلى أن تعامل كل طبيب مع المرض مختلف، فهناك من يستطيع السيطرة وهناك من هو بحاجة إلى الدعم النفسي بشكل مستمر، فضلًا عن أن طاقم العمل يقدم الدعم لبعضه، للقدرة على الاستمرار ومواصلة المهمة.
خوف مشروع
تحدث هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، عن سلوك الناس في رفض دفن الموتى، وأرجعه إلى التشوش والحيرة وعدم الفهم والخوف الشديد، فكل يوم يظهر جديد حول المرض، ففكرة أن المريض لا يبدو عليه علامات المرض ويظهر عليه بعد 14 يوم مرعبة، كما أنه ينتقل عن طريق الهواء، وباللمس وبالمصافحة مرعبة. الناس خوفهم مشروع، الرعب أصاب الجميع بالقلق، فعندما يتم إجراء فحص على المخالطين يصبح كل من خالط المخالطين أو من يجاورهم في حالة رعب.
وقال إن الناس بالغت في وقائع التنمر، ولكنهم خائفون فالعدوى من الممكن أن تأتي للفرد من أقرب الناس إليه، ومع ذلك لديهم العذر.
هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر
قيود الخوف
و أوضح “بحري” أن المبالغة في الخوف يجعل الحياة مقيدة جدًا، فيجعله يرى أن طرق الوقاية الذي يقوم بها غير كافية، خاصة بعد إصابة رموز كبيرة مثل رئيس وزراء بريطانيا، الذي لديه جيش من الوقاية ومع ذلك أصيب.
ويرى “بحري”، أن المستفيد الوحيد من كورونا هو الكرة الأرضية نفسها، فالطبيعية تحسنت على مستوى الخضرة و الأوزون، واعتبر أن ما حدث هو رسالة من عند الله لنا لتذكرنا أننا زوار في هذه الحياة ولكن الكون باقي والأرض مستمرة، وسيتحسن رغم أنف البشر.
الفن.. الثقافة.. الرياضة
نصح “بحري ” المواطنين، باستثمار فترة الحظر في عمل أنشطة موازية لرفع مادة الأندروفين في المخ وهي المادة المسؤولة عن السعادة، فبالرياضة والثقافة والفن يستطيع الإنسان الاستمتاع بتلك الفترة دون تضجر.
قراءة الشعر والمسرح والرواية أو القراءات الدينية القراءات بكل أنواعها، أو المشي في المنزل أو حوله حين يكون عدد المواطنين قليل، أو مشاهدة فيلم، وكذلك الغناء أو حتى الصراخ.
وعن الحالة النفسية للمواطنين بعد الكورونا، فأكد أن العودة إلى الحياة والنشاط، ستعيد الإنسان إلى طبيعته بسرعة رهيبة، فالعمل هو أكثر شيء مضاد للاكتئاب، فالإنتاج والنجاح يولد الثقة بالنفس والثقة هي أكبر مضاد للاكتئاب.
كما أن الإنسان لديه قدرة على التأقلم بسرعة شديدة، فهو الكائن الوحيد القادر على التأقلم مع الظروف والضغوط والمتغيرات، ولفت “بحري”، أن عودة الحياة إلى طبيعتها لن يكون مثل زر النور ولكن الأمر سيكون تدريجيًا.
وعن تأثره المهني في فترة كورونا فقال، إنه يرتاد عيادته مع أخذ الإجراءات الاحترازية، وبعض الخدمات ينهيها بالهاتف، وأكد “بحري”، أن ما بعد الكورونا ستزيد حالات مرضى الوسواس القهري والقلق والاكتئاب وعدم الثقة بالنفس.
الوسواس القهري في مواجهة الكورونا
تقول مروة جمال أخصائية نفسية، إن مرضى القلق والوسواس القهري، لديهم صعوبة في السيطرة على أفكارهم، فالفكرة الواحدة تولد 100 فكرة غير منطقية، ويكون لذلك تأثيره على تناول الطعام وتدهور النوم، فضلًا عن المشاكل في العلاقات.
