- كل شيء مستطاع للمؤمن (مر 9: 23).
إن المؤمن إنسان قلبه قوي لا يعرف اليأس مطلقا, ولا يعرف الخوف, ولا يخشي الفشل, بل يقول مع القديس بولس الرسول أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 4: 13) في إيقانك بمحبة الله لا يكون هناك حدود لرجائك, بل يمكنك أن تردد مع الرسول قوله:
المحبة ترجو كل شيء – 1كو 13: 7.
ذلك لأنها – تصدق كل شيء – في مواعيد الله, وما ينقصها من إحساناته ونعمه, إنما ترجوه في صبر.. وفي صبرها لا تيأس مطلقا, ولا تشك, ولا تضطرب.. وإنما تنصت إلي قول المرتل في المزمور:
- انتظر الرب.. تقو وليتشدد قلبك.. وانتظر الرب – مز 27: 14.
إن الله لابد سيأتي إليك, ولو في الهزيع الرابع من الليل فانتظر الرب.. وانتظره بقلب مملوء بالإيمان والرجاء.
ولا تضطرب, ولا تظن أنه تأخر عليك.. فالله بحكمته يعرف ما هو الموعد المناسب لتدخله, وفي هذا الوقت المناسب ستري عمل الله, وتفرح به, وتمجده.
قد يحاربك الشيطان بأن الله سوف لا يتدخل لإنقاذك.. لأنه ضدك بسبب خطاياك!
وذلك لكي يدفعك إلي اليأس من مراحم الله, وإلي عدم الالتجاء إليه, بل قد يحثك علي الهروب من الله مثلما حدث لأبينا آدم, حينما اختبأ من وجه الله – تك 3: 10 – وهكذا يضعف العلاقة بينك وبين الله ويصوره لك منتقما مخيفا.. بينما الله ليس هكذا.. فكله حب وحنان.. انظر ماذا قال عنه داود في المزمور.
- لم يصنع معنا حسب خطايانا.. ولم يجازنا حسب آثامنا (مز 103).
- لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض, قويت رحمته علي خائفيه.. كبعد المشرق عن المغرب, أبعد عنا معاصينا.. كما يتراءف الأب علي البنين, يتراءف الرب علي خائفيه – ويعلل داود هذا بقوله – لأنه يعرف جبلتنا, يذكر أننا تراب نحن – مز 103 – 10 – 14 – ولذلك يبدأ سرد خبراته هذه بقوله – الرب رحيم ورؤوف, طويل الروح وكثير الرحمة لا يحاكم إلي الأبد, ولا يحقد إلي الدهر.
لهذا كله.. ينبغي أن يكون لك رجاء عميق في مراحم الله.
لأن هذا الرجاء هو الذي يشجعك علي التوبة, مؤمنا أن الله لن يطرحك من قدام وجهه مهما كانت خطاياك. بل هو يطهرك منها, ويغسلك حتي تبيض أكثر من الثلج. إنما المهم أن تتوب, وكما قال أحد الآباء مشجعا – إن الله سوف لا يسألك – لماذا أخطأت؟ إنما سيسألك – لماذا لم تتب؟
إن الرجاء يعطي الإنسان قوة, وبهذه القوة يعيش ويصمد.
هناك رجاء حتي أمام الفتيلة المدخنة, القصبة المرضوضة, ولهذا قيل عن السيد المسيح – قصبة مرضوضة لا يقصف, وفتيلة مدخنة لا يطفئ – متي 12: 20 – لأنه – يعطي المعيي قدرة, ولعديم القوة يكثر شدة – الغلمان يعيون ويتعبون.. وأما منتظرو الرب فيجددون قوة.. يرفعون أجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون.. يمشون ولا يعيون – إش 40: 29-31.
لهذا إن وجدت إنسانا ضعيفا, انتشله بالرجاء من ضعفه وشدده, وتذكر قول الرسول:
- شجعوا صغار النفوس أسندوا الضعفاء – 1تس 5: 14.
لا تنتقد ضعيفا, بل أسنده, شدده, وأعطه رجاء.. ارفع روحه المعنوية.. وانتشله من مشاعر اليأس التي تهبط به إلي أسفل, واجعله يتجه إلي الله الذي نقول عنه في صلواتنا رجاء من ليس له رجاء, ومعين من ليس له معين, عزاء صغيري النفوس وميناء الذين في العاصف.
وفي إنقاذك لهؤلاء.. تذكر المخاطر التي يتعرض لها من يفقد الرجاء.
إن الذي يفقد الرجاء, تسود الدنيا أمامه, ولا يري منفذا, ولا حيلة, فيصل إلي الحزن والكآبة, وإذا وصل قطع الرجاء إلي قمته, قد ينهار الإنسان تماما, وربما ييأس من حياته كلها, فيستسلم إلي أي وضع مهما كان خطيرا, وربما ينتحر.
وقد يقول أحدهم: ليس أمامي ما يبشر بالرجاء!
نقول لمثل هذا: لا تعش تحت سلطان الحواس, ولا تحكم بالمقاييس البشرية ولا بالمقاييس المادية, إنما بالإيمان نري حلولا كثيرة اخرج من دائرة الواقع, وعش بقلبك فيما يمكن أن يعمله الله لأجلك.. يقول الرسول – لأننا بالرجاء خلصنا.. ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء. لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضا – رو 8: 24 – إذن ما هو الرجاء الذي يقصده الرسول؟ إنه يقول بعد ذلك:
ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره.. فإننا نتوقعه بالصبر – رو 8: 25.
هذا الذي لسنا ننظره, هو الذي نرجوه حقا, إننا لسنا ننظره بالعيان, ولكننا نراه بالإيمان.. ونحن ننتظر بالصبر.. سواء في حياتنا هذه, أو في حياتنا الأخري.
لابد أن الله سيعمل عملا.. وهذا نتوقعه بالصبر
إن الله الحكيم المدبر, لا يأخذ من العالم موقف المتفرج بل هو يعمل, ويري كل ما يعمله فإذا هو حسن جدا – تك 1 – 31.
ونحن بعيوننا القاصرة قد لا نري عمل الله, ونظنه لا يعمل بينما يكون العمل في قمته ونحن لا ندري.. تماما كما لا نشعر بالأرض وهي تدور, بينما هي تتحرك ونحن لا نشعر.