إن الموسيقي هي غذاء الروح وبها تلتهب المشاعر والإحاسيس لتاخذك بعيداً في سماء صافية خالية من أصوات الصراعات وضغوط الحياة ، وتصفى العقول والقلوب وتزول الهموم عند ساماعها، واليوم قمنا بإجراء حوار مع احد العازفين لألة ثرية جداً، يشتاق الجميع لسماعها وسط المقاطع والألحان الموسيقية.
أجرت وطني نت حواراً مع العازف المتميز ناصف نظمي الذي ذكر لنا في بداية حواره معنا بأن الموسيقى بالنسبة له؛ هي عشق وليس مجرد حب.
فقد عشق ناصف نظمي الموسيقى منذ طفولته ؛ليصبح في شبابه صانع لآلة من أروع الآلات الثرية للموسيقى الشرقية وهي آلة ” القانون “.
وقد قمنا بطرح عدة أسئلة على العاشق لموسيقى القانون العازف والصانع ” ناصف نظمي ” ليكشف لنا أسراره مع القانون.
وعن سؤال العزف ناصف نظمي عن بداية قصته مع الموسيقى فقد ذكر الفنان قائلاً: ” إن الموسيقي بالنسبة لي هي عشق من الصغر، وعندما كنت صغيراً كنت أتوجه دائماً لغرفة الموسيقي، لدرجة إنني كنت أهرب من الحصص الدراسية لكي أحضر حصص الموسيقي الإضافية، لأن حصتين موسيقى في الأسبوعية لم تكن تشبعني بالقدر الكافي.
· ماذا عن فترة دراستك بوجه عام .
بما إنني كنت أعشق الموسيقي؛ ففي المراحلة الإعدادية، كنت أشارك مع فرقة الموسيقي التي كانت تزف طابور الصباح والنشيد الوطني.
أما في المرحلة الثانوية؛ كنت أعزف على آلة الأوكورديون، ثم إلتحقت بكلية التربية الموسيقية بالزمالك، بعد أن قمت بإجتياز إمتحان القدرات في التربية الموسيقية بسهولة ودون عناء، لأن الموهبة كانت موجودة من الصغر.
وكنت أتمني أن أصبح عازفاً للجيتار، ولعدم وجود الآلة بالكلية قمت بإختيار ألة أخرى.
الأسرة مع الأسف كانت ترفض فكرة الإلتحاق بالكلية، فقد كنت أود أن ألتحق بالثانوية الموسيقية، ولكن أسرتي رفضت ذلك؛ فأطعتهم لأننى لم أكن أملك قراراتي في هذا العمر، وألتحقت بالثانوية العامة، وبعد أن أنهيتها تمسكت بحلمي وألتحقت بكلية التربية الموسيقية بالزمالك، لذلك يجب ترك مساحة لأبنائنا في إختيار دراستهم على حسب ميولهم التي سينجحون ويبدعون فيها بمستقبلهم.
· أذكر لنا قصة البداية مع القانون.
إن القانون بالنسبة لي لم يكن إختيار بل كان إنتحار؛ بمعنى إنني كنت أحارب لكي أصبح عازف جيتار، وعندما ذهبت للدراسة بالكلية لم أجد الألة التي كنت أحلم بها، وأصبت بحالة إحباط شديدة؛ ولم أذهب للكلية لمدة أسبوع كامل، ولكنني فوجئت بشخص يتصل بي من الكلية لإختيار التخصص، لأنهم سيضعوني في أي قسم لو لم أذهب وأقوم بإختيار القسم، فذهبت للكلية مسرعاً، فوجدت أن أعداد كثيرة من الطلبة قد إختاروا ألة الكمان والعود والناي، ووجدت قسم القانون لم يشترك به سوى ثلاثة طلاب فقط؛ وقلت لنفسي أختار القانون وخلاص.
· متى بدأ مشوار الصعود في سلم إحتراف القانون.
لقد بدأت العمل بالآلة أثناء الدراسة، ذلك في أماكن سياحية وبأجر ضعيف جداً، كل ذلك لمجرد الرغبة في أن أعزف وسط عازفين مخضرمين بالموسيقى، وذلك جعلني متميزاً على زملائي في المستوى، لدرجة إنني عندما كنت في الفرقة الثانية بالكلية؛ وأثناء تأدية إمتحاني لمادة ” الشرقي ” ظن الدكتور إنني طالب في الفرقة الرابعة وأقوم بالإمتحان لطالب في الفرقة الثانية؛ وطلب الدكتور أن يرى كارنيه الكلية الخاص بي؛ لكي يتأكد إننى بالفعل هو نفس الطالب.
فقد كانت فكرة العمل أثناء الدراسة لمده 4 سنوات ؛ قد أضافت لي الكثير وجعلتني أحترف العزف على القانون .
وقد شاركت في أعمال كثيرة بعد التخرج مع العديد من الفرق الموسيقية سواء داخل مصر أو خارجها،.
