ورثت الفن عن أمى…وأبويا كان عايزنى “صيدلى”
· حليم ونجيب محفوظ كانا وراء تكوين “فرقة المصريين”
· “زحمة يادنيا زحمة” سبب شهرة عدوية
· أكتشف منير وعمرو دياب
· “أنا بعشق البحر” كانت محطة فاصلة فى حياتى بين”المايسترو”و”الملحن”
“الموسيقي غذاء الروح” كلمة شهيرة نرددها دون تفكير في تاريخ الموسيقى، أو نذكر كل من ساهم وأفنى حياته في خلق نغمات موسيقية راقية تعبر عن هويتنا المصرية…ويأتي هاني شنودة ضمن هؤلاء الذين أثروا الموسيقى المصرية بنغمات تركت بصمة فنية رائعة وارتقت بالذوق العام، حيث يعُد شنودة واحداً ممن صنعوا جملاً موسيقية تمثل حالة فنية مختلفة ومتطورة.
لقائة مع الكونترباس
كما يعدُ المايسترو هو أول من شكل فرقة موسيقية غنائية شبابية وهي فرقة ” المصريين” التي تعتبر أول فرقة موسيقية مصرية التف حولها الشباب على عكس ماكان سائداً من فكر “المطرب الأوحد”.
مر”هانى” بالعديد من المحطات عاصر خلالها الكثير من الفنانين العظماء وعاش معهم زمن الفن الجميل… وحتى يومنا هذا الذى تغير فيه نمط المزيكا المصرية، وطرأ عليها الكثير من المستجدات والمسميات مثل “مزيكا المهرجانات”.
وسط كل ما تعانية المزيكا المصرية من علل اقتربنا من الفنان والموسيقار و عرفنا منه محطات حياته ورأيه فيما يقدم حالياً من موسيقى.
· حدثنا عن نشأتك الفنية ؟
· أنا من مواليد طنطا 29 ابريل 1943، وولدتي كانت تجيد العزف على البيانو والعود بتقسيماته الصعبة، وتغني بشكل رائع لأم كلثوم، فنشأت في وسط فني وورثت منها الموهبة وحب الفنون بأنواعها.
· كيف إلتحقت بكلية التربية الموسيقية… رغم رفض والدك؟
· حصلت على مجموع فى الثانوية العامة، فكان لابد أن ألتحق بكلية الصيدلة لكى إرث “صيدلية النيل” الخاصة بأبي؛ ولكنى كتبت برغبات الثانوية العامة كلية “تربية موسيقية” مما أثار غضب والدي جداً فقال لي “بكرة تعدى عليا فى الصيدلية لأن أعمامك كلهم عايزين يكلموك فى الموضوع ده لأن كل أبناء العيلة خريجين صيدلية ودكاترة فأزي أنت تختار الكلية دي”، وبالفعل رحت حسب الموعد وأول ما داخلت الصيدلية وجدت عمامي فى حالة صعبة “متجهبين”وقاموا بمحاكمتي بمحكمة القيم والعادات والتقاليد، فقلت لهم: ” ماعنديش مانع أنى أكون صيدلي في نظير أن كل واحد فيكم يتنازلي عن فدانين من أرضه لأني هكون صيدلي فاشل فلابد أن أجد ما يسندني في المعيشة؛ ولكن لو أصبحت موسيقي مش عايز من حد حاجة لأني هقدر أقوم بمصاريفي” ووقتها أتذكر والدي عندما قال لأمي: “الواد سكت أعمامه ومقدروش يردوا عليه” وبالفعل إلتحقت بكلية التربية الموسيقية.
· ماذا عن بدايات مشاركتك فى الفرق الأجنبية ؟
· تقاربت من فرق مختلفة بتعزف أجنبي، وتنقلت من فرقة إلى آخرى بجانب دراستي، حتى وصلت إلى فرقة أسمها “بيتي شا”وكان عددنا ستة عازفين وبنعزف أغاني أجنبية بكل اللغات ماعدا اللغة العربية، وكان لها شهرة قوية جداً بين الشباب، وكانت هذه الفرق هي المتاحة في ذلك الوقت سنة 1966 ووقتها كان ممنوع إستراد إسطوانات أغاني من الخارج.
