هل سيكون لعملة فيسبوك الجديدة الـ ” ليبرا ” شرارة التغيير إلى نظام مصرفي عالمي جديد تماما، يهدد عرش البنكنوت وينوى منافسة العملة النقدية الأمريكية ، سؤال يطرح نفسه بقوة في الأوساط المالية العالمية ، وسط ما تثيره عملة “الليبرا” من مخاوف بشأن الخصوصية والتداول والأمن القومى والسياسة النقدية ، ليس فقط لمستخدمي الفيسبوك الذين يزيد عددهم على مليار مستخدم ، لكن أيضاً للمستثمرين والمستهلكين والاقتصاد العالمى .
حيث كشفت شركة “فيسبوك” مالكة موقع التواصل الإجتماعى الأشهر عالمياً عن خطة لإنشاء عملة رقمية جديدة تشبه عُملة الـ “بيتكوين” للإستخدام العالمي، والتي يمكن أن تشجع على المزيد من التجارة الإلكترونية على خدماتها وتعزز الإعلانات على منصاتها .. هذا تستقبل الأسواق المصرفية العالمية العام المقبل عملة رقمية غير ورقية جديدة تحمل أسم ” ليبرا “، والتي ستطلقها شركة الـ “فيسبوك” بعدما أخذت زمام مبادرة إنشائها والتقنية الخاصة بها، وعلى وقع الإستعداد لإطلاق تلك العملة ، حيث يسعى الفيسبوك لإنشاء صراف آلى لتحويل النقود العادية إلى عملتها الجديدة والعكس ، بالإضافة إلى إنشاء منصات تختلف عن منصات الفيسبوك العادية.
وكشف تقرير أن “فيسبوك” تعمل على تطوير الـ “stablecoin”، وهى عملة رقمية مشفرة مصممة للتقليل من آثار تقلب الأسعار عبر ربطها بالدولار الأمريكي ، ففي عام 2018 كشفت “بلومبرج أن فيس بوك يقوم بتطوير عملة مشفرة مدعومة بالدولار الأمريكي فيما يطلق عليه فيس بوك ، بحيث يمكن للمستخدمين نقلها لبعضهم البعض عبر تطبيق “الواتس” ، وأكد تقرير جديد صادر عن صحيفة وول ستريت جورنال أن لدى فيسبوك خطط أكبر لـ “عملة مستقرة” وكذلك تدشين بنك إلكتروني على غرار ” بايبال ” .. حيث يبدو أن الشبكة الإجتماعية بدأت في إبرام صفقات مع العشرات من التجار والشركات المالية عبر الإنترنت في محاولة لتحصيل الدعم لمنصة دفع قائمة على العملة المشفرة، والتي يمكن أن تنافس نظام الدفع الخاص بشركة Apple ، ويقول التقرير إن “فيسبوك” بالإضافة إلى الدفعات الإلكترونية والتحويلات المالية عبر “واتس آب”، يمكن أن تصبح العملة النقدية في يوم من الأيام مفيدة في سوق “فيسبوك” بشكل شبيه لموقع “Gumtree” الشهير ، وتأمل “فيسبوك” في جمع ما يصل إلى مليار دولار من الشركاء الحاليين والمستقبليين لدعم هذا الجهد.
وجاء إعلان “الفيسبوك” مؤخراً عن نيته طرح الـ ” ليبرا “خلال فترة تتراوح بين 6 و12 شهرا متجاهلا لما يخضع إليه موقعه حاليا من تحقيق فيدرالي أمريكى، وما يواجهه مع عمالقة التكنولوجيا الآخرين ، وكذلك ما يواجهه من أزمات بين الحكومة الأمريكية ومالك شركة فيسبوك نفسه مؤخراً ، حيث يخضع الموقع حالياً للتحقيق بشأن ممارسات الخصوصية الخاصة به ، ويُعد فى مواجهه مع صناع التكنولوجيا الآخرين تحقيقا جديداً لمكافحة الإحتكار في الكونجرس.
هذا ويمكن لزوار مواقع التواصل الإجتماعى استخدام ( الليبرا ) في تسديد المدفوعات والتجارة والحصول على التطبيقات والألعاب المدفوعة ، مما سيوفر 25 مليار دولار من التحويلات المالية سنوياً لصالح الشركة ، بالإضافة إلى ذلك كشف التقرير أن “فيسبوك” يخطط لمكافأة المستخدمين بكسور من العملة المعدنية عندما يشاهدون الإعلانات أو يتسوقون على نظامها الأساسي، على الأرجح في محاولة لإغراء الناس لمنحهم فرصة لتجربة العملة الجديدة، يرى الكثيرون من المتابعين أنه إذا سعى الفيس بوك لذلك الأمر بشيء من التخطيط الجيد فسوف يكتسح كل البنوك الإلكترونية والعملات المشفرة، فهو لديه ملياري مستخدم شهريًا وملايين عمليات البيع والشراء والترويج المدفوع التي تتم من خلاله شهريًا.
