سفر الخروج هو أحد الأسفار التاريخية في الكتاب المقدس وهو السفر الثاني في ترتيب أسفار العهد القديم، وأحد أسفار موسى النبي الخمسة (توراه موسى) والسفر يتحدث عن خروج بني اسرائيل من أرض مصر- حيث استعبدهم المصريين لسنوات طويلة – إلى أرض الموعد حيث خرج الشعب ليعبدوا الرب إلههم في الأرض التي وعد أبونا إبراهيم أن يعطيها له ولنسله من بعده، وقصة السفر تشير بصورة واضحة إلى رحلة خروج الإنسان المسيحي من عبودية الشيطان والخطية وتحرره ودخوله إلى الملكوت السماوي. والسفر يحكي طريق هذه الحرية.. ووسائلها.. وبركاتها.. وعمل الله لمساندة هذا الخروج .
1. مقدمات وخلفيات في سفر الخروج
• تسميته : سمي السفر بسفر “الخروج” لأنه يحكي قصة خروج بني اسرائيل من أرض مصر وخاصة في الاصحاحات (13-15) . وحادثة الخروج هذه وانشقاق البحر الأحمر أمام الشعب هو من أهم أحداث الكتاب المقدس ومن أهم الأحداث التاريخية، وأيضا من أهم الاختبارات الروحية في حياة الانسان.
• كاتب السفر هو موسى النبي كتبه حوالي 1450 سنة ق . م وأحداثه حقيقية حدثت في فترة حكم فرعون مصر ( تحتمس )، وتم الخروج جغرافيا في المنطقة الكائنة جنوبي منطقة السويس والإسماعيلية حالياً.
• السفر يقدم موسى كشخصية تاريخية كقائد.. ومشرع.. وخادم.. إلا أن أهم ما يميز شخصية موسى أنه صار مثالاً حياً للسيد المسيح، لذلك شهد عن حياته الرب يسوع نفسه قائلاً ( كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الانسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية( يو٣: ١٤).
• سفر الخروج يؤكد فكرة أن الله ينزل لخلاص شعبه وكما كان موسى في القديم مخلصاً لبني اسرائيل، وكما نظر الله في السفر إلى مذلة شعبه.. ونزل ليخلصهم ( خر٢: ٢٥) كذلك فعل الرب في العهد الجديد.. فالله من أجل محبته لشعبه وباختياره الكامل تنازل عن مجده لكيما يخلص شعبه.. وبهذا يظهر أن العهد الجديد كان مخفياً في العهد القديم، والعهد القديم استعلن بأغلب أحداثه في الجديد.
• سفر الخروج سفر الحديث عن الحرية من عبودية الخطية والشيطان، وأيضا الحرية من عبودية الذات.. فعندما تخلى موسى عن ثقته بذاته واعتماده على قوته لكيما يخلص إخوته.. استخدمه الرب لكيما يقود شعبه ليعود إلى أرض الموعد. فالخادم الناجح هو الذي يتحرر من ذاته.
• سفر الخروج يشرح ارتباط الوصية الإلهية بالخيمة والعبادة ففي السفر أخذ موسى الوصايا من يد الرب وأيضا اهتم أن يصنع للرب مسكنا ليعبده الشعب، وهو بهذا يؤكد على ضرورة عدم انفصال المعرفة الروحية واللاهوتية عن الحياة والاختبار الروحي.. فلا معنى أن تمتليء رؤوسنا بالمعارف الروحية النظرية بينما لا نهتم أن نعيش بها ونختبرها عملياً.
• سفر الخروج سفر يرتبط بحياة البرية والهدوء وهو بهذا يؤكد أن الإنسان الروحي يحتاج دائما لفترات من الهدوء تساعده أن يتعرف على الله وتحفزه ليتحرر من خطاياه.
• سفر الخروج هو سفر يتحدث عن مفهوم الخلاص وعن ارتباط الخلاص بسفك الدم.. فكما كان ذبح الفصح هي بداية طريق الخلاص من العبودية كذلك كان موت ربنا يسوع على الصليب فداء للعالم كله وسبب خلاص لكل البشرية “بدون سفك دم لا يمكن أن تحدث مغفرة” (عب٩: ٢٢)
• سفر الخروج يشرح رحلة الإنسان المسيحي نحو الملكوت السماوي ولا ينفي أن هناك صعوبات ينبغي أن نعبر بها في طريق خلاصنا فرغم أنه يحكي بداية طريق الحرية والخلاص من الخطية، إلا أن الشعب عانى في الطريق مدة أربعين سنة حتى وصلوا أرض الموعد، فعلى الإنسان أن يجاهد في طريقه للسما.. لا نكلل إن لم نجاهد قانونيا.
• اخيراً.. سفر الخروج يؤكد أن الخلاص يرتبط بالفرح والتسبيح فكما رنمت مريم وكل الشعب للرب بعد خلاصهم من يد فرعون، هكذا يجب أن تمتليء حياتنا كمؤمنين بالفرح والخلاص من أجل الفداء الذي صنعه ويصنعه الرب كل يوم من أجل خلاصنا.. حتى وإن امتلأت حياتنا بالمصاعب والآلام .