كما أن عدم ممارسة الأنشطة يولد الأفكار السيئة ويزيد القلق والوساوس، لذا ناشدت “جمال” بالتوقف عن تداول المعلومات المغلوطة والشائعات؛ بسبب تأثيرها المؤذي على الناس بشكل عام وعلى مرضى القلق والوسواس القهري بشكل خاص، فتأثير المشكلة عليهم سيستمر معهم حتى بعد انتهاء هذه الفترة العصيبة.
ولفتت “جمال”، إلى أن هناك حالات كثيرة كانت قد تعافت وتعرضت للانتكاس بمجرد ظهور فيروس “كورونا”.
الكورونا ووسواس النظافة
و رأت الدكتورة نيرمين محرم، استشاري الطب النفسي، أن هناك بعض حالات الوسواس القهري ارتاحت نفسيًا بعد الكورونا – على غير العادة -، وهم الذين لديهم مشاكل في سلوكيات النظافة الكثيرة ومراعاة التباعد الاجتماعي والخوف من العدوى، فعندما شعر الآخرون بمعاناتهم خفف من وطأة الضغوط عليهم.
وعلى جانب آخر، زاد الأمر عند من يخافون من العدوى وشعروا بخطورة كبيرة، وتضاعفت الأعراض لديهم وبالتالي يتوجب مضاعفة الأدوية.
كابوس الكورونا لمرضى الوسواس القهري
توضح هبة عيسوي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن حالات الوسواس القهري تتأذى من وجود أزمة كورونا بشكل كبير فكثير منهم يرى أنه في مرحلة الكابوس الذي لا ينتهي، فيكونون أكثر اضطرابًا من المراحل السابقة.
فالوسواس هو مرض تشككي؛ له أكثر من شكل، تأتي فيه أفكار وسواسية للمريض، فيتشكك هل قام بغسل يديه أم لا؟ هل نظف ملابسه أم لا؟ هل طهر يده من الفيروس أم لا؟ وكذلك يشعر المريض أنه ملوث وأنه مصدر العدوى وربما يعدي أولاده ومن يحبهم، فالأعراض تزيد والقلق والخوف.
وأكدت “عيسوي”، على ضرورة القيام بالأنشطة الحركية للتقليل من حدة التوتر، مشيرة إلى أن طريقة علاج مرضى الوسواس القهري، قد تغيرت في زمن الكورونا، حيث أنه في العادي يقال للمريض :”امسك أوكرة الباب لا خطر”، ولكن الآن بالفعل أوكرة الباب أصبحت مصدرًا للخطر، فالمشكلة مركبة جدًا الآن، وبعض الحلول غير فعالة في الفترة الحالية.
وأوضحت “عيسوي”، أنه سيكون هناك تعديل في طرق العلاج السلوكي لكي يكون فعال، وأول جعل المريض يعي مشاعره و أفكاره لكي ينتبه إلى أي مدى هو يبالغ في غسل يديه وبعد ذلك يشعر أنه غير نظيف.
ثم تحدد الأفكار الوسواسية، وهي مثل أن يفكر المريض في عزل نفسه وتغليف يديه، فهدف الأطباء النفسيين هو وقف الأفكار السلبية، لأنها ربما تؤدي إلى دخول المريض في حالة قلق عظمى تزيد ضربات قلبه ويصبح لديه رعشة داخلية، لابد من أن تقف قبل حدوث تضخم في المشكلة؛ لذا لا بد من زيادة النشاط.
وقدمت “عيسوي”، العديد من النصائح لمرضى الوسواس القهري، أهمها عمل الأنشطة الرياضية وتدليك العضلات، مثل : تدليك الرقبة، تدليك الرأس، وتدليك ما بين طرف العين والأذن لأنها منطقة بها أعصاب، والقيام بعمل حركات دائرية، ثم استرخاء كل العضلات لفك القلق والوسواس، وتدريب العين كأن الصابون سيدخل بها ثم أفتحها واتركها تسترخى، ندوس بالقدم على الأرض بشدة، إلى أن أدرك أين أنا؟
كما نصحت المرضى بعمل روتين جديد، ويفضل بأن يبدأ بـ20 دقيقة للرياضة في الصباح الباكر وكذلك تكرارها في المساء.
