اسما لقب بعشرات من الالقاب لما له من محبة و مكانة فى قلوب ابناء الكنيسة القبطية، يجمعهم فى قلبه بأفراحهم و ضيقاتهم فهو القلب النابض نيافة الانبا موسي اسقف عام الشباب الذى رأي ابناءه ضحايا الارهاب الاسود و الذي سمع صوت دماءهم الصارخ لقوة السموات و بصموده وسط هذا المشهد المؤلم كانت آلام المشاعر تسبب آلام المرض! و فى لحظة شعر نيافته بذبحة صدرية فسافر علي الفور الي لندن حيث الملف الطبي كطلب الطبيب المعالج .. و بعد عودته بسلامة الله الى ارض الوطن يوم الاثنين ١٩ ديسمبر ٢٠١٦ جلست بجوار “قلب الشباب” أنبا موسى لاسجل اقصر حوارا حرصا على صحته و تحمل السطور القادمة مشاعر الالام التى عاشها نيافته من لحظة الانفجار حتى آلام القلب إلى الحوار …
• كيف تلقيت نيافتكم خبر انفجار بالكنيسة البطرسية ..و لم تخش للتوجه وسط اوضاع غير مستقرة خاصا انكم تحتاج لنظام علاجي ؟!
•• الكنيسة البطرسية بطبيعة موقعها هى كنيسة قريبة لمقر اسقفية الشباب دير الملاك بحدائق القبة و فور اعلان هذا الخبر كنت انهى صلوات القداس الالهى و ذهبت لهناك و مع وصولي كانت الجثامين نقلت بسيارات الاسعاف و رأيت ما لم تراه عين و ما لم تسمع به اذن و انا اخطوا وسط الاشلاء و رائحة الدماء تعبق المكان و تصرخ للسموات .. اقدمى تخطوا فوق زجاج متناثر و خشب متبعثر و حجر سقط ارضا، الحقيقة كنت اقف مندهشا “لماذا هذا الارهاب؟!” ، “و ما ذنب هؤلاء الابرياء الذين جاءوا ليرفعون قلوبهم للرب؟”، و لكن الشئ الذى اثق فيه ان الله استجاب اليهم و رفع قلوبهم و نفوسهم و انضموا لصفوف الشهداء يقفوا وراء الرسل و الانبياء و الملائكة و رؤساء الملائكة و العذراء مريم فهم مكرمين فى الكنيسة و فى السماء و لكن بنظرتنا لدماءهم و نحن على ارض تألمنا جدا و كان يصعب علينا ان نري هذا المشهد المؤلم… بالحقيقة يوما “كسر” قلوبنا ! حتى ساعة الكنيسة المعلقة توقفت عند العاشرة الا دقائق لتعلن آلامات التجربة..
•• اما عن اني لا اخشي التوجه للكنيسة فصدقنى لا افكر فى شئ الا ان أخذ بركة المكان المشدن بالدماء و هذه النفوس “فهم ذهبوا شهداء و انا اخشى ان اكون وسطهم!” ، الحقيقة مشهد هذا اليوم اتحدث معك و مازال امام عينى و محفور فى قلبي، مشهد تعجز الكلمات ان تعبر عنه و حتى الصورة التي يقال عنها بألف كلمة تعجز ايضا عن وصفه فتألم قلبي جدا و اهتزت مشاعري و انا اري رجال الاسعاف وسط صراخ و عويل الاهل و الاقارب .. و البعض يبحث عن زوجته و اولاده و البعض يبحث عن والده و والدته، و جموع الشعب القبطي واقفا خارج الاسوار بالالاف يصرخ “مش هنبطل نصلي” .. “يارب يارب” .. “كيرياليسون”، و بداخل الكنيسة يقف رجال المعمل الجنائي لمسح الكنيسة.. الموقف و اعداد الشعب منعتني للعودة الي مقر الاسقفية لاخذ الادوية خاصا ان العديد من كبار رجال الدولة كانوا يتوافدون للوقوف بجانبنا و واصلت هناك طوال اليوم حتى وصل قداسة البابا تواضروس الثاني قاطعا زيارته التاريخية باليونان من اجل شهداء البطرسية فكان يوم ملئ حقا بالالام و مشاعر الحزن و الاسي كان يعم كل ركن بالمكان …
• ماذا فى قلب نيافتكم تجاه المجرم الذى قتل ابناء الكنيسة؟
•• الحقيقة هو قبل ان يكون مجرم فهو منزوع العقل و هذا ما يسمى بـ ” غسل المخ” و هو الاسم الشعبي للاسم العلمى “التحكم العقلي” و به يصبح المنظم للعلمية متحكم فالفرد “كالريموت كنترول” و ما صنعه هذا الارهابي منزوع العقل و الضمير سوف يمنح به الجحيم و ما فى قلبي انني بالحق اصلي ليغير الله قلوب هؤلاء الاشرار و يعرفون الطريق و الحق و الحياة، و دعنى اقول لك اننا اليوم نريد ان نبحث فى امورا مهمة كمعالجة هذا الفكر، فمنذ سنوات و نحن ننادى ان يكون التعليم بالحوار فمازالت مصر تسلك منهجا تعليميا احادي التوجه و الفكر “انا بقول و انت تسمع”، تعليم من طرف واحد و هذا اخطر شئ و به نصنع اجيال متطرفة، اما التعليم الحواري نخلق به اجيالا واعية و مثقفة و به نسمع لاولادنا و يسمعوننا، يعارضونا و نحاورهم، نقنعهم و يقنعوننا …
