على الرغم من الجهود الحكومية وغير الحكومية في مجال مكافحة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في مصر والمعروف (ختان الإناث)، إلا أن هذه الجريمة النكراء مازالت مستمرة، ووفقاً لمسح الجوانب الصحية 2015 92% من السيدات المصريات اللاتي سبق لهن الزواج من سن 15 إلى 49 مختونات.
وتطالعنا الأخبار والبيانات من الحين إلى الآخر بحالات وفيات أو مضاعفات تحدث للطفلات جراء إقدام أهليتها علي تشوية أعضائها التناسلية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح تطبيب ختان الإناث أمراً عادياً ومقبولاً ومنتشر بين الأطباء 82% من وقائع جرائم ختان الإناث يقوم بها أطباء، وعلاوة على ذلك يخرج علينا بعضً من رجال الدين المنتمين إلى مؤسسة الأزهر الشريف ليدافعوا عن ختان الإناث ويحللن هذه الجريمة النكراء لغير ابتغاء مرضاة الله، ويتحدث حول كون هذه الجريمة هي (مكرمة للنساء).
وطالعنا موقع صدى البلد الخبري في تصريحات منسوبة إلى الدكتور محمد نصر اللبان، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر ووكيل كلية الدراسات العليا بأصول الدين، حيث قال (الختان عموما مكرمة، أي فضيلة لمن تحتاج إليه، ولكن المسألة لا ترتبط بالشرع فقط ولكنها ترتبط بالطب أيضا، فكما قال الأطباء هناك بعض الفتايات يحتجن إلى هذا والبعض لا يحتجن، فالقضية هنا مرتبطة بالشرع وبالطب ولابد لمن يقوم هذه العملية أن يكون طبيبا مسلما يتصف بالعدالة).
هذا ما دفع مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي إلى إرسال سؤال لدرا الإفتاء المصرية نصه كما يلي:
(هل ختان الإناث سنة نبوية، أم محرم شرعاً؟) وجاءت الفتوى رداً على السؤال تحمل رقم 66386 بتاريخ 30/5/2018، ونصها كما يلي:
الجواب: فتاوي أمانة الفتوي:
الختان للمرأة هو قطع النواة (مقدمة البظر) من الأنثى، وهو غير واجب في الإسلام، بل من المصلحة منعه، وذلك لأن الشريعة الإسلامية لم تشتمل على نص صحيح صريح يوجب ختان الإناث أو يندبه، ولم يرد عن النبي –صلي الله عليه وسلم-أنه ختن بناته –رضوان الله عليهن-
وختان الإناث ليس من قضايا النسك والعبادات، وإنما هي قضية طبية عادية-أي من قبيل موروث العادات، والاعتماد على أقوال الأطباء ونصائحهم التي أقرت ذلك في أزمنه وتبين لها ضرر ذلك في أزمنة أخرى.
وما يتم في مصر وغيرها من قبيل الموروث لا علاقة له بالتدين، ويعد في أغلب ممارساته عدوانا في مفهوم الشرع الشريف؛ لما فيه من التجني على عضو هو أكثر الأعضاء حساسية، حتى إن هذا العدوان يستوجب العقوبة والدية الكاملة (كدية النفس) إذا أدى إلى إفساده.
كما مقرر في أحكام الشريعة الغراء، وعليه فما قرره وزير الصحة وأقرته محكمة القضاء الإداري موافق للشريعة الإسلامية، حيث كان نص قراره: ( يحظر إجراء عمليات الختان للإناث، سواء بالمستشفيات، أو العيادات العامة، أو الخاصة، ولا يسمح بإجرائها إلا في الحالات المرضية فقط، والتي يقرها رئيس قسم أمراض النساء والولادة بالمستشفى، وبناء على اقتراح الطبيب المعالج)، وكان تأييد محكمة القضاء الإداري سنة (1997م) نصه : (لا يمكن اعتبار قرار الوزير مخالفاً للدستور).
ومادام الختان عملا جراحياً خلت أحكام الشريعة الإسلامية من حكم يوجبه، فالأصل ألا يتم بغير قصد العلاج، فإن الجراحة أياً كانت طبيعتها وجسامتها التي تجري دون توافر سبب الإباحة بشروطه كاملة تعتبر فعلاً محرماً شرعاً وقانوناً، التزاماً بالأصل العام الذي يقوم عليه حق الإنسان في سلامة جسمه، وتجريم كل فعل لم يبحه المشرع يؤدي إلى المساس بهذه السلامة.
وعليه فالاستجابة لمنع الختان أمر لا يخالف الشريعة، بل تحث عليه الشريعة لما مر من التوضيح، ولما فيه من الضرر الذي أثبته أهل الاختصاص، والله تعالي أعلى وأعلم، وختاماً يطالب مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي بما يلي:
– نطالب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بضرورة النظر في الفتاوى والتصريحات غير المسؤولة لبعضً من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر لما يحملونه من رسائل رجعية أفله تسيء إلى وسطية الإسلام وتقدميه الأزهر الشريف.
– نطالب وزير الأوقاف بضرورة إدراج تحريم ختان الإناث ضمن الدوريات الرسمية لخطب أيام الجمعة والدروس الدعوية وتكراراها أكثر من مرة على مدار العام، فضلاً عن إدراج حقوق النساء ضمن جداول الدعاة والخطباء في المساجد ودور العبادة بعموم المحافظات.