تحت رعاية صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني بابا و بطريرك الكرازة المرقصية و شريكيه في الخدمة الرسولية الأنبا موسي أسقف الشباب والأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط البلد ، نظمت خدمة اللاهوت الدفاعي بأسقفية الشباب ندوة مفتوحة تحت عنوان ” مفاتيح للفهم ” ، مــــع جورج باسيليوس أشهر الخدام المدافعين بالولايات المتحدة ،بقاعة القديس أثانسيوس اسفل الكاتدرائية بالعباسية .
في البداية قال خادم الدفاعيات جورج باسيليوس ، ان اللقاء اليوم سينقسم الى جزئين الاول عن الايمان والمعرفة ، والثانى تطبيق عملي كيف نتحاور مع اولادنا كخدام او اباء حول الاسئلة الصعبة في الايمان .
اولا يجب ان نعرف ما هو الايمان ، وكما قال الكتاب المقدس هو الثقة بما يرجي والايقان بأمور لا تري ، لذا علينا ان نعرف ما هو الايمان وما هو العقل او المنطق ونقارن بينهم لنعرف هل متوافقين ام لا .
وكلمة الايمان في الكتاب المقدس تأتي في ثلاث معاني ، اولها بمعني الاعتقاد العقلي وهذا اول مراحل الايمان ، بعد ذلك نصل للمرحلة الثانية وهى بمعني الثقة ، والثقة هنا تأتي بمعني القلب ، والمعني الثالث وهو بمعني الطاعة كما في اخر اصحاح في رسالة رومية ، وهذا هو مفهوم الايمان بالكتاب المقدس .
وفي تعريفنا للمنطق او العقل ، هو المعرفة من خلال العقل او المنطق ، ولكن كيف اعرف ما اعرفه ، وهذا يكون من خلال ثلاث انواع للعيون ، العين الاولى تدرك المادة فقط من خلال حاسة العين ، العين الثانية تدرك المفاهيم وهى العين الموجودة بالذهن ، والعين الثالثة وهى موجودة في القلب ونعرف بها الاشخاص .
ولكن من اى الاعين نعرف الله ، من خلال العين الثانية والثالثة ، فالله يدرك بالعقل ويعرف من خلال الاختبار بالقلب ، وهذا يعادل بالايمان والعقل ، فاعرف الله من خلال العقل والقلب ، فمن خلال الاعلان الالهي عرفنا الله وبدأنا نفهم ما هو الله ووجوده ، لكن عند التحدث مع ملحد استخدم العين الثانية فقط ، فالاولى لا احد يستطيع استخدامها فالله لا يمكن رؤيته بالعين البشرية ، والثالثة هو ليس عنده ايمان او اختبار او علاقة مع الله ليدركه بقلبه ، فلا يوجد لدينا سوى العين الثانية وهو المنطق والعقل لذلك في الدفاعيات نستخدم المنطق .
وافضل نموذج لذلك هو رسائل بولس الرسول في الكتاب المقدس حيث يستخدم المنطق في حواراته ، مثلما قال اشعياء ” هلم نتحاجج ” ، فعندما اتحدث مع الملحد اتحدث معه بالعين الثانية لاصل به الى العين الثالثة ، اى الى العلاقة والاخبار .
كما لا يجوز ان اقول ان لدى ايمان ، يجب ان اكمل الجملة بالموضوع الذي اؤمن به ، بالتالي الايمان والمعرفة ، يجوز ان يسيروا معا ، فالكتاب المقدس به العديد من الايات التى تؤكد ان الكتاب المقدس كتب لنا لكي نعرف ونؤمن ، فلا يوجد بينهم تناقض ، فالمعرفة مهمة ففي ” اشعياء 5: 13 ” قال ” سُبِيَ شَعْبِي لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ ” ، وفي “هوشع “4 “قد هلك شعبى لعدم المعرفة ” . بالتالى هناك ترابط بين المعرفة والايمان ، او المعرفة والروحيات ، فالاباء القديسين كانوا لاهوتيين لديهم معرفة وقديسين لديهم ايمان ، اى تطبيق لهذه المعرفة ، القلب لا يمكن ان يحب ما لا يعرفه العقل .
