إن قصة قيامة المسيح تحير العقل ويصعب فهمها, لذلك تشكك الكثيرون في حقيقة القيامة ولم يصدقوا أن المسيح الذي مات ودفن في القبر قام من الأموات في اليوم الثالث.
ومن هؤلاء توما تلميذ المسيح الذي شك عندما أبلغه باقي التلاميذ أن المسيح قام وظهر لهم, ولم يؤمن توما إلا عندما ظهر المسيح مرة ثانية للتلاميذ وكان معهم, حينئذ قال له المسيح: هات إصبعك إلي هنا وأبصر يدي, وهات يدك وضعها في جنبي, ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا (يو20:27).
وبالرغم من إيمان الملايين بقيامة المسيح إلا أن البعض في هذا العصر الحديث مازال يشك في قصة القيامة لتعارضها مع العلم والمنطق وفي العام الماضي ذكرت لكم أن البعض يقول: إن المسيح لم يمت علي الصليب بل كان يعاني من إغماء عندما دفن في القبر, والبعض الآخر يقول إن التلاميذ أصيبوا بالهلوسة وتهيأ لهم ظهورات المسيح ونشروا أخبار هذه الظهورات كما لو كانت قد حدثت بالفعل. والبعض أعتقد أن التلاميذ سرقوا جسد يسوع وادعوا أنه قام من الأموات. كل هذه مزاعم وشبهات كثيرة تشكك في قيامة المسيح, ولذلك أود أن أذكركم وفي عجالة حتي لا أطيل عليكم بالأسباب التي تثبت صحة قصة القيامة وكيف أن القيامة جاءت تحقيقا للنبوات وتأكيدا لقبول ذبيحة المسيح علي الصليب وأيضا أود أن أتأمل في كيفية أن نعيش القيامة.
أولاـ قيامة المسيح هي حقيقة مؤكدة
فالقول: إن المسيح لم يمت علي الصليب ولكنه دفن في حالة إغماء هو قول غير منطقي لأن الرومان كانوا يتأكدون من موت المصلوب قبل إنزاله من علي الصليب. والادعاء بأن التلاميذ عانوا من الهلوسة وتخيلوا ظهورات المسيح أمر لا يعقل لأن الهلوسة لا تحدث لمجموعات من الناس في وقت واحد بل تحدث لأفراد ولا تتكرر كما تكررت ظهورات المسيح. فلقد كتب الرسول بولس: ….. أنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمائة أخ, أكثرهم باق إلي الآن. ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب, ثم للرسل أجمعين. وآخر الكل -كأنه للسقط- ظهر لي أنا (1كو15:5-8).
وأما القول: إن التلاميذ سرقوا جسد المسيح فإنه يتعارض مع خوفهم واختبائهم من اليهود, بالإضافة إلي أن رؤساء اليهود والرومان كانوا سيبحثون ويحققون حتي يجدوا جسد المسيح ليثبتوا أنهم لم يقتلوا رجلا بارا, كما أنه من غير المعقول أن يتحمل التلاميذ الاضطهاد والتعذيب والقتل بسبب قصة اختلقوها بأنفسهم.
فالرسول بولس مثلا والذي كان يدعي شاول, كان يضطهد المسيحيين بتكليف من رؤساء كهنة اليهود, بسبب اتباعهم للمسيح وادعائهم أنه قام من الأموات, حتي تقابل بولس مع المسيح المقام, وهو في الطريق إلي دمشق فآمن بالمسيح وصار رسولا له وكتب جزءا كبيرا من الإنجيل, وجعل هدف حياته لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه. فلا يمكن لمضطهد للمسيحيين أن يصير تلميذا ورسولا للمسيح لو لم يكن قد حدث حدث عظيم غير حياته وفكره كقيامة المسيح.
وأيضا بطرس تلميذ المسيح الذي جال يبشر بالقيامة حتي صلب منكس الرأس.
وهكذا استشهد أغلب التلاميذ بسبب إيمانهم وشهادتهم علي قيامة المسيح وهذا يؤكد يقينهم الأكيد بقيامة المسيح.
ثانيا ـ إن قيامة المسيح جاءت تحقيقا للنبوات
يذكر لنا الإنجيل أن تلميذين كانا متوجهين إلي قرية عمواس فإذا بهما يتقابلان مع المسيح بعد قيامته إلا أنهما في البداية لم يعرفا أنه المسيح الذي أخذ يوضح لهما النبوات المكتوبة في التوراة حيث قال لهما: أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلي مجده (لو24:25-26), حينئذ انفتحت أعينهما وعرفاه ثم اختفي عنهما (لو24:31).
وتكرر ذلك عندما ظهر المسيح بعد قيامته لكل التلاميذ الذين اختبئوا من اليهود وقال لهم: هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم: أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسي والأنبياء والمزامير (لو24:44), نعم لقد جاءت قيامة المسيح محققة للنبوات التي كتبت قبل مئات السنين من مجيئه.