تحتفل الكنيسة القبطية اليوم بتذكار القديس يوسف النجار، والقديس يوسف النجار هو سيرة عطرة لأب حنون وقديس عظيم بل هو المعظم وسط القديسين، هذا الرجل البار الذي قد إختاره المسيح يسوع حافظا و صائنا لسر التجسد الإلهي كما إختاره أيضا ليحافظ و يرعى أمه القديسة العذراء والدة الإله مريم، هذا الرجل الذي يجب أن نعظمه والذي يجب أن يلقى منا كل التكريم و التبجيل و هوالذي كان أول من شاهد و عاصر أحداث الميلاد كلها
بداية حياته
يوسف هو ابن يعقوب ابن متان ابن اليعازر…ويمتد سلسلة عائلته إلى داود النبي و الملك ومنه إلى يمتد إلى سبط يهوذا ابن يعقوب ابن اسحق ابن ابراهيم…ولد القديس يوسف بمدينة بيت لحم بأورشليم وكان يعمل نجارا بسيطا فيقوم بعمله كمثل أي شخص عادي ولكنه كان بارا و عاش حياته بتولا لمدة أربعون عاما لم يكن متزوجا في تلك الفترة ولكنه تزوج فيما بعد، كما هو مكتوب في السنكسار( لمدة اثنين و خمسون عاما وتوفيت زوجته و صار أرملا تسعة عشر عاما لتكن حياة هذا البار مائة و احدى عشرة عاما.
وفي أحد الأيام بينما هو جالس في مكان عمله سمع بفتاة فائقة الجمال و الروعة تعيش بهيكل الله و تخدمه بكل طهارة و وداعة وهم يقومون بجمع عصي جميع رجال بني إسرائيل لينظروا من سيقوم برعايتها أو ليتزوجها واخذوا عصاته لعله قد يختاره الله فقام الكاهن زكريا بن براخيا بالصلاة و التقدمات إلى الله وفيما هو يصلي سطع نورا بهي فوق تلك العصا، وليس هذا فقط بل أفرخت و أثمرت تلك العصا العجفاء اليابسة، وما كانت تلك العصا سوى عصا هذا الرجل البار القديس يوسف النجار وحينها قام الكاهن زكريا بإعلان اسم الشخص صاحب العصا.
كانت مفاجأة لهذا الرجل الكبير في سنه وقابل زكريا الكاهن وقال له إرحمني يا أبي الكاهن أني رجل عجوز كيف أقوم انا برعاية تلك الفتاة الصغيرة.. ماذا سيقول الناس عني وانا في تلك الشيبة ولن يصدقوا أنها خطيبتي، .فقال له الكاهن زكريا يوسف لم يكن هذا الأمر بإرادتي وإنما بإرادة الله الواحد فهل سأعصي إرادته…وقريبا ستتم تلك الخطبة، وبعد ذلك تمت الخطوبة وإنتقلت القديسة مريم العذراء إلي بيت القديس يوسف ولم يلمسها أبدا، ولم يخطر بباله ذلك لأنه يعلم أنها عذراء الهيكل ومن المؤكد أنها تريد أن تكون بتول عفيفة فكان يعاملها كأخت له وصارت تلك الفتاة الصغيرة تخدمه كأب لها أو كأخ أكبر، وكانت تقوم بكل الأعمال المنزلية لتعاون هذا الشيخ الكبير كما أنها كانت تساعده أيضا في عمله.
في أحد الأيام وبعد بشارة رئيس الملائكة العظيم جبرائيل (غبريال) بدأت بوادر الحمل عليها ولاحظ القديس يوسف ذلك وبدأ الناس يكثر حديثهم الباطل نحو عذراء الهيكل البتول الطاهرة و الشيخ العجوز يوسف النجار…وحينما عاد القديس يوسف من عمله إلى البيت جلس في غرفته يفكر كثيرا و كثرت التساؤلات حول رأسه، هل هذه تلك العذراء البتول التي أتى بها من الهيكل المقدس؟…أنه لم يعرفها ولم يلمسها قط فكيف حدث هذا الحمل وممن حملت إان لم يكن لم يلمسها؟..