· حدثنا عن لقائك مع الأديب العالمي نجيب محفوظ ؟
· إلتقيت به أثناء حضورة إحدى حفلات فرقة “بيتي شا” ولأنى كنت المصري الوحيد من أعضاء الفرقة والباقي من جنسيات مختلفة دار بيني وبينه حديث شيق، أظهرت له أني من أشد المعجبين به ودائم القراءة لكل كتاباته فسألنى “أنتو ليه مبتلعبوش مزيكا عربى؟”؛ فرديت على سؤاله: ” إن الأغانى العربية عبارة عن مقدمة طويلة جداً وبيتين فقط يتم تكرارهم، وأيضاً الأغاني العربي تبدأ بدانس أوتانجو ثم تقلب مقسوم، وفى ذلك الوقت كان لا يليق أن يرقص الشباب، عكس الوقت الحالي الذى أصبح كل الشباب يرقصون بلدي عادي.
· كيف تعرفت بالفنان الراحل عبد الحليم حافظ ؟
· كان عبدالحليم يجلس بجانبي وأنا بعزف على “الأورج” مع فرقة” البيتي شا” وقال لي “عايزك تيجي تتغدى أوتتعشى معايا” وأنا فى ذلك الوقت كنت لم إدراك قيمة هذا الفنان العظيم، فكنت لا ألبي طلبه وأفضل الذهاب مع أصدقائي للسينما والخروجات، ومع مرور الوقت أدركت قيمة هذا الفنان وقربنا من بعض جداً، وبدأ حليم يشجعني على تكوين فرقة خاصة بيٌ على غرار الفرق الأجنبية لكن تغنى بالعربي وإقتنعت بالفكرة وبدأت أشتغل على تنفيذها، وكان عمر خورشيد بيعزف معايا فى فرقة “بيتي شا” وفرقة آخرى اسمها “الماسية”، فأخذت عمر وإثنين أخرين وإبتدينا نعمل بروفات في منزل عبد الحليم.
ثم عملنا حفلة لعبد الحليم في نادي الجزيرة، وكانت آخر حفلة له قبل وفاته مباشرتاً وقدمت خلالها أغاني “أهواك ،وياقلبي خبي، وأول مرة تحب يا قلبي، وتوبة” بتوزيع موسيقي جديد، وأثنا البروفات على هذا الحفل قال لىَ عبد الحليم: “أحمد فؤاد حسن المؤلف عايز يضيف عليكم 3 موسيقين كبار”؛ ووفقت فضم لينا العظيم هاني مهني ومختار السيد وحسن أنور عازف الرق، وبعد لما الحفلة إنتهت عبد الحليم كان فرحان جداً بنجاح الأغاني لدى الجمهور فنزل من المسرح ليقول لي: ” إحنا يا هاني لقينا بعض وهنلف الدنيا كلها ونوريهم أد أيه مزيكيتنا حلوة”، ولكن للأ سف توفي بعدها عبد الحليم فقلت لنفسي” أنا لازم أكمل وأعمل فرقة صغيرة ليه زى ما قال لىَ عبد الحليم قبل رحيله” وده كان الحافز الأول لإنشاء الفرقة، والحافز الثاني أننا هنغنى باللغة العربية فقط، والحافز الثالث أننا لازم نعمل فرقة للشباب علشان العالم كله يعرف أن في مصر فرقاً شبابية بتعبرعن الشباب ومن أجل هذا أطلقنا على الفرقة أسم “المصريين” لأنها لكل مصري.
· ما هي ظروف تكوين فرقة” المصريين”؟
· تأسست سنة 1977، وتضم عدداً من الأعضاء أنا مدين لهم بالكثير لأنهم آمنوا بىَ وبما كنت أريد أن أحققة في عالم المزيكا، بغض النظر عن اعتبارات أخرى منها أن منتج الفرقة مكنش فاهم أنا عايز أعمل أيه ومكنش فاهم المزيكا بتاعتي، فكأن بيقول لىً “إزى إنت هتخلي أكتر من مغنى في أغنية واحدة هتبوظ الأغنية بالشكل ده” فرديت عليه “أنت لم تعرف أن فى طبقات في الصوت وفوق بعضها وكل طبقة بتخدم الطبقة اللي فوقها والقوية بتخدم الضعيفة ” هو ده العمل الجماعي، وكان أعضاء الفريق هم: “هانى الأزهري، وممدوح قاسم، وتحسين يلمظ، وإيمان يونس، وعمر فتحي، وبعد فترة انضمت منى عزيز للفرقة بدلاً من إيمان يونس” وكتب لهم كبار الشعراء منهم صلاح جاهين، وعمر بطيشة، وعبد الرحيم منصور.
