قال جان جاك جيسبر رئيس مجلس اخلاقيات الصحافة فى بلجيكا، أن دور لجنة حماية الصحفيين، فى بلجيكا يتمثل في “تدوين وصقل وإكمال” الأخلاقيات السارية في وسائل الإعلام الناطقة بالفرنسية والألمانية من نصين أساسيين: إعلان واجبات وحقوق الصحفيين (اعتمده الاتحاد الدولي للصحفيين في عام 1972 ) ومبادئ قواعد الصحافة (الصادر في عام 1981 من قبل الجمعيات البلجيكية للناشرين والصحفيين في الصحافة المطبوعة). جاء ذلك على هامش الملتقي الدولي للصحفيين المنعقد فى اربيل كردستان العراق فى الفترة ما بين 17 و18 ديسمبر الجاري، للاستفادة بتجارب البلدان فى الصياغة النهائية لقانون تنظيم الصحافة و الاعلام الكردستاني.
وأضاف جيبسر:” ان تجربة هذا المجلس تعد فريدة من نوعها لأنه حَكَم، يفصل فى الشكاوى، وتسرى احكامه سواء على السلطة أو على مقدمي الشكاوى ، أو الصحفيين، وذلك فيما يتعلق بالخلافات الأخلاقية المتعلقة بالأنشطة الصحفية. والتي قد تصدر عن أي صحفي أو إعلامي يُعتقد أنه انتهك أخلاقيات المهنة فى حقه مواطن ما. وهكذا تتم إعادة حق الجمهور عن طريق المجلس، كما للصحفي الحق فى الحرية، وأضاف جيبسر:”لكن يظل الفضاء الافتراضي سؤالاً بلا إجابة فى مسألة الحرية، مهما حاولنا ضبطه، فوسائل التواصل الاجتماعي تؤثر فى عمل الصحفي، وفي مصداقيته؟ فلدينا الصحفي الذي يمارس دور الرقابة الذاتية ويمنع الحقائق، أو يمارس دور البطل ويمرر المعلومات دون تدقيق. أو من يقف حارساً للبوابة كما يصف البعض من يحجبون الحقائق. وهذا لا تأتي الشكوى بحقه، لأنه لا ينشر المعلومة من الأساس.
وأضاف جان:” تلعب شبكات التواصل الاجتماعي ،دوراً كبيراً فى الحصول على معلومات من جمهور كبير ، فحوالي 80 ٪ من البلجيكيين اليوم لديهم حسابات على شبكات اجتماعية، تصبح زاوية الاقتراب من الأخبار هي التواطؤ: وعلى الصحفي، ألا يكتشف الأخبار ولا يعتبرها حقيقية إلا إذا كان واثقاً منها، وحال تيقنه عليه نشرها بلا تردد، ولا صار متواطئاً، لأن هذا التدفق من المساهمات الملتهبة يحمل في طياته نفس المستوى من الإدراك مثلما يحمل من الشائعات والثرثرة والأوهام والسخرية والمحاكاة الساخرة والإعلانات والدعاية والفيضانات من الصور الهادفة أو القصصية (من غرائب القطط إلى قطع الرؤوس). وأحيانًا، أيضًا، المصادر أو الوسائط التي من شأنها أن تظل سرية: هذا هو الجانب الإيجابي للتبادل. ومع ذلك، في معظم الحالات، تشجع الشبكات السلوك التوحدي. يقدمون للمستخدم ما يجعله سعيدًا أو يطمئنه (ما يشاركه “أصدقاؤه” معه ويحمونه مما لا يعجبه أو غير مبال، وهكذا يتم نسج الرقابة الناعمة حول مستخدم الإنترنت رقابة ناعمة على الواقع .
تغول المال على المعلومات
ولا يتوقف الأمر فقط عند المحتوي وانما يمتد الي صُناع المحتوي من مؤسسات كبرى، في مواجهة هذه الطريقة الجديدة للإعلام، وتطفو الوسائط الكبيرة في سوق تنافسي مميت، وذلك بفضل الرجوع إلى محتوياتها ومشاركتها عبر الإنترنت. وبالتالي، تصبح إدارات شبكات التواصل الاجتماعية وما إلى ذلك، هم حراس البوابة الجدد أو “المحددون الرئيسيون” للمعلومات. ومع ذلك ، فإن الاستهلاك عبر الإنترنت لا يجعل من الممكن تمويل إنتاج معلومات جيدة في ظل ظروف جيدة.
ويتغول المال على المعلومة فنجد اتاحتها بالاشتراك الذي يتيح الوصول إلى كل المحتوى ، في حين أن جزءًا منه فقط متاح للمطالعة المجانية. فكيتسب هذا المحتوى حصة سوقية جديدة. ينتج عنها إجبار الجمهور المحروم – الأغلبية – على الرضا عن الأخبار العاجلة أو أخبار المشاهير أو ثرثرة في حرية الوصول، في حين أن أقلية مميزة ستدفع مقابل معلومات متعمقة وذات مغزى وبالتالي تزيد من أفضلية رأس المال وتغوله على تدوال المعلومات.
الجدير بالذكر أن جان جاك صحفي بلجيكي، عمل مقدماً للبرامج، الإذاعية والتليفزيونية ل 33 عاماً، واستاذاً في قسم علوم المعلومات والاتصالات من جامعة بروكسل، حيث رأس قطاع “الإعلام والاتصال” منذ عام 2008. حاليا رئيس مجلس اخلاقيات الصحافة في بلجيكا.