الفرق بينهما:
يقدم لنا الكتاب المقدس نوعين من الشخصيات:
+ النوع الأول نوع مقصود بذاته له أهميته مثل أبينا إبراهيم أبي الآباء,الذي كان اسمه أولا أبرآم والذي ذكر الكتاب سيرته وما مر بحياته من أحداث إلي يوم وفاته ودفنه.
+ أما النوع الثاني: من الأشخاص فقد ذكرت حياته عرضا علي هامش حياة شخصية مهمة ومن هذا النوع لوط ابن أخي إبراهيم.
+ أبرآم دعاه الله أن يخرج من أرضه ومن عشيرته ومن بيت أبيه إلي الأرض التي يريه الله إياهاتك12:1 ولوط لم يتلق دعوة من الله ولكن عمه أبرآم-لما خرج- أخذه معهتك 12:5 ولعلني هنا أسأل مادام لوط كان من عشيرة أبرآم ومن بيت أبيه فكيف أخذه؟ وقد كان ذلك ضد أمر الله له أن ينفصل عن كل عشيرته!
+ نال أبرآم بركة من الله في دعوته وقال له اللهأباركك وأبارك مباركيك… وتكون بركةتك12:3,2 ولم يذكر الكتاب أن لوطا نال مثل هذه البركة.
+ كان أبرآم في كل مكان يحل فيه يبني مذبحا للرب, ويدعو باسم الرب تك12:8تك13:18 أما لوط فلم يقل الكتاب إنه بني مذبحا للرب, أو أنه دعا باسم الرب لعله كان فقط ينتفع ببركة مذبح أبرآم عمه.
+ ذكر الكتاب أكثر من مرة أن الله ظهر لأبرآم وكلمه وأيضا قبل شفاعته ولم يذكر مرة واحدة أن الله ظهر للوط أو كلمه وفي إنقاذه من سادوم كلمه ملاك تك19 وكان ذلك بشفاعة إبراهيمتك19:29.
+ لما كثرت أغنامهما ومواشيهما وأملاكهما ولم تحتملهما الأرض أن يسكنا معا واعتزلا,اختار لوط لنفسه الأرض المعشبةتك13:11 أما أبرآم فأخذ الأرض التي اختارها له الربتك13:15,14.
+ لم يذكر لنا الكتاب حياة لوط,ولا شيئا عن بره إنما ذكر عنه القديس بطرس الرسول إنه كان بارا وكانت نفسه تتعذب يوما فيوما بمناظر الناس الأشرار في سادوم2بط2:8 ولعله كان ضمن العشرة الأبرار الذين اتفق الرب مع إبراهيم إنهم- لو وجدوا في سادوم- لايهلكها من أجلهمتك18:32 علي أنهم لم يوجدوا.
+ في كل مرة كان يقع لوط في خطرتك13:12-16 أو يتعرض لخطر تك18:19 كان عمه إبراهيم هو الذي ينقذه.
+ نسل إبراهيم باركه الرب فصار عدده كنجوم السماءتك15:5 أما نسل لوط فلا نعرف عن أبناء أولاده شيئا أما المؤابيون والعمونيون أبناء ابنتيه فلم يدخلا في عداد شعب الله كأولاد للخطيئةتك19:36-38.
لم تسعها الأرض:
تعرض أبونا إبراهيم لتجربة من فرعون في ذهابه إلي مصرتك12:10-20 وتعرض لتجربة أخري من أبيمالك ملك جرارتك20 وتعرض لتجربة ثالثة في حياة لوط معه إذ لما اتسعت أملاكهما يقول الكتاب ولم تحتملهما الأرض أن يسكنا معاتك13:6.
عجيب هذا الأمر أن الأرض لاتحتمل اثنين أن يسكنا معا!
+ حدث هذا من أول البشرية مع قايين وهابيلتك4 وكانا أخوين شقيقين وكان السبب في ذلك الغيرة التي اشتعلت في قلب قايين لأن الله لم يقبل قربانه وقبل ذبيحة هابيل.
+ وأيضا يعقوب وعيسو لم تحتملهما الأرض أن يسكنا معا وكانا شقيقين وتوأمين وقال عيسوقربت أيام مناحة أبي فأقتل يعقوب أخيتك27:41 وكان السبب هو التنافس علي البركة وهرب يعقوب من وجه أخيه عيسو.
+ ولم تحتمل الأرض يوسف الصديق وإخوته أن يسكنا معا فباعوا أخاهم يوسف عبدا للإسماعيليينتك27:25 وكان السبب هو غيرتهم من أحلامه ومن إكرام أبيه له أكثر منهم.
+ ولم تحتمل الأرض داود الملك وابنه أبشالوم أن يسكنا معا لأن أبشالوم اشتهي أن يكون له الملك بدلا من أبيه فكون جيشا وحاربه2صم15.
