إذ تحتفل كنيستنا هذا الأسبوع بتذكار آلام السيد المسيح، تمزج بين الطقس والعمل الروحي والقراءات الكتابية في توافق معز.. وفي احتفالنا بهذا الاسبوع ورغم أننا نسميه أسبوع الآلام لأن فيه تألم ربنا يسوع المسيح عنا بالجسد إلا أن الكنيسة تعلمنا أنه أسبوع مفرح لنا جميعا لأن ربنا يسوع المسيح أتم عمل الخلاص للبشرية في كل الأجيال بموته عنا على الصليب وقيامته المقدسة لذلك يتحدث معلمنا بولس عن بهجة هذا الخلاص عندما كتب عن الرب يسوع ” إنه من أجل السرور الموضوع اأمامه قبل الآلام مستهيناً بالخزي ” ( عب 12: 2 ).
ويميز أسبوع الآلام ثلاثة أمور مفرحة تبدأ وتنتهي بها أحداث هذا الأسبوع وذلك من جهة ترتيب الطقس والقراءات الكتابية.. ولكل من هذه الأمور معانٍ روحية ذات مغزي روحي:
- يبدأ الأسبوع وينتهي بالقيامة: فأحداث الأسبوع تبدأ بقداس سبت لعازر و هو تذكار لإقامة الرب يسوع لجسد لعازر الميت الذي أنتن بعد أربعة أيام وينتهي الأسبوع في فجر الأحد بقيامة الرب يسوع من بين الأموات كباكورة للراقدين، وقيامة الرب هي نصرته علي شوكة الخطية والموت الذي لم يعد له سلطان على البشر إن قبلوا عمل الخلاص الذي أتمه الرب يسوع علي الصليب، فالموت لم يعد بعد قيامة الرب عقوبة، لكنه أصبح بداية لحياة أبدية مفرحة لا تنتهي، فبقيامة الرب لم يعد للخطية سلطاناً علينا نحن المؤمنين لذلك يقول الكتاب “مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى (التوبة) هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم” ( رؤ20: 6 ).. لذلك لنجتهد أن نقبل خلاص ربنا يسوع الثمين ونحرص أن نجدد عهودنا معه بتوبة صادقة من القلب لكي نشترك في استحقاقات قيامة الرب.
- يبدأ الأسبوع وينتهي بالطيب: فأحداث الأسبوع تبدأ بعشية أحد الزعف حيث سكبت مريم أخت لعازر الطيب علي قدمي الرب يسوع كعلامة شكر وعرفان على إقامة أخيها من الموت.. وينتهي الأسبوع أيضا بالحديث عن المريمات الخارجات فجر الأحد من مدينة أورشليم من أجل تطييب جسد الرب يسوع كعلامة حب لشخصه. وكيف نظرن الحجر قد دحرج وأن الرب قد قام.. وسكب الطيب كمعني روحي يشير أن الإنسان الروحي لا ينبغي أن يظهر أمام الرب فارغاً بل عليه أن يحمل معه أطيابه وحنوطه، والطيب يختلف في حياة كل منا عن الآخر ..” فترك الخطية المحبوبة طيب والارتباط الشخصي بربنا يسوع طيب والخدمة طيب والسلوك الطيب طيب واحتمال الآخرين طيب .. الخ ” لذلك فالكنيسة تعلمنا أن كل من يأتي ليسوع ينبغي أن يحمل طيباً اي ينبغي أن يبذل من أجله، نعم يسوع يحبنا أن نقبل إليه دائما.. لكننا نحتاج أن نتعلم أنه لا ينبغي أن نظهر أمامه فارغين.
- يبدأ الأسبوع وينتهي باستعلان الرب يسوع كملك: فالأسبوع يبدأ بأحداث أحد الزعف حيث استقبلت مدينة أورشليم الرب يسوع راكباً على أتان وهتفوا له كملك “أوصنا ملك اسرائيل مبارك الآتي باسم الرب أوصنا في الأعالي “( مت21: 9 ) وينتهي الأسبوع بارتفاع الرب يسوع علي الصليب كملك بحسب نبوة داود النبي ” ملك الرب علق على خشبة” وكتب بيلاطس عنوان علته وعلقه فوق الصليب “ملك إسرائيل” وملك الرب يسوع له معني روحي غني وهو أن مسرة الرب يسوع هو أن يملك علي قلوبنا فلا يعود للعالم ولا للخطية سلطان علينا بل يملك الرب علي كل الحياة، وبقدر أمانتنا للرب بقدر ما نقطع كل ما يفصلنا عنه إن كان خطية أو محبة خاطئة، ونحن عندما نقبل ملك الرب على قلوبنا فإننا نقبل أيضا أن نتألم من أجله ونقبل الألم في حياتنا كهبة، “وهب لكم لا أن تؤمنوا به فقط بل أن تتألموا أيضا لأجله” (فى 1: 29 )