دارت الأسئلة و الشكوك في رأسه بينما العذراء مريم تصلي باكية إلى الله بعدما أدركت ما يدور في ذهنه من شكوك و أسئلة محيرة…وفيما كان القديس يوسف يفكر في الأمر فتوصل إلى حل قد يقلل من حجم تلك المشكلة فعزم أن يتركها سرا ويرحل بعيدا لحين أن تتم الولادة)وهنا تظهر حكمة القديس يوسف فلو كان أحدا غيره لكان قام بتشهيرها أمام سائر بني إسرائيل ويقومون برجمها(…وبينما كان يفكر في هذا الأمر نام من كثرة التفكير
فظهر له ملاك الرب قائلا له: يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امراتك لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس فستلد ابنا و تدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم هذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل هوذا العذراء تحبل و تلد ابنا و يدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.
فإستيقظ القديس يوسف من نومه وظل بجانب القديسة مريم إلى أن جاء ميعاد الإكتتاب وسافر بها إلى بيت لحم بعد أن كانوا يسكنون بمدينة الناصرة وكان هذا في أواخر الشهر التاسع من الحمل الذي بلا دنس وكان القديس يوسف يبحث عن مكان لتضع مولودها وأخذ يبحث عن فندق أو منزل لترتاح فيه العذراء من تعب الولادة، لكنه لم يجد مكان دافئ وبينما هو يبحث أرشده أحد أصحاب الفنادق إلى مزود أو حظيرة أبقار و المواشي حيث وجده دافئا ومناسبا لكي تضع القديسة مريم مولودها وحينها قام القديس يوسف مسرعا لسالومى القابلة لكي تقوم بتوليدها، فذهبت مسرعة معه فوجدوا طفلا رائعا بل هو الأبرع جمالا من بني الشر طفلا يبدو عليه السلام
الهروب إلى مصر
وفي تلك الأثناء كان القديس يوسف نائما ليلا فظهر له ملاك الرب قائلا له:” قم و خذ الصبي و أمه و إذهب … إلى أرض مصر لأن هيرودس الملك مزمع أن يقتل الصبي.” فقام القديس يوسف مسرعا و لم يفكر في تعب و مشقة السفر الطويل و هل ستطول تلك الرحلة ولم يفكر في تلك الأشياء كلها بل كان كل هدفه الحفاظ على الطفل الصغير و أمه فأيقظ القديسة مريم من النوم و أخبرها بالأمر فقامت مسرعة و ربطوا الأمتعة على ظهر الحمار الذي كان يستخدمه القديس يوسف في عمله وحملت الطفل وأسرعوا خارجين في منتصف الليل بعيدا عن ورشليم ذاهبين إلى أرض مصر ولتلاحظ عزيزي القارئ عدم مجيئهم لمدينة الأسكندرية وهذا يرجع السبب إلى تمركز السلطة الرومانية في الأسكندرية كما أنها البلد الأقرب لروما من ناحية الشمال.
تحمل القديس يوسف مشاق تلك الرحلة الطويلة ولكنه كان صبورا لا يعرف الكلل او الملل ولا العناء المهم الآن هو الحفاظ على الطفل و أمه واستمرت الرحلة الشاقة لمدة ثلاث سنوات، علم هيرودس أن الطفل يسوع لا يزال موجودا وهو الآن بمصر فأرسل فرقة من الجنود للتفتيش و البحث عنه، وحين حدث هذا كان القديس يوسي شقيق يعقوب أبناء مريم ابنة خالة العذراء مريم فلم يتوان القديس يوسي بأن يذهب إلى مصر و يسأل عنهم ليحذرهم كانوا في تلك الأثناء في منطقة جبل الطير بصعيد مصر، فأسرع إلى هناك و أخبرهم بأن يسرعوا في الهرب لأن جنود الملك هيرودس، قادمون يبحثون عن الطفل وحينما أعلمهم يوسي بهذا مكث معهم قليلا ولكنه تنيح بسلام بعد ذلك.