+ ولم تحتمل الأرض شاول الملك وداود زوج ابنته أن يسكنا معا إذ كان شاول يغار من داود بعد انتصاره علي جليات وكان ينظر إليه كمنافس له في الملك 1صم18:7-10.
+ كذلك لم تحتمل الأرض أن يسكن الملك هيرودس والقديس يوحنا المعمدان معا لأن القديس المعمدان كان يوبخ هيرودس قائلا له لا يحل لك أن تأخذ لك أمرأة أخيكمت14:3-11.
+ والأمثلة كثيرة ومنها أبرآم ولوط لم تحتملهما الأرض أن يسكنا معا بسبب الغني والاتساع.
وكان الحل هو أن يعتزلا بدلا من استمرار الخصومة بسبب التنافس علي أرض الرعي وهكذا قال أبرآم للوط أبن أخيه لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لأننا أخوان أليست كل الأرض أمامك؟ اعتزل عني إن ذهبت شمالا فأنا يمينا وإن يمينا فأنا شمالاتك13:8.
كان اعتزالا مع الاحتفاظ بالمحبة ولم تكن في ذلك خطيئة.
انفصلا عن السكني معا ولم ينفصل قلب أبرآم عن لوط بدليل أنه لما وقع لوط في السبي جمع أبرآم رجاله وذهب فأنقذهتك14:13-16.
وكان نبلا من أبرآم أنه في انفصال لوط عنه ترك له الحرية في اختيار الأرض التي تعجبه فاختار لوط له أفضل الأرض للرعي!
اختار أرضا جميعها سقي أرضا معشبة قال عنها الكتاب إنها كانتكجنة الله كأرض مصرتك13:10 اختار الأرض الصالحة لغنمه وبهائمه وليست الأرض الصالحة لحياته الروحية ولمستقبله الأبدي!! اهتم بنوعية الأرض وليس بسكانها! بينما ينصح المثل أن تختار الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق اختار لنفسه ولم يطلب من الله أن يختار له..!
أما أبرآم فمن بدء القصة كان قد اختار الأرض التي قال له الرب عنها: الأرض التي أريك إياهاتك12:1 وحتي في هذه المناسبة صمت أبرآم منتظرا مشيئة الرب إلي أن قال له الله بعد اعتزال لوط: ارفع عينيك وانظر إلي الموضع الذي أنت فيه,لأن جميع الأرض التي أنت تري لك أعطيها ولنسلكتك13:15,14 وحينئذ نقل أبرآم خيامه وأتي وأقام عند بلوطة ممرا التي في حبرون وبني هناك مذبحا للربتك13:18,وعند بلوطة ممرا ظهر له الله فيما بعد وأعطاه وعدا وحاوره في موضوع سادوم تك18:1-20.
ما أصعب أن يختار الإنسان لنفسه وما أعظم البركة التي ينالها حينما يحيا حياة التسليم ويترك الرب يختار له.
والآن لننظر ماذا حدث للوط لما اختار منطقة سادوم؟
في سادوم:
يقول الكتاب:لوط سكن في مدن الدائرة ونقل خيامه إلي سادوم وكان أهل سادوم أشرارا وخطاة لدي الرب جداتك13:13,12.
كانت مأساة ونقطة تحول أن يترك لوط عمه القديس أبرآم,
بتركه أبرآم ترك مذبح أبرآم وترك قدوة أبرآم الصالح وترك المكان الذي يدعو فيه أبرآم باسم الرب بل ترك المكان الذي يظهر فيه الرب لأبرآم ويكلمه ومنذ أن ترك أبرآم بدأت متاعبه ولم ينفعه الخير المادي الذي في أرض سادوم مادام قد ترك الخير الروحي.
حقا إن مكان الخطية له إغراءاته ولكنها إغراءات مادية!
أرض منظرها الخارجي كجنة الله كأرض مصر إنها-كما قال الرب فيما بعد- كالقبور المبيضة تظهر من الخارج جميلة وفي الداخل عظام نتنة مت23:27.
لم يزن لوط الأمر بميزان جيد ولم يضع في إحدي كفتي ميزانه أن أهل لوط أشرار وخطاة جدا وفي ذلك ماذا يكون تأثيرهم عليه وعلي أولاده وبناته بل أيضا عليه شخصيا!! لم يضع أمامه أن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة 1كو15:33.
ما كان أصدق داود النبي فيما بعد حينما قالطوبي للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار وفي طريق الخطاة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلسمز1:1.
أما لوط فإنه عاش مع أولئك الأشرار والمستهزئين ونقل خيامه إلي سادوم وزوج بناته من أولادهم وصار له أصهار من شعب سادومتك19:14