كما نصحت أيضًا الجميع بممارسة رقصة “الزومبا”، مؤكدة أنها تقلل الشعور بالضغوط، وأكدت على ضرورة الحفاظ على التوزان الغذائي لأن المريض حين يزيد وزنه يزيد قلقه وتوتره.
كما نصحت مرضى الوسواس القهري بأن يراجعوا أطبائهم في هذه الفترة، ربما يكون العلاج بحاجة إلى الزيادة.
الخطاب الإعلامي واحتواء الأزمة
اعتبر هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن الخطاب الإعلامي كانت بدايته مشوشة، بمعنى تصوير الأزمة وكأنها شيء بسيط، والعدد بسيط، يدعو لأن ننتبه ولكن كان هناك اطمئنان، والحياة كانت تسير دون مشاكل، ثم بعد ذلك انتقلت الرؤية إلى مستوى الخطورة، أصبح التناول الإعلامي مرعبًا، وانتقل إلى أن الإنسان يعش في مرحلة الخطورة العنيفة، ومن هنا حدث التكالب على السلع ومنتجات التعقيم والتنظيف.
وأرجع “بحري”، سلوكيات الناس غير المفهومة إلى الخوف وعدم وجود منهج ليسيروا عليه، ثم بعد ذلك انتقل الإعلام إلى توضيح الشق التنفيذي وطرح طرق الوقاية الحقيقية “غسل اليدين، وعدم المصافحة، عدم لمس أوكر الباب”، فبعض الناس بدأوا ثم انتقلت عدوى الاهتمام بالنظافة للبقية.
ويرى “بحري”، أن الإعلام حاليًا بدأ ينقل الأخبار بطريقة مقبولة دون مزايدات أو إرهاب.
كما أثنى على البيان اليومي لوزارة الصحة، ففكرة أن تتحدث الوزيرة بنفسها أو المتحدث الرسمي باسم الوزارة يجعل الخطاب به شفافية ووضوح، وجعل الناس لديها استيعاب أكبر.
وترى مروة جمال، أخصائية نفسية، أن الخطاب الإعلامي في مواجهة كورونا منقسم إلى شقين، فهناك مواد مطروحة منظمة و رائعة، مثل البيان اليومي لوزارة الصحة، وتوضيح عدد الإصابات وعدد الحالات التي تماثلت بالشفاء وأيضًا عدد الوفيات، بينما هناك مواد أخرى بعيدة عن الناس، مثل استخدام الممثلين والمشاهير لدعوة الناس للمكوث في المنازل، لأنهم بعيدين عن البسطاء ويثيرون استفزازهم، فلا يعيرون لمناشدتهم أي اعتبار.
ونصحت “جمال”، بتخفيف التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي، خاصة المنشورات التي تطرح أفكارًا سلبية، معتبرة أن السوشيال ميديا من أهم وسائل الإعلام في العصر الحالي، التي كان لها تأثيرها السلبي على كثير من الناس خلال أزمة كورونا، مناشدة بوضع بعض الضوابط حتى لا ينهار المجتمع.
واعتبرت نيرمين محرم استشاري الطب النفسي، أن بعض الإعلاميين قدموا مريض الكورونا وكأنه مجرم هارب، وألصقوا به وصمة عار، حيث يتم نقله من خلال سيارة شرطة، فالمرضى أصبحوا يخفون مرضهم خوفًا من الفضيحة.
واستنكرت “محرم”، نشر أسامي المرضى والمخالطين بهم عبر السوشيال ميديا، واعتبرت أن نشر أعداد الذين نالوا الشفاء خطاب متفائل.
وعن الخطاب اليومي لوزارة الصحة، قالت: الصحة تكتب بيانها يومي بشكل لطيف، يبدأ بعدد الناس الذين حظوا بالشفاء، ثم الناس الذين لا زالوا في العزل و تحولت نتائجهم إلى سلبية، ثم يعرض الإصابات والوفيات، وهذه طريقة إيجابية لعرض المحتوى.