يحكي أن أحد المعلمين دخل فجأة أحد الفصول ووجد الطلبة يتسامرون معا بلعبة الضاما,وعندما شاهدوا معلمهم ارتبكوا وللتو توقفوا عن اللعب,لكنه هز رأسه بكل لطف سائلا إياهم:أتعرفون قوانين لعبة الضاما؟لكن أحدا لم يفتح فاه نتيجة الخجل,أما هو فأجاب علي السؤال بنفسه قائلا:سأشرح لكم قوانين اللعبة,أولا:غير مصرح لأي فرد أن يتخذ خطوتين,ثانيا: مسموح بالتحرك للأمام فقط وعدم العودة للخلف,ثالثا: عندما يصل المرء إلي فوق,يستطيع أن يتحرك كيفما شاءهذا الدرس يساعدنا علي التحلي بفضيلة الصبر,لأننا نعيش عالما فيه الغالبية العظمي تركض بلا توقف دون أن تفعل شيئا وفيه كثير من الشباب يرفض اتباع مراحل ومحطات العمل والحب والنجاح,كما أننا نعيش في عالم لا نتحمل فيه أي مشاكل أو أمراض أو مصائب تحل علينا,أيضا كل منا يريد كل شيء يتم في اللحظة وهنا وبسرعة إذا نستطيع أن نلخص هذا كله في فقداننا فضيلة الصبر,وهناك أمثلة عديدة توضح ذلك:نتابع السيارات أثناء وقوفها في إشارة المرور,فعندما تتغير من الأحمر إلي الأخضر نسمع آلات التنبيه في سيمفونية تخرج من جميع السيارات حتي ينطلق الجميع دون أي صبر,أيضا كنا نسافر إلي بلاد بعيدة ونتصل بعد عدة أيام لنطمأن الأسرة والأحباب,لكن الآن نتواصل معهم بالتليفون المحمول لحظة بلحظة,كم من المعارك والخناقات تحدث لأتفه الأسباب ويضيق صدر الجميع لقبول ملاحظة الآخرين لذلك نتعلم من كلام المعلم للطلبة كما بدأنا به موضوعنا:أن نتحلي بالصبر,وهو أن نسير خطوة تلو الأخري حتي ننمو وننجح في الحياة اليومية ثم نتقدم في الفضيلة متجهين دائما إلي الأمام دون الرجوع للخلف,وأخيرا عندما نصل إلي النضج في الفضيلة,سيصبح سلوكنا الحسن وعملنا الخير تلقائيا فإذا تأملنا فيما يحتمله الآخرين من الشدائد والمحن الجسيمة يهن علينا حمل متاعبنا الخفيفة, وإن كنا لانظن إنها خفيفة,لعل السبب في ذلك قلة صبرنا ولكن إذا تحملناها بصبر ومعنويات مرتفعة وثبات سيخف حملنا والصبور حقا يحتمل كل مايصيبه من مضايقات مهما عظمت وكثرت ويقبله شاكرا لله تعالي ويحسبه ربحا عظيما.
كم من أشخاص انغلقوا علي ذاتهم بين أربعة جدوان مكتفيين بعالمهم الخاص منتظرين أن يأتيهم شعاع من النور لينير لهم أذهانهم حتي يعرفون سر وجود الشر في العالم؟ولكن الذين يؤمنون بالله حقا يشعرون بوجوده دائما في حياتهم اليومية بالرغم من الصعوبات التي يمرون بها ويسمعون صوته من خلال الأحداث التي تمر بهم كل يوم,حتي ولو من خلال صوت خافت يتخلل الضوضاء التي تحيط بهم, كما يحثنا القديس يعقوب في رسالته قائلا:وأما أنتم يا أخوتي فاصبروا منتظرين عودة الرب خذوا العبرة من الفلاح,فهو ينتظر أن تعطيه الأرض غلالا ثمينة صابرا علي الزرع حتي يشرب من مطر الخريف ومطر الربيع واقتدوا, يا أخوتي في احتمال الآلام والصبر عليها,بالأنبياء الذين تكلموا باسم الرب وقد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم كيف عامله الرب في النهاية,وهذا يبين أن الرب كثير الرحمة والشفقة5:7-11,لكن في الواقع نحن نسمع في حياتنا اعترافا من الكثيرين هكذا:أنا لا أحب الانتظار,لا أحب الانتظار في الطابور,لا أحب انتظار دوري لا أحب انتظار القطار,لا أحب الانتظار قبل دينونة الآخرين,لا أحب انتظار اللحظة المناسبة,لا أحب انتظار يوما آخر,لا أحب االانتظار مطلقا, لأنه ليس لدي وقت ولا أحيا اللحظة االتي بين يديلكن فضيلة الصبر تظهر لنا نضوج الشخص في كل تصرفاته اليومية مع الآخرين,وهي أخت الشهامة وسماحة الطبع وسمو المسلك ونبل الروح ورفيقة الحكمة لأن الريح العتية لاتزحزح الجبال الشامخة ونختم موضوع الصبر بهذه االمقولة:ألمع المؤمنين هم الذين تخرجوا من مدرسة الآلام.