(يو 20: 17)
إنجيل قداس عيد القيامة المجيد يدور حول لقاء السيد المسيح بالمجدلية عند القبر في البستان. لماذا قال لهالا تلمسيني؟ مع أنه لم يمنعها في لقاء آخر مع مريم الأخري من مسك قدميه والسجود له كما ذكرالقديس متي (مت 28: 9)
بل هو بنفسه طلب من تلاميذه أن يجسوه (انظروا يدي ورجلي إني أنا هو جسوني وانظروا فإن الروح ليس له لحم ولا عظام كما ترون لي ـ (لو 24: 39) ولكنا يعلم ما قاله الرب لتوما (هات اصبعك وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناـ يو 20: 27) وما علاقة عدم لمسه بصعوده إلي الأب فقد قال لها (لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلي أبي)
السؤال مازال قائما:
لماذا منع المجدلية من لمسه؟ وهي التي أخرج منها سبعة شياطين (لو 8: 2) وهي التي كانت مع بعض النساء اللواتي كن يخدمن يسوع. وهي التي كرست حياتها لمخلصها. وهي التي ذكرها القديس لوقا في مقدمة النساء مثل يونا زوجة خوري وكيل هيرودس وسوسنة وسائر النساء الأخريات. وهي التي تابعت المسيح في المحاكمة وعلي الصليب وعند دخوله القبر. وهي التي كانت أسبق الجميع إلي القبر فقد قضت الليل كله حتي صباح اليوم التالي بين أورشليم والقبر ذهابا وإيابا لا تعرف الاستقرار بينما لم يحدث ذلك مع تلاميذ الرب. فنري بطرس دخل القبر وانحني ونظر الأكفان موضوعة وحدها فمضي متعجا في نفسه مما كان (لو 24: 12) ونري يوحنا نظر الأكفان موضوعة ولكنه لم يدخل (يوم 20: 5) أما المجدلية فتشبثت عند القبر ولم تغادره وكأنها تطالب القبر أن يحل لغز نفسه وتستعطفه ببكائها ووقفت تسكب دموعها المحبة الحزينة أمام القبر الفارغ ولم تكن باكية فقط بل باكية منحنية (يو 20: 11) متطلعة إلي الداخل عل وعسي تجد من تحبه نفسها وهي تقول للرب ظانة أنه البستاني (إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه ـ يو 20: 15) رغم أنها امرأة ضعيفة لكنها من شدة حزنها وولائها وبكائها الشديد علي المخلص كانت علي استعداد أن ترفع جثته من موضعها.
رغم كل هذا منعها من لمسه
وبعد بحث كثير في تفسير هذه الكلمة وجد أن كلمة لا تلمسيني في الأصل اليوناني (لغة الإنجيل) هي (هاتبو) وهي لا تعني مجرد اللمس وإنما تعني (يمسك فيه) فهي تعني لا تعوقيني. أرادت المجدلية أن تعوق المسيح رأته بلحمه وعظامه فحق لها أن يطير صوابها أرادت أن تخضع الوهم للحقيقة. لم تطق ناظرة إليه تسمعه فاندفعت نحوه تتشبث به بكل قواها. قال لها لا تمسكي بي. لا تعطليني. لأني لم أصعد بعد إلي أبي. لماذا؟
في الواقع أن مريم المجدلية لم تكن بعد قد انفتحت عيناها علي الخليقة الجديدة التي صارت للمعلم. أرادت أن تمسكه كما كانت تمسكه من قبل باعتباره إنسانا فلم يسمح لها الرب.
لابد يا أحبائي أن أرتفع بذهنكم لمفهوم الصعود الذي سوف يجوزه المسيح توا أو وشيكا الآن.
الرب يسوع تجسد ومعني أنه تجسد أي أنه أخذ جسدا مثلنا مات لكي يفي كل عقوبات الخطية ثم قام بنفس هذا الجسد عينه. وهو واقف أمام المجدلية يحمل جسدا هو في الواقع جسد المجدلية ولكن هناك فاصلا لا يمكن أن تكون هناك صلة ما بين المجدلية في المجدلية والمجدلية في المسيح.
كما أن كلمة (لم أصعد) في اليوناني فعل مضارع والفعل المضارع يحتمل الاستمرار يعني أنا لم أصعد لكني أصعد الآن. لذا قال لها (اذهبي وقولي لإخوتي) وهنا الرب يسوع لأول مرة ينطق بكلمة (اخوتي) كان قبلا يقول أحبائي أو أبنائي.
يامجدك يابشرية ياهناكي أنه بالقيامة أخذت البشرية لقب إخوتي.
صار للبشرية بالقيامة اتحاد مع المسيح علاقة أخ بأخيه وصرنا معه أبناء للآب.