• كيف شعرت نيافتكم بآلام القلب .. و كيف كانت خطواطتكم للعلاج ؟
•• يوم الاثنين ١٢ ديسمبر حضرت جنازة الشهداء من كنيسة السيدة العذراء و القديس اثناسيوس الرسول بمدينة نصر حيث ترأس الصلوات قداسة البابا تواضروس و كان مشهدا اصعب تتكرر فيه الالام حيث وضعت الصناديق امام الهيكل و رفعت اسماء الشهداء بجوار ايقونات القديسين وسط صراخ و دموع اسرهم .. شعرت بآلم و لم استطع الذهاب للمشاركة فى الجنازة الرسمية و عدت متأثرا و قلبي حزين جدا على الاسي الذى رأيته فى قلوب الاباء و الامهات و الشباب و الاطفال، و فى يوم الثلاثاء ١٣ ديسمبر شاركت ثلاث اسر فى مواعيد مختلفة صلوات الثالث و فى ذات اليوم كانت شهيدة جديدة من المصابين قد انتقلت فقمت ايضا بصلاة الجناز و مع عودتى لمقر الاسقفية اشتد آلام و ابلغنا الطبيب المعالج الاستاذ الدكتور ميشيل حنا بالحالة فطلب الحضور دون تأخير و سافرت الي لندن فجر الاربعاء فخضعت ظهر ذات اليوم لفحص “ايكو” فشخص الامر بالاحتياج الي قسطرة علاجية .. و لكنى لم استطع برغم آلام ان ابعد عن اولادنا هناك فحضرت معهم بكنيسة الانبا ابرام ببرايتون التى تبعد عن المستشفي بساعتين صلاة لتأبين شهداء البطرسية و كنت اذهب لاعزيهم بكلماتي فعزوني بمحبتهم و كم شعرت انهم يشعرون بآلم الكنيسة و اننا جسد واحد و بعد عودتى استمرت الفحوصات يومي الخميس ١٥ ديسمبر و الجمعة ١٦ ديسمبر و تحدد موعد القسطرة صباح السبت ١٧ ديسمبر و تمت بنجاح بتركيب دعامة جديدة اكبر حيث كان هناك انسداد بالشريان بنسبة ٩٥٪ و ضيق اعلي و اسفل الدعامة القديمة التى كانت ٣ ملل، و الحقيقة غمرني هناك محبة الاباء بزيارتهم فى منزل شيخ كهنة لندن القمص انطونيوس ثابت فزارنا نيافة الانبا انتونى قادما من نيوكاسل و هي تبعد ٦ ساعات عن المكان و لفيف من الاباء و المحبين و بعد يوم من العناية فضلت العودة الي مصر حتى اكون بارض الشهداء … الارض التى اعشها من كل قلبي.
• فى النهاية .. اعلم ان كنيسة البطرسية لها ذكريات فى حياة نيافتكم فهي تحمل محبة الحجر و البشر فى قلبكم؟
•• البطرسية كنيستى الغالية التى قضيت فيها شبابي و كانت خدمتي فيها فعندما اتيت من اسيوط و التحقت بكلية طب عين شمس كانت هي الكنيسة المجاورة للكلية فكنت احضر فيها اجتماعات الشباب، و خدمت فيها بعد ذلك خدمة طفولة ثم اعدادى و عندما خدمة فى مكرسا فى بنى سويف كنت اشارك فى قداسات الاعياد بالبطرسية و من محبة اباء الكنيسة كانوا يطلبوا منى عظة ليلة العيد فأتذكر بكل وفاء ابونا ميخائيل فهمى و الشماس منير الذى كنا نطلق عليه كروان البطرسية و الكنيسة القبطية لروحانية و جمال صوته فى الالحان .. بالتأكيد كل ركن بالكنيسة يحمل ذكريات و كل حجرة بها تحمل تأثير فى تكويني لكن الحقيقة الحجر يعوض فنشكر الدولة و الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى كلف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بترميم الكنيسة على ان تكون مفتوحة امام الشعب مع قداس عيد الميلاد المجيد و بالاكثر انه اوصى بالاستعانة بالمتخصصين فى الفنون لان الكنيسة البطرسية معروفة بالطابع الاوروبي المميز فى التصميم و الرسومات التى تعود الي ١٠٥ عاما .
[T-video embed=”yMAvWpNyKbM”]