وعملنا الشريط الأول ونجح لكن الشريط الثاني لاقي أنتشاراً كبيراً جداً والشركة لم تلاحق على المبيعات، وكان أسم الألبوم” بحبك لا” ، وكتب عن الفرقة في ذلك الوقت صلاح جاهين قائلاً: “أن ماتقدمه “المصريين”من موسيقى يعدُ ثورة في الأغنية المصرية “وذلك لأنه وقتها كانت كل الأغاني المقدمة على الساحة الفنية تتحدث عن ذل الحبيب لحبيبه أما ما قدمناه نحن فكانت أغاني تتكلم عن الحب في كل حالاته الرومانسية.
• حدثنا عن ذكرياتك مع الفنانة نجاة الصغير ؟
• وإحنا بنشتغل لمنيردخل علينا عبد الرحيم منصوروهو ماسك التليفون وبيقولى: ” مدام نجاة الصغيرة عايزة تكلمك” فرديت عليها فقالت ليً:”إيه الحاجات الجميلة ده إيه الجمل الموسيقية الرائعة ده أنا عايزاك تعملي أغنية”؛ وبالفعل عبد الرحيم كان كاتب أغنية “أنا بعشق البحر” فسمعتها نجاة وعجبتها جداً وأثنا التدريبات عليها قالت لىً “يا هانى الأغنية ده ناقصة قفلة ” فقلت له: “عندك حق” فأخذ عبد الرحيم ورقة وقلم وقعد على جنب وكتب” أنا بعشق البحروبعشق الطريق وبعشق السماء لأنهم حياة وأنتِ يا حبيبتى أنتِ كل الحياة”، وأيضاً أغنية “بحلم معاك” لها ذكرى جميلة مع نجاة فكنت عاملها لفنان أخر وكان صديقي جداً ولكن عندما سمعتها نجاة بالصدفة عجبتها جداًوأصرت أنها تأخدها فكلمت صاحبي المطرب وقلت له “مدام نجاة طمعانه فى اللحن ده” فقال صاحبي:” أى طلب لنجاة ينفذ”وبعدها عملت مع نجاة 6 أغنيات، وكان العمل مع الفنانة العظيمة نجاة محطة مهمة وفاصلة فى حياتى الفنية وكانت سر شهرتى وأنتشار اسمى كملحن للأغانى الرومانسية لكبار الفنانين، وبعدها اشتغلت مع كبار آخرين مثل فايزة أحمد، ووزعت لها أربع أغنيات من ألحان محمد سلطان، أشهرهم” على وش القمر”، كذلك لحنت للفنانة لبلة شريطاً كاملاً أسمه “يابتاع الهوى”.
· كيف اتقابلت بالفنان محمد منير ؟
· قبل إنشاء فرقة “المصريين” قال لىً الشاعر الكبيرعبد الرحيم منصور” ياهانى انا عندى مطرب أنت الوحيد إللى هتعرف تحطه فى السكة المظبوطة فى الغنا”، شاب إسمه محمد منير”، وأول ما شوفته حصل كيمياء بينا ووجدت فيه ولد حبوب وظريف وشكله حلو وأسمر فرعونى ؛ فعملت معه الشريط الأول وكان اسمه ” أمانة يا بحر” وللأسف الشريط ده لما نزل فى السواق لم يحقق نجاحاً، لأن الناس فى الوقت ده كانت بتسمع الأغانى عن طريق الأسطوانات، ومكنوش عارفين شريط الكاسيت فكان أول شريط كاسيت ينزل السوق.
وبعد أنتشار اسم الفرقة وجدت شركة الإنتاج بيكلمونى وبيقولوا “تعالي أنت إنتشرت بشكل كبير فى السوق وأن الوقت لعمل الألبوم الثانى لمنير”، وبالفعل عملنا شريط “بنتولد” وحقق نجاحاً كتيراً الأمرالذى جعل الشركة قامت بإعادة توزيع الشريط الأول مرة أخرى وباعته باسم ” علمونى عنيك” وإعادة طرحه مرة أخرى فى السوق وحقق نجاح كبير.
· وإيه حكايتك مع أغنية “زحمة يا دنيا زحمة” ؟
· طلب منى المنتج الفنى للفرقة عمل أغنية “تخليص حق” من مطرب شعبي أسمة “عدوية”، فسمعته أغنية “زحمة يا دنيا زحمة” فى وجود عدوية فرفضها المنتج وقال لىً :” الناس زهقانة من الزحمة”، ومكانتش هتخرج للنور إلا أن عدوية كلمني وقال لىً: ” الأغنية ده عجبتني قوى ومش عايزة تطلع من دماغى”، وطلب من الأنتظار لعمل نوتة موسيقية خلال ثلاث أيام؛ إلا أنه أصر على تسجيلها اليوم التالى وبالفعل ذهبنا بصحبة فرقته الموسيقية إلى أستديو “35” بالإذاعة المصرية وسجلنا الأغنية وفاجأنا أثناء التسجيل التفاف وتجمع كل العاملين بمبنى ماسبيرو حولنا بالأستديو لسماع الأغنية؛ فعندما خرجت الأغنية للنورنجحت نجاحاً كبيراً حتى الأن.
