تتحدثنا في الحلقة السابقة عن شريعة خروف الفصح، الذبيحة التي أمر الرب موسى أن يقدمها كل بيوت شعب اسرائيل كعلامة لافتدائه لكل ابكار شعب اسرائيل وخروجهم سالمين من أرض مصر بعد ضربة الأبكار التي مر فيها الملاك المهلك على كل بيوت المصريين وقتل كل بكر في أرض مصر ما عدا أبكار شعب الرب، لذلك أمر الرب موسى أن يأمر الشعب لكي يقدسوا كل بكر فاتح رحم للرب، بكر الانسان وبكر الثمار وبكر نتاج الأرض، و تقديس الأبكار هو إشارة إلى تقديم أفضل ما لدينا في كل حياتنا للرب.
خرج الشعب من مصر إلى أرض كنعان التي دعاهم الرب لها إلا أن الرب قد سمح لشعبه أن يتذوقوا ألم التيه في البرية لسنوات طويلة، لكنه لم يتخلى عنهم في برية سيناء بل قادهم واعتنى بهم بعمود السحاب نهاراً وعمود النار ليلاً، فالله في طريق جهادنا قد يسمح لنا بالضيقات لكنه يسندنا في كل طريق غربتنا على الأرض.
خرج شعب اسرائيل بكل ما له من ممتلكات فارين من فرعون، الذي خرج ورائهم بكل مركباته و فرسانه بكل قوته و كمال قدرته، فبدأ الشعب يتذمر على موسى. أما موسى فقال: “قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم الرب يحارب عنكم وانتم تصمتون” فقد كان الرب يستمع إلى صراخ موسى الصامت وقال له: “مالك تصرخ إلي؟” صرخ الشعب لموسى وهو يتراجع، أما موسى فصرخ إلى الرب وهو واثق أن الله يستطيع أن يتعامل مع الضيقة، فقد كانت صرخة موسى مملؤة إيماناً ورجاء أما الانسان الذي لا يصرخ إلى الله يمتليء قلبه خوفاً ويتراجع.
كان إيمان موسى قوياً واثقاً أن الله لابد أن يخلص شعبه، لأنه اختبر عمل الرب معه مرات كثيرة، فالانسان الذي يختبر عمل الرب معه يمتلئ قلبه سلاماً وسط الضيقات، وعندما نجح موسى في اختبار الإيمان هذا، امره الرب: “مد يدك على البحر” فانشق البحر وعبر الشعب، ووقف الماء كسور عن يمين الشعب ويساره، وعبر الشعب كله وانتقل عمود السحاب الذي كان يتقدمهم ووقف بينهم وبين جنود فرعون وكل قواته وفرسانه، ثم أمر الرب موسي بعد عبور كل الشعب: “مد يدك إلى البحر ورده” فرجع الماء إلى أصله وغرق فرعون وكل قواته في البحر الأحمر.. لذلك الانسان الذي يسير مع الرب عندما يواجه أمور تزعجه، عليه أن يطيع وصية الرب: “لا تخافوا.قفوا وانظروا خلاص الرب” ففي كل تجاربنا وضيقاتنا سواء الشخصية التي تخص حياة كل منا، أو عندما تواجهنا المخاطر في كنائسنا وتقف الضيقات في وجوهنا، نجد أننا نحتاج أن نصرخ إلى الرب وننتظر عمله، واثقين أن الرب لابد أن يخلص شعبه بيد عزيزة وذراع عالية. فعندما ننظر فخاخ أهل العالم الشريرة لا نضطرب بل ننتظر خلاص الرب بثقة ويقين أنه لابد أن يخلص شعبه.
في قصة العبور نجد أن الله يقود الانسان الروحي في اختبارات إيمان متدرجة، فعندما أمر الرب الشعب أمام البحر الأحمر أن يعبروا، أمر موسى أولا أن يمد عصاه فينشق البحر ويعبر الشعب على اليابسة في قاع البحر، أما بعد رحلة إيمان طويلة للشعب مع الرب وعندما وقفوا أمام نهر الأردن ليعبروا لأرض الموعد أمر الرب الشعب أن تدوس بطون أرجلهم أولاً مياه الأردن، وعندما يتقدموا في طريق البحر بإيمان فإن الله يشق البحر فيعبر الشعب. وهكذا يعلمنا الله أن نتدرج في اختبارات روحيه أكثر صعوبة ونحن معه في الطريق.
اخيراً، ارتبط خروج الشعب من العبودية في أرض مصر إلى الأرض التي تفيض لبنا وعسلا (وهي رمز لخروج الانسان من عبودية الشيطان إلى حرية مجد أولاد الله) بثلاثة أمور هي الدم (خروف الفصح) وترمز لفداء ربنا يسوع المسيح على الصليب، والفطير الخالي من كل خمير وهي اشارة إلى (تنقية الحياة والالتزام بحياة التوبة)، واخيرا المياة (مياة البحر الاحمر) وهي اشارة إلى المعمودية التي نعبر بها إلى الحياة الجديدة ، وهذه الثلاثة أمور الصليب والتوبة والمعمودية هي طريق خلاصنا وانطلاقنا إلى السماء.. فلا خلاص بدون صليب ولا بدون معمودية ولا بدون توبة .