كلير غايس : خدمتى للصم وضعاف السمع استمرت 35 عاما
إمرأة تحمل من الثقافة والرقى ما يجعلها ترتقي وظائف عليا دبلوماسية أو إعلامية أو غيرها …لكنها اختارت طريقا آخر يحتفظ برقيهاو ثقافتها ومعرفتها ولكن يحفر إسمها فى عالم العطاء والخدمة و يزيدها من حب مخدوميها. …
ماذا عن دراستك وهل كان لها علاقة بخدمتك؟
انا خريجة تربية رياضية عام 1979 ولم يكن ميولى أوإهتماماتى إطلاقاً أن أدخل كلية تربية رياضية ولكن ذهبت مع صديقة لى أثناء الإختبارات بالكلية الخاصة بها ، ويومها قدمت نفسى فى الكلية وفوجئت عند ظهور نتيجةالإختبارات بأننى نجحت وصديقتى رسبت،بل و حصلت على تقديرات عالية أثناء دراستي فى الكلية وكنت من العشرالأوائل عند التخرج،وطلبت من الله وقتها أن يستخدمنى لخدمة أى عمل به إعاقة لأننى أحب خدمتهم.
ما الدافع وراء هذه الخدمة التى لم يلتفت لها الكثير؟
الذى غرس في حب الخدمة هو والدى ، فهو المطران المنتقل إلى المجد” غايس عبد الملك ” مطران الكنيسة الأسقفية السابق، وفى الوقت الذى تخرجت فيه من الجامعة كان والدى قساً على الكنيسة الأسقفية بمصر القديمة، وأعلن وقتها والدى فى الكنيسة أن هناك رجلاً هولندى الجنسية قادم إلى الكنيسة ويريد عمل إجتماع مع من يريد أن يعمل ويخدم مع الصم وضعاف السمع، وأن من سيتم إختياره من المتقدمين سوف يدرس ثلاث سنوات فى لبنان،وتقدم لـ “الإنترفيو” الاجتماع خمسة أفراد وكنت أنا من بينهم وقد وقع الإختيار على شخصى،وفور علم والدى بذلك غضب ظناً منه أنه تم إختيارى لأنى إبنة قس الكنيسة،ولكن الرجل الهولندى أكد لوالدى أنه قام بإختيارى بسبب أنه وجد فى محبتى لخدمة الصم،وبسبب دراستى الجامعية فى مجال التربية الرياضية، وهنا أدركت أن دراستى لم تكن صدفة ولكن بترتيب إلهى
هل سافرت بالفعل إلى لبنان؟
بالفعل ذهبت للبنان للدراسة وقطنت فى شقة لمدة ثلاثة اشهر موموجود بها 4 من الصم وكنت أنا الوحيدة بينهم أسمع وكانت فترة صعبة بالنسبة وكنت مترددة أن أكمل دراستى فى لبنان،وقررت السفر الى مصر لقضاء العيد هناك ولكنى صليت الى الله وفتحت بعدها الكتاب المقدس وقلت لله أريد منك أن ترشدنى ووجدت المزمور “92 ” عدد ” 12″ ووجدت الآية” الصديق كالنخلة يزهو كالأرز فى لبنان ينمو” ، و فتحت الكتاب المقدس مرة أخرى ووجدت إنجيل فى انجيل مرقس اصحاح 10 الآية 29 التي تقول” ليس أحد ترك بيتا أو إخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو إمرأة أو أولادا أو حقولا لأجلى ولأجل الإنجيل إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتا أو إخوة وأخوات وأمهات واولادا وحقولا مع اضطهادات وفى الدهر الآتى الحياة الأبدية” وتأكدت بعد قراءتهم أن الله يريدنى أن أسلك فى هذا الطريق وتملكنى سلام غير عادى،وبعد أن قضيت العيد فى مصر ذهبت الى لبنان مرة أخرى ودرست هناك من عام 1979حتى 1981 ،وأيضاً سافرت الى إنجلترا وعملت هناك مساعد مدرس للصم، ولم يكن ذلك فقط بل درست أيضاً فى جامعة بأمريكا وأصبحت مترجمة للصم.
متى بدأت فى تأسيس مدرسة الصم؟
عام 1982 بدأت فى تأسيس مدرسة للصم بمصر القديمة وكانت أول مدرسة داخلية مسيحية وبدأت بأربعة أطفال عمرهم 6 سنوات ومدرسة ومربية والأطفال الأربعة، – وهم الآن متزوجون ويعملون – ، وقد توسعنا فى المدرسة بعد ذلك وقد تم تسجيل المدرسة عام 1993 لدى الجهات الرسمية بإسم “جمعية الناردين المسيحية للخدمات”، حيث تم اشهارها تحت مظلة الشئون الاجتماعية ووصل عدد الأطفال الملتحقين بالمدرسة الآن 70 طفلا وطفلة من كل أنحاء مصر ويقيمون فى المدرسة إقامة كاملة حتى سن 12 عاما للأولاد، و16عاما للفتيات وبعدها يلتحقون بالمدارس الحكومية للصم ، فيتعلم فيها الصم بأجر رمزى وفقاً لمن يستطيع من الأسر وتقوم الكنيسة الأسقفية بالتبرعات للمدرسة .