كما قمت بالتسجيل مع الإذاعة البحرينية.
وقمت بتمثيل مصر في مهرجانات ثقافية موسيقية في دولة الهند وتونس.
· تدربت على يد من من العازفين؟
لقد تدربت في الجامعة على يد ” الدكتورة ماجدة عفيفي والدكتور نبيل شورة حيث كان رئيس القسم الشرقي أنذاك وهو عميد الكلية حالياً “.
· كيف بدأت مشوار صناعة القانون؟
البداية كانت بداية نابعة من الإحتياج، فبعد الثورة كانت توجد حالة من الكساد والركود للموسقى والمجال الفني بوجه عام، وكنت أمُر بظروف أسرية دفعتني للعمل بالصناعة، حيث إقترح عليا الزميل العزيز صانع القانون ” العازف راجي رياض” وهو شريكي الأن، وقال لي حينها: “ما رأيك بأن نقوم بصناعة القوانين؟”، فقلت له: “أنا مابعرفش أدق مسمار في خشبة إزاى هصنع قوانين؟والقوانين محتاج تركيبات وتفاصيله صغيرة!!” ولكن هو أصر أن نقوم بالتجربة، وبالفعل قمنا بتصنيع أول قانون وخرج بأسوأ ما يكون، لدرجة إنني أعطيته لشخص ليستخدمه وعرضت عليه أن يعطيني القانون مرة أخرى لكي أستبدله له بقانون أفضل، ولكن هذا الشخص قال لي أن القانون قد أعدم؛ وكأن الله يقول لي لقد تعلمت صناعة القانون فإصنعه إذاً، وبالفعل حسنت من آدائي في صناعة القانون وأخرجت قانون للمرة الثانية أفضل من القانون الأول.
· ما الوقت الذي تستغرقة في صناعة القانون؟
يستغرق القانون فترة من شهر إلى شهر ونصف، لأن كل جزء فيه يتم تقيطع أخشابه ثم تجميعه بأنواع لاصقة معينة، فيجب أن يتم تجفيف كل جزء فيه على حدى.
· أشرح لنا كيفية صنع القانون ومراحل تصنيعه.
في البداية أقوم بشراء أخشاب القانون ويجب أن تكون جافة تماماً لكي تكون مؤهلة لصنع الآلة الموسيقية، ثم نقوم بعمل الشاسيه الخارجي للقانون؛ ويضاف إليه دواقيس، ثم يضاف إليه خشب الوجه والظهر، وبعدها نقوم بشد جلد القانون، بعد ذلك ننتقل لمرحلة الدهان وتركيب العرب وتركيب الأوتار والمفاتيح وبذلك يكون القانون صالحاً للعزف عليه.
. ما هى الخامات التي تستخدم في صناعة أخشاب القانون؟
يتم صناعته من خشب الزان الروماني وجلود الماعز أو الجلد الباكستاني أو جلد الأسماك.
أما بالنسبة لخشب الوجه والظهر فمعظمها تكون من الخشب الفلندي والجوز التورك، البلسندر، وغيرها العديد من الأخشاب”
· ما هي أنواع الأوتار المستخدمة في التصنيع؟
توجد العديد من الأوتار منها الأوتار المصرية والأمريكية علي حسب زوق العازف وإختياراته وإحتياجاته.
· حدثنا عن أصعب مرحلة في مراحل التصنيع .
أصعب مرحلة هي مرحلة تركيب العُرب، لأن لو وجد فرقاً في ملي واحداً اثناء التركيب، يعطينا القانون نغمة غير صحيحة؛ لذلك يجب أن يتم تركيبها بشكل دقيق جداً.
وقد يستغرق تركيب العُرب 15 يوماً.
· هل تختلف أسعار القانون في مصر عن أسعاره في الدول الأخرى؟
تختلف أسعار القانون على حسب الخامات المستخدمة في تصنيعه، وعلى حسب الزخارف المرسومة عليه، كما أن أسعاره تختلف على حسب السعر الذي يحدده صانع القانون على حسب الجهد المبذول في تصنيعه وتتراوح أسعاره من 6000 إلى 17000 جنيهاً .
· ما أهم النصائح التي تريد أن توجهها لأى شخص يريد شراء ألة القانون؟
أولاً: أن يستعين بأحد المستخدمين للقانون السابقين، الذين لديهم خبرة في شراءه.
ثانياً: أحذر من شراء الآلة من شارع محمد علي؛ لأن معظم الآلات الموجودة بهذا الشارع لا تصلح للعزف، بل إنها تصلح للديكور فقط .
ثالثاً: شراء الآله من صانع قانون معروف وله أسمه بالسوق.
· متى يقول العازف أن هذه الألة لا تصلح للعزف ويستغني عنها؟
إن أخشاب القانون تبقى أفضل كفاءة لو مر عليها سنوات طويلة؛ لأنه عندما يجف خشب القانون يصبح صوته أعلى وأحلى رنيناً .