وعلينا بعد ان نعرف ان نطبق ذلك ، فلا يجب فقط ان اقول لاولادى ان يحبوا الله ، يجب ان اعرفهم من هو الله ، ولماذا احبه ، افهم ، اعرف وبعد ذلك اسلك وهذا منهج القديس بولس الرسول ، فالسيد المسيح حين سأل عن افضل الوصايا ، قال حب الرب الهك من كل عقلك وقلبك ومن كل فكرك .
اما فيما يخص الايمان والادلة ،هل من الخطا دراسة الادلة ، اكيد لا ، فاعمال الرسل في الاصحاح الاول تكلم عن الله اعطي تلاميذه براهين كثيرة ، وتحدث عن البراهين والشهادات انه يسوع المسيح ، ولكن الادلة ليست كل شيئ ، فقد قدم الله ادلة كثيره ولكن لم يؤمنوا به ، ومثلما حدث في اقامة العازر ، ايضا لم يؤمنوا به ، فالمشكلة هنا ليس عدم وجود ادلة .
لذا فاهمية الايمان ، انه بالايمان نبدأ نفهم ، فالمعرفة بدون ايمان لم تفهم ، فالقديس اغسطينوس يقول انه ” الايمان هو خطوة الفهم والفهم هو مكافاة الايمان ” ، الايمان هو هبة من الله وكذلك العلم والمعرفة .
لذا عندما نقارن بين العقل والايمان نجد ان الايمان هو معرفة الحقيقة ، والعقل هو معرفة بالحقيقة ،الايمان يشمل الثقة اما العقل فيشمل الادلة والبراهين ، الايمان يرفض التناقضات اما العقل يكشف التناقضات ، الايمان يبدأ بنهاية العقل ، اما العقل فهو يدعم الايمان ، الايمان يتفق مع العقل والعقل يتفق مع الايمان .
كيف نحصن اولادنا من تيارات العصر
يحكي جورج باسيليوس انه عندما كان يحاضر في امريكا جاء شاب وقال له ان ترك المسيحية ، وكان ذلك بسبب القراءات الخاطئة فانجرف الى التيارات الالحادية المعاصرة ، وقال انه يحتاج الى اثبات 100 % ان الله موجود ليؤمن بوجود الله ، فجاوبه ، انه لايمكن ان يعيش بإثبات كامل في كافة نواحي الحياة ، فقال له اعيش من خلال الاثبات الكامل ، فساله هل سافرت سابقا بالطائرة قال نعم سافرت ، فسالته هل ايقنت ان بنزين الطائرة كاف للطيران ، هل رأيت رخصة الطيار انها صالحة للطيران ، هل رأيت صيانة الطائرة للتأكد انها سليمة 100% ، قال لا ، فسالته اذا كيف استقليت هذه الطائرة بدون ان يكون لديك اثبات 100% انها ستصل بك في امان ، عرف حينها انه يعيش حياته بالايمان ، المشكلة لم تكن في البراهين والاثباتات بل هي مشكلة اخري يجب ان يعرفها اولا ثم يأتى للتحاور .
