تتشابه أيامها.. تتزاحم في عقلها الأفكار.. تريد أن تهرب من الواقع والبقاء فيه في نفس الوقت. عيناها كانت تنطق بالحزن. وكانت دمعة تطل من خلف التجاعيد التى ملأت وجهها.. كانت تسأل نفسها كيف تبدل الحال؟ كيف تركها الجميع؟ استيقظت من نومها لتجمع حجارة الأيام لتبني جسرًا بين الحقيقة والخيال بعد أن أصبحت الوحدة مصيرها.. وقتلت طفولتها السنين وشعرت أنها محبوسة في زنزانة الحياة.. إنها النفس البشرية التى أرهقتها الوحدة وذاقت قسوة الأيام.
وذات صباحٍ وبعد ليلٍ طويلٍ وقد انتحر الظلام وخرج النور، إذ بصوت دافيء من خلف السحاب يهمس في أذنيها ويداعب مشاعرها ويقول وكأنه كان يخاطب جموع كثيرة ولكن كل واحد بإسمه قائلاً: “أنت لست وحدك في هذه الحياة”. إنه صوت الرب يسوع وقد ضمها في صدره وأعطاها رسالة بعنوان “أنت لست وحدك” .. وقال لها إنها رسالة لكل من إهتز إيمانه أمام قسوة التجارب المريرة وإمتلأت نفسه من الضغوط وإكتفى بالصمت.. ولكل من إنهزم أمام خطية وإنكسرت نفسه في داخله.. ولكل من ضاع هدفه في هذه الحياة وتاه في شوارع اليأس.. ولكل من خبأ ضعف معين بين ضلوعه ولم يستطيع التحدث عنه.. ولكل من يقف على أبواب الآخرين متوسلاً أن يقبله أحد أو يعطيه جرعة من الحب والحنان..
ثم رأت يد الرب يسوع تمتد وتمسح دموع إيليا النبي بعد أن بكى من ظلم إيزابل وشعر أنه لا يوجد من يخلصه من يدها.. وتمسح دموع يونان النبي بعد أن ماتت الشجرة التى كان يستظل بها ولم يعد له سند في هذه الحياة.. وتمسح دموع حزقيال النبي بعد موت زوجته ولم يعد له معين نظيره في هذه الدنيا.. وتمسح دموع إرميا النبي بعد أن ضاق به الحال وبكى قلبه في داخله.. وتمسح دموع تلميذه بطرس وتخلصه من ضعفه.. وتمسح دموع المرأة الزانية وتخلصها من ظلم اليهود.