· حديثنا عن إسهماتك الموسيقية للأطفال؟
· أولادى كل حياتى بدات أتعرف على عالم الطفولة، وحبيت الأطفال بسببهم فأشتغلت مع صفاء أبو السعود وعملنا “يلا نقضى إجازة سعيدة”، ومع نيللي إوبريت ” اللعبة”، ومع محمد ثروت عملت البوم كاملاً ” حبيبة بابا راشا” وكلها أعمال نجحت وعاشت مع الأطفال ولا تزال موجودة حتى الأن يحبها الكبار والأطفال.
· وماذا عن إسهماتك المسرحية؟
· من أعظم المسرحيات مسرحية “إيزيس” التى أفتتح بها المسرح القومى فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكتبت وتحدثت عنها كل وسائل الإعلام ومن أشهر ما كتب عنها ” انها ترتقى لمستوى عروض دار الإوبرا”، وكذلك عندما شهدها سفير مصر بالولايات المتحدة الأمريكا أنبهر بكل عناصر العمل من ديكوروملابس وموسيقى، وأكد أن هذه العناصر لا يستطيعون عملها فى أمريكا فى ذلك الوقت فقال عنها: ” إنها مسرحية رائعة ولابد أن توضع على الأجندة السياحية لمصر”، ونصح المسئولين أنذاك بأن تظل المسرحية قائمة على المسرح القومى حيث تعهد أنه سيقوم بجلب وفود سياحية لمشاهدتها، بما يضمن دخلاً قومياً يعادل دخل “أبو الهول” على أن يتم ترجمتها بعدة لغات، إلا أنه كعادة المصريين تم إنهاء العرض ورفع الديكوروتخزين الملابس بعد شهرين من عرضها كانت تزداد نجاحاً فيهما يوماً بعد يوم.
و تميزهذا العمل الفنى أنه كان يضم نخبة من ألمع نجوم المسرح العربى على رأسهم سهير المرشدى وأحمد حلوة وكانت إخراج كرم المطاوع وكلمات صلاح جاهين والقصة لتوفيق الحكيم لذلك تعدُ هذه المسرحية واحدة من أعظم ما قدم على خشبة المسرح القومى .
· ما تقيمك لاغانى المهرجانات؟
· لا يوجد موسيقى عندها أخلاق وأخرى بدون أخلاق، لكن كل فترة زمنية تفرض علينا موسيقى لها طابع خاص، لكن يبقى الهدف وهو الإرتقاء بالذوق العام، وذلك لا يمكن تحقيقه بدون تفعيل الرقابة على المصنفات الفنية والتشديد فى عرض كل ما يقدم للجمهور عليها لإجازتة أو منعة، والمشكلة الأكبر فيما يقدم بأغاني “المهرجانات” ليس المزيكى فحسب، وأنما ما تقدمة من كلمات خادشة للحياء الأمر الذى وصل بالذوق العام إلى الحضيض، ونحن لا نستطيع مقاومة هذه الأغانى إلا بتقديم مزيكا وكلمات ذات معانى وأهداف ومع الوقت الناس هتقدر تميز الغث من الثمين وهذا حال الفن على مر العصور .
· ما رأيك فى قضية القرصنة الإلكترونية… وحقوق الملكية الفكرية للاعمال الفنية؟
· هناك فرق بين حق الملكية الفكرية والقرصنة الإلكترونية فالأولى هى الأعتراف بملكية اللحن ونسبة لصاحبه أما الثانية هى السطو على اللحن وإعادة توزيعة مرة أخرى وتقديمة فى أعمال أخرى والتربح منه، فمثلاً أنا صاحب لحن الموسيقى التصويرية لفيلم” شمس الزناتى” الجملة الموسيقية “لونجا 75” والتى تعدُ من أشهر الجمل الموسيقية فى تاريخ المزيكى المصرية تم توزيعها ما يقرب من 81 مرة من قبل ناس آخرين وإستغلالها على الإنترنت ونغمات الموبايل والإعلانات بغرض التربح منها بدون إذنى فى ظل غياب القانون، فلا يوجد قانون يحمى المزيكا من القرصنة الإلكترونية وهذا يعدُ خللاً كبيراً.