وقال متحدث باسم الشركة إن فيسبوك تستكشف طرق الإستفادة من قوة تكنولوجيا “سلسلة الكتل” أو حرفيا “بلوك تشين”، وهي قاعدة بيانات موزعة تمتاز بقدرتها على إدارة قائمة متزايدة باستمرار من السجلات المسماة “كتل” أو “بلوك” ، وسيتعين على المستثمرين الإنتظار لبعض الوقت للحصول على العملة الخاصة بفيسبوك التي ما تزال في مراحل التطوير الأولى ، هذا وألمحت شركة فيسبوك عن رغبتها لدخول عالم العملات الرقمية منذ مايو الماضي.
وذكرت مصادر مطلعة لوكالة بلومبرج أن “فيسبوك” ستركز عملتها لأول مرة على الأسواق في الهند قبل نشرها في مناطق أبعد من ذلك ، لكن الجهود التي أطلقتها فيسبوك مع شركائها، ومن بينهم شركات “باي بال” و”أوبر” و”سبوتيفاي” و”فيزا” و”ماستركارد”، قد تؤدي أيضا إلى تعقيد الأمور المتعلقة بالشبكة الإجتماعية .
وأوضحت شركة الفيسبوك أن التعامل” بالليبرا” لايقتصر على مستخدمي العملة فحسب ، بل إنه يمكن لمستخدمي الفيسبوك جميعا الذين وصل عددهم 2.5 مليار مستخدم تقريبا على مستوى العالم استخدامها ، إذ أن تداول الأموال باستخدامها يتم عبر منصات “الماسنجر” و “الواتس آب “المملوكين للشركة، وسيكون لدى من يرغب في التعامل بها محفظة إلكترونية يمكن من خلالها الإحتفاظ بالمزيد من العملة.
وتشمل الخدمة المرتقبة ، المستخدمين الذين لا يملكون حسابا مصرفيا ، والبالغ عددهم7 .1 مليار شخص حول العالم ، لتصبح العملة الجديدة مصدر الدخل الجديد للفيسبوك بعيداً عن إيرادات الإعلانات ، ومن المقرر بدء التداول بالعملة الجديدة بشكل منتظم بحلول منتصف العام المقبل، بحسب توقعات مسئولى الشركة ، كما صرح “الفيسبوك” بأن الليبرا تمتلك 4 مزايا هي أنها مربوطة بعدة عملات عالمية، ومحمية من المضاربات المالية، ومدعومة بأصول حكومية، بالإضافة إلى استطاعة الفيسبوك إصدار المزيد منها عند الحاجة وهو ما يحميها بشكل أكبر من التقلبات ، الأمر الذي من شأنه التشجيع على ممارسة المزيد من التجارة الإلكترونية اعتمادا على خدماتها، وتعزيز الإعلانات على منصاتها.
يشار إلى أن الـ”ليبرا” عملة رقمية مشفرة للاستخدام العالمي ، تشبه “البيتكوين” إلا أنها تختلف عن جميع العملات الرقمية ( الافتراضية ) المشفرة الأخرى، الأمر الذي من شأنه التشجيع على التعامل بها ، إذ تأمل الفيسبوك في جمع ما يصل إلى مليار دولار من الشركاء الحاليين والمستقبلين لدعم إطلاق العملة الجديدة ، وما سيصاحبها من طرح ما يعرف باسم “كاليبرا ” الذى سيتولى مهمة تخزين المعلومات وبيانات المتعاملين بالعملة الجديدة ، و الفصل بين بيانات مستخدمي العملة ومستخدمي تطبيق الفيس بوك.
وتصاعدت مخاوف الشركة من استغلال الإرهابيين للعملة الجديدة ونسبة خطورة التداول بها ، إذ أنه لا يوجد سيطرة حقيقية عليها ، أو رقابة من قبل البنوك المركزية للدول وأجهزة الدولة المعنية ، مما يجعلها مبهمة غير معروف المسئول عنها ، أو القادر على التحكم بها ، كما من الممكن أن يتم إهدار الأموال حال اختراق النظام أو تعرض الشركة لاية أزمات دون أن تتمكن الدولة من السيطرة على الأمر، وذلك وفقا لما يتخوف منه خبراء المال والأعمال والاقتصاد .
قال وزير الخزانة الأمريكي “ستيفن منوشين” إنه “قلق للغاية” بشأن العملات المشفرة بما في ذلك عملة الليبرا التي تسعى الى اطلاقها “فيسبوك” ، وأضاف منوشين، أن العملات الرقمية تشكل “تهديدا” للأمن القومي وذلك لامكانية استخدامها في تمويل انشطة غير شرعية ، مؤضحاً أن الادارة الامريكية “غير راضية ” عن خطط فيسبوك لإطلاق هذه العملة.
فى حين حذر رئيس الفيدرالي الأمريكي “جيروم باول” من مخاطر الـ ” ليبرا “وقال بإنه لن يتم المضي قدما فيها حتى اتمام معالجة كافة المخاوف الرئيسية .