أما إذا تعرضت الآلة بشرخ أو كسر؛ فذلك يتم صيانته وترميمه مرة أخرى وتصبح أفضل من الأول.
كما أحب أن أذكر “إن القانون بيموت صاحبه ” إذا كان التصنيع جيداً، والدليل على ذلك هو مصنع القانون” جابي ” الذي توفي من 30 سنة؛ إلا أن قوانينه لازالت موجودة في الأسواق حتى يومنا هذا، إذن فالقانون يورث.
· كيفية المحافظة على القانون؟
يجب على العازف أن يضع القانون في الشنطة الخاصة به بعد الإستخدام.
كما يجب أن يضع فوطة على الجلد، لأن الجلد لكي لا يتأثر الجلد بدرجات الحرارة والعوامل الجوية ، وبذلك يضمن العازف بقاء الأوتار والجلد لعمر أطول.
· أ أذكر لنا أعمالك ومشاركاتك الفنية
لقد شاركت في إحتفال بدار الأوبرا المصرية في المسرح الصغير.
كما شاركت أيضاً في فرقة العزف في أغنية ” فاتك كتير ” للفنان محمد منير.
كما قمت بالمشاركة مع فريق موسيقى لأغنية دينية للفنانة سماح سعيد، وهذه الأغنية قد حصلت علي لقب أفضل أغنية دينية في مهرجان الأغنية.
كما قمت بالمشاركة في حفلات متعددة أبرزها حفلة للفنان ” ماجد القاسم “.
هذا بخلاف مشاركتي في أكثر من سبعة حفلات مع القس موسي رشدي” صاحب اللحن الروحاني ” .
· أعطنا لمحة تاريخية عن صناعة القانون .
إن آلة القانون هي آلة مصرية الأصل، وأن الذي جاء إلينا بشكل القانون هو: الفيلسوف ” الفرابي” ، ذلك في العصر العباسي؛ ولم يتغير شكله منذ العصر العباسي وإلى الأن .
· ما أشهر الدول التي تقوم بتصنيعه؟
أشهر الدول هم: “مصر، سوريا، تركيا”.
· من هم أشهر العازفين لآلة القانون سواء قديماً أو معاصراً؟
قديماً
“محمد عبده صالح، عبد الفتاح منسي، سيد رجب”
” معاصراً “
يوجد العديد من المشهورين في عزف القانون في العصر الحالي أبرزهم:
“الدكتورة مني عبد المجيد، الدكتور ماجد سرور” .
· هل ترى أن آلة القانون مهمشة في مصر ؟
يمكن في الفترة الأخيرة كان وجود التقدم التكنولوجي المتمثل في الكيبورد الذي يحوي معظم أصوات الآلات؛ لكن مع حدوث حالة الوعى والرقي والتذوق الفني الموجودة حالياً؛ أصبح المطربين الكبار يهتموا جداً بوجود جميع العازفين بآاتهم في الحفلات الخاصة بهم.
· ماذا تتمني أن يحدث للقانون مستقبلاً؟
قد يكون البعض يمتنع عن شراء هذه الآلة لإرتفاع سعرها وصعوبة العزف عليها ، لذلك أتمنى أن يتم إقامة حفلات أو فقرات توضيحية داخل الكليات والمعاهد الموسيقية لتعليم الطلبة الجدد؛ على كيفية العزف على الآلات، لكي ينتقي الألة قبل أن يختار التخصص في كليات التربية الموسيقية.
كما أتمنى أن ننشىء مدارس لتعليم صناعة القانون والألات الأخرى، مادمنا ننشىء جيل جديد من العازفين، لكي تصنع الآلات بنظام واحد ومنهجاً واحداً.
وأحب أن ألفت النظر إلى أن العديد من الصناع قد رحلوا بأسرار صناعتهم، دون أن نعلم تكنيك صناعة الآلات التي كانوا يصنعونها .
· إلى من تحب أن توجه الشكر ومن كان لهم الفضل في حياتك؟
” أحب أقدم جزيل شكري لزوجتي الحبيبة؛ التي كانت تقف بجواري وتسندني وتشجعني وتدعمني دائماً في الفترات العصيبة التي مررت بها .
كما أحب أن أوجه الشكر للدكتور ماجد سرور الذي دعمنا كثيراً جداً في العزف والإرشاد؛ بالرغم من كثرة مشاغله؛ إلا إنه كان يرشدنا دائماً ولم يبخل علينا أبداً.
كما أقدم شكري للدكتور شريف نور الملحن والموزع الموسيقي، وذلك لفضله علي كثيراً؛ خاصة لترشيحه لي للعمل مع الفنان محمد منير.
كما أقدم شكري للبابا تواضروس الذي إهتم كثيراً بتنمية ودعم الأنشطة الفنية الكنسية، كما أشكره أيضاً على إهتمام قداسته بمسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية.
[T-video embed=”GCPpu48ZlgA”]