وقدم جورج باسيليوس نصائح عملية للاباء والامهات والخدام والكهنة ، حول كيف نتحاور مع اولادنا في الاسئلة الصعبة عن الايمان ، موضحا أن هناك قواعد لنسير عليها للاجابة بشكل منطقي وهى ، اولا ، الا نضطرب ، عندما يسألنى طفلي كيف يكون المسيح هو الله ؟ ، او ان صديق لي تحدث عن بعض الافكار ان الله غير موجود ، لذا علينا ان لا نضطرب ، لاننا نعيش في عصر المعرفة ، ولا يستطيع الطفل الادراك للتفرقة فنجد اولادنا يستقبلوا المعلومات من جهات كثيرة ، ويريدوا ان يميزوا ويتأكدوا من هذه المعلومات فيأتوا للخادم او احدى الوالدين ، ويخاف الكثير من الشباب من توجيه الاسئلة لان رد الفعل يكون مقلق ، لذا اذا كان امر صعب الا نضطرب ، لان احيانا تشكل هويتنا لدى اطفالنا ، حيث يري الخادم او الوالدين انه فشل في تربيه اطفاله ، وهذا غير صحيح ، فعلينا ان نسمع .
ثانيا ، جاوب على السائل وليس على السؤال ، فوراء كل سؤال سائل ، فعندما يسأل احد لماذا يسمح الله بالالم للذين يحبونه ، هنا الرد الايماني لن ينفع ، ولكن بالتركيز سنعرف ان هذا السائل لديه قصة اخري عن شخص قريب تألم رغم ايمانه . لذا يجب ان اسال السائل لماذا هذا السؤال ، وادخل للعمق لاعرف كيف اساعده ، كما يجب ان افهم الطفل ماذا يريد وماذا يقصد للتأكد من الفهم لما يريده والسبب لذلك ، كما يجب ان نتحاور مع اطفالنا ، ويكون الحوار بناء وذلك يحتاج الى الفهم ، وذلك من خلال حواري معه بلغته لكي افهمه .
ثالثا : تجنب اجابة أمن فقط ، بلا جدال او مناقشة ، يجب ان نقدم لاولادنا اجابة عقلية ومنطقية لتساؤلاتهم ، فليس لدينا ايمان بلا معرفة او معرفة بلا ايمان ، فليس لدينا ايمان اعمي بلا اجوبة .
رابعا ، لا تخف من القول لا اعرف ، وهى كلمة صعبة عند المصريين فهم يعرفون كل شيئ ، فيجب ان تتأكد انها اجابة مقبولة ، وهذا يوصلنا الى ان نبحث معا ، فاذا اخترعت اجابة ستشكك الطفل في مصداقية الخادم والوالدين ، فيجب ان نعلم اننا في عصر المعرفة .
خامسا ، استغلال الموارد المتاحة الموجودة ، وقد اصبحت الموارد موجودة في كل مكان ، لكن هل لدى الوالدين او الخادم الرغبة الحقيقية في المعرفة ، كما يجب عدم الخلط بين عدم المعرفة وعدم وجود اجابة .
سادسا ، ركز على الاساسيات ، يجب ان نميز ان هناك موضوعات اساسية ركز عليها الكتاب المقدس وموضوعات ثانوية بمعنى ان الكتاب المقدس تحدث عن شخص السيد المسيح وحياته ، وفى نفس الوقت تحدث عن طرق تعاملنا مع الارامل في الكنيسة . لذا نتحاور ونتناقش في الموضوعات الاساسية واعطي الادلة على ذلك ومن خلال هذه الموضوعات الاساسية استدل على الموضوعات الثانوية ، كما يجب ان نفهم الفرق بين الاسباب والاعذار .
سابعا واخيرا ، ربط الحقيقة بالحياة ، فليس دورى فقط ان اخزن المعلومات التى اصل اليها بل يجب ان اربطها بعلاقتي مع الله والاخرين ، وهنا ثلاث جوانب للاجابة ، فيجب على الخدام يدرك ان الشخص الذي امامي يدرك ويريد ان يعرف فيجب ان اعطيه معلومة جديدة ، كما يجب ان احرك اراداته وعقله من خلال التهاب قلبه ، من خلال التوبة وحب الحياه مع الله .
يذكر أن الخادم جـورج باسيليوس من أشهر الخدام المدافعين بالولايات المتحدة ، الذى تتلمذ على الكثير من الأساتذة مثل رافى زكارياس ، لى ستروبل ، وليم كريج .