يقول المزمور “سعيد هو الرجل الذى يتراءف ويفرض يدبر اموره بالحق” (مز112: 5) ويقول السيد المسيح من سالك فاعطه.. ولا تفرض اخاك بربا- فكيف نوفق بين هذه الامورحتى لا يكون فى حياتنا عثرة- لا نحو الله ولا نحو الاخرين؟
عزيزي.. المال وزنة.. منحك الله إياها – ان استخدمته حسنا سيأتي عليك بالنفع وعلى المحيطين بك – وإن اسأت استخدامه خسرته.. وقد يخسِرك أبديتك.. فالغني الذي لم يستفيد” بوزنة المال” مات ودفن.. أما زكا الذي قال “نصف أموالي للمساكين” فسمع “اليوم حصل خلاص لأهل هذا البيت” – وهنا يقول زكا: “نصف أموالي” وليس “كل أموالي” مع أن الوصية تقول “بع مالك” تعني “بع كل مالك” – فكيف يكون هذا الامر- الذي لأول وهلة قد نجد به تعارضاً.
يقول الكتاب “كونوا حكماء”.. يعنى فكروا واجهدوا التفكير – فالذي لا يفكر.. يشبه البهائم التي تأكل وتشرب وتتكاثر – لكن لا ابدية لها – (مز49: 20) انسان يشبه البهائم التي تباد.
وعن زكا الذي قدم نصف أمواله للرب.. لأنه كان رجل أعمال وعليه التزامات تعادل50% من ثروته، فلا يملكها إنما هى ديون عليه يسددها لاصحابها – فليس معنى أنك تعطى للمساكين أو الله انك تسرق الاخرين! هذا حرام حرام حرام – وهذا ما كان يعمله الكتبة ورؤساء الشعب – يظلمون الناس ليقدموا القرابين – لذلك وبخهم السيد المسيح.
إن عبر الشهر بمصاريفه وخيره وشره وتبقى لديك مبلغ – لا مانع أن تدخره في أحد البنوك التي تجمع هذه الأموال وتصنع منها استثمارات ومشروعات تفيد البلد وأولادنا وتشغل المصانع الكبرى وتعود بالنفع على اصحاب رأس المال – هذا النفع يسمى فائدة رأس المال – فالمال بيشتغل كما فى مثل الوزنات بيربح – والبنوك تقوم بعمل البشر العاديين..
هناك أغنياء لا يجيدون انشاء مشروعات كبرى كالحديد والصلب ومترو الانفاق ومشروع قناة السويس وتوسيعها.. هذه القروض قد تكون على مستوى الأفراد أو الدولة.. وفائدة رأس المال فى هذه الأمور الاستثمارية مشروعة لأنها تقوم على المكسب والخسارة – وللعلم فالبنك يمكن أن يكسب 20% فيوزع 10% فقط وال10% الاخرى تكون احتياطى للسنوات العجاف التي لا تكون فيها الأرباح متوافرة بنفس القوة. والاستثمارات وردت في الكتاب، فالعبد الذي أثمرت وزناته سمع “نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينا على القليل أقيمك على الكثير أدخل إلى فرح سيدك” أما الذي لم يستثمر الوزنة بل دفنها سمع “أيها العبد البطال” – قيل وللعبيد “اطرحوه خارجاً حيث الظلمة الخارجية واالبكاء وصرير الاسنان”
ما يقال عن المال كوزنة – يقال عن العلم والفكر والأعين والسلطة فهناك من له عيون لكنه يتعامل كالأعمى الذي لا يبصر فالويل له كل الويل – وهناك من لديه فرصة لكي يتعلم لكنه يهرب من المدرسة فالويل له لأن الذي يهرب من العلم (النور) سيقضي حياته في ظلمة (الجهل) مدى الأيام.
والخلاصة يقولها داود “سعيد هو الرجل الذي يتراءف ويقرض ويدبر أموره بالحق” – والحكمة تقتضى أن تكون أنت هو هذا الرجل – فهل انت كذلك؟