رأينا فيما سبق ان معظم العقائد الدينية بدءاً من عصور ماقبل التاريخ حتى اكتمالها لاديان الفردية الروحية قد حملت سمات مشتركة سواءً من ناحية الامور الايمانية او الممارسات الدينية المختلفة مما حدى بالكثير من علماء فلسفة الدين و من وجهة نظر علمية و تاريخية ان جميع هذه العقائد لها اصل واحد مشترك و على مدى التاريخ تشوهت هذه المعرفة و خرجت عن نطاقها السليم و ما يبرهن على صحة هذه النظرية:
1- تكرار شكل الممارسات و ان اختلفت فى بعض التفاصيل؛ فنجد مفهوم التطهير بالغسل و التعميد للتخلص من الخطايا و استخدام الدهن للتقديس بمسحة مقدسة و الايمان بما وراء الطبيعة.
2- تعدد الديانات التى لها مفاهيم مشتركة فالسمات الايمانية و الممارسات الدينية تكررت فى الكثير من العقائد و فى ازمنة مختلفة بالرغم من عدم وجود رابط بين عقيدة و اخرى فى الكثير من الاحيان فكيف وصلت اليهم هذه الممارسات فلم يكن هناك تواصل بين الصابئة و الهندوس لكى يشتركوا فى نفس ممارسة طقوس التعميد و الغسل بالماء للتطهير من الخطأ،
· و مفهوم الشفاعة المبنى على التمييز و الترجيح فى الديانات الاغريقية بمثيلاتها فى عصور ما قبل التاريخ لا يجمعهم زمن او مكان مشترك كما وجدنا ان قصة الطوفان الذى اغرق العالم بأسره مع نجاه أسرة واحدة تقية قد تكررت فى 33 حضارة مختلفة لم يجمعهم اى صلة.
3- عدم معرفة الاصول فمعظم العقائد بسماتها المشتركة عجزت عن معرفة اصول هذه الممارسات و المصدر الحقيقى لها لوجودها فاصبحت ممارسات متوارثة دون ادراك المنبع الحقيقى لها مثل ما يحدث فى فكره الذبائح و القرابين التى تقدم للآلهه دون فهم لماذا الذبيحة و لاى شئ ترمز و لماذا تمارس بهذه الطريقة.
4- لايوجد هدف واضح للممارسات فى المعتقدات الدينية المختلفة تمارس دون فهم الهدف الحقيقى لها، فما الحكمة من وجود الصوم، و ربما كانت الاجابة فى بعض الاحيان هى محاولة ابتكار هدف يبرر وجود هذه الممارسات.
5- اخطاء الممارسات، فتمت ممارسة الامور الطقسية بطريقة يرفضها المنطق كتقديم الذبائح البشرية كقربان للآلهه كما فى بلاد المكسيك و حضارة الازيتيك فى امريكا الجنوبية مما يدل على ان فكرة الذبيحة و القربان موجودة لكن طريقة تقديمها قد تشوهت بشكل مرفوض.
6- الصور المشوهة عن مفهوم الكينونة الالهية فى ديانات مختلفة اعطى مبرراً لوضع صور اخرى غير سليمة عن هذه الكينونة و صفتها فاصبح هذا الاله ذو الخير المطلق اله منتقم غضوب فى احيان اخرى و الصفات الثابتة لهذا الاله اصبحت قابلة للتغيير و القدرة الكلية لهذه الكينونة تحولت الى قدرة غير كاملة الصفات مثل ديانة شنتو فى الصين.
7- التأثير الروحى فبالرغم من تشوه الكثير من الممارسات ومفاهيمها الا انه كان من الواضح ان لها تأثيراً و بعداً روحياً لدى معتنقيها فما تحمله من رهبة و غموض و جو روحانى خاص يثير مشاعر روحية و نفسية عند ممارسيها و يكفى ان يسمع الشخص الصلوات لدى هذه المعتقدات بالحانها المختلفة فتثار في داخله مشاعر الرهبة و القداسة و التأثير الروحى العميق.
8- الاحتياج العام فكل هذه الاصول المشتركة فى العقائد الدينية المختلفة و بالرغم من التشوهات الموجوده بها تعبر عن الاحتياج العام لوجود الكينونة الالهية المطلقة.
لكن السؤال الهام الآن هل استوفت كل المعتقدات الدينية السابقة جميع الاحتياجات الداخلية و الخارجية لدي الانسان ام لا يزال هناك الايمان مطلق لازلنا في حاجة اليه؟ ! و هو ما سوف نستكمله في المقالة القادمة.