ما الهدف من هذا العمل الخدمى؟
وحدة أو مركز تأهيل ضعاف السمع يقوم بخدمة العائلات الفقيرة التى لديها طفل معاق سمعيا وليس لديه فرصة الإلتحاق بإحدى المدارس المتخصصة، وكذلك رعاية شباب الصم فى سن المراهقة، كما يقوم بتدريب أسرهم وتعليمهم لغة الإشارة فالهدف من المدرسة تعليم الصم تعليما جيدا وبناء وعى المجتمع بأن الأصم يستطيع أن يعمل فى كل شىء ولكنه يحتاج الى المحادثة وعملنا بالفعل على تعليم لغة الإشارة للمدرسين،و نقوم أيضاً بتعليم الصم سلوكيات سواء فى السير أو المأكل أو الحركة لأنهم لايسمعون وبالتالى فإن حركتهم ومشيهم يصدرون أصواتاً وتزعج الأخرين لذلك حرصنا على تعليمهم هذه السلوكيات، كما أن هناك تدريب معنى لتأهيلهم للاندماج فى المجتمع، وهناك أيضا العيادة السمعية للكشف على الصم وقياس السمع وعمل قوالب السماعات، وكنيسة الصم ، وأيضا نادى الصم
ما شعورك حينما تخرج من المدرسة اول دفعة؟
شعورى عندما أسست المدرسة وتخرج منها أول أربعة صم هم الذين إلتحقوا بها عام 1982 شعور لا يوصف وكانت سعادتي لاتقدر فأنا أحب الصم جداً وأحب خدمتهم وأعتبرهم جميعاً اولادي فأنا أم لهم جميعاً.
الحمد لله فأنا زوجى مؤمن برسالتى تجاه الصم وكذلك ابنى الوحيد والذى يعيش الآن فى كندا فهو مؤمن بخدمتى وعملى مع الصم ويعرف لغة الإشارة وعند زيارته لمصر يلتقى بهم ويلعب ويحكى معهم.
وما ثمار مدرسة الصم وضعاف السمع؟
الآن هناك عددا من الصم من الشباب والشابات تزوجوا من بعضم بعضا ومنهم من أنجب أطفال صم،فأنا الآن لست أما للصم فقط ولكنى أصبحت جدة لأبنائهم،ومنهم أيضاً شباب يعمل فى ورش النجارة الخاصة بالجمعية ويتقاضون أجر نظير ذلك. وهناك 70 شابا وفتاة من الصم ملتحقين بالجامعات ولهم مترجمين للغة الإشارة ، كما نقوم بالعديد من الدورات التدريبية ومنها دورة تدريبية بين المركز الثقافى القبطى وجامعة عين شمس وذلك لتعليم لغة الإشارة للصم.
كيف واجهت الصعوبات فى خدمتك وما الصعوبات التي يواجهها الأصم ؟
أتذكر أنه فى إحدى المرات قامت الشرطة بالقبض على 2 من الصم فى احد المقاهى بالقاهرة ووضعوهما فى حجرة مع آخرين بقسم شرطة الأزبكية وقام الصم بكتابة تليفونى للضابط هناك وأتصل بى قسم شرطة الأزبكية وذهبت على الفور وقمت هناك بالترجمة للصم حيث أنه تم القبض عليهم بالخطأ أثناء تواجدهم بالتحرير وفى الصباح تم عرضهم على النيابة وخرجوا،فالصم يواجهون مشاكل كثيرة فى المجتمع وحقوقهم مهضومة،لذلك نطالب بتفعيل المواد الموجودة فى الدستور لذوى الإعاقة وأن يكون لهم الحق فى التعليم والتأمين الصحى ولايغلقون الأبواب فى وجههم حيث أنه يوجد فى مصر الآن 3 مليون أصم ، ويوجد حوالى 102 مدرسة خاصة لتعليم الصم
كيف كان استعدادك فى هذه الخدمة ؟
والدى كان سنداً لى فى كل حياتى وأعطانى الحرية وكان يساعدنى فى الخدمة ويشجعنى وكان يجمعنا كل يوم خميس للصلاة مع بعضنا وكان يساندنى ويوجهنى فى كثير من المشاكل وكان بالنسبة لى مرجع فى كل شىء،فعملى مع الصم وضعاف السمع استمر لمدة 35 عاماً وأرى تعاملات الله فى حياتى كل يوم يساعدنى ويعضدنى ويرسل المعونة فى الخدمة وهذا يقوينى كثيراً