بعد أن رأينا المفاهيم الدينية المشتركة بين المعتقدات الدينية المختلفة، نستعرض الآن الممارسات الدينية المشتركة بين هذه المعتقدات من عصور ماقبل التاريخ حتي الآن.
I. الممارسات الدينية
تتشابه معظم العقائد و الديانات فى ان لها ممارسات دينية مشتركة قد لا يكون اصلها و نشأتها معروفين او تمارس بشكل شكلى دون ادراك الجوهر من ورائها و سببه و فى احيانا كثيرة كانت تمارس بطريقة حاطئة مثل تقديم الذبائح البشرية، و من امثلة هذه الممارسات المشتركة:
1- الطقس:
· ارتبط استدعاء و ارضاء الآلهه سواء كانت المسئولة عن صيد الحيوانات او خصوبة التربة فى العصور السحيقة او بممارسات السحر و التأمل الذاتى فى المراحل المتأخرة ارتبطت جميعها بممارسة طقوس تعبر عن هذه المعتقدات و حركات طقسية قد تبدو غامضة او مبهمه فى بعض الاحيان (قرع الطبول – الرقص حول النيران – حركات طقسية) لتقديم العبادة فى امثل شكل لها
· من اجل هذا زينت المعابد و اماكن الصلوات بنقوش مختلفة و تصميمات متنوعة تأخذها من صخب الحياة نحو عمق الداخل الملتحف بالرهبة و الصمت ممثلا فى قدس الاقداس الذى يعبر عن ذروة الروحانية
كما استخدمت البخور و الانوار فى الصلوات لاضفاء حالة من القدسية و الرهبة و الدخول لعمق الذات وسط سكون الظلام فتنطلق الروح البشرية فى صمت هادئ نحو اعماق وجودها و معرفة الكينونة الاهية التى تحيط بها
و فى بعض المعتقدات اعتبر طقس التعميد هو الغسل من الخطايا و يتقدس بالمسحة الاهية بزيت تُليت عليه صلوات خاصة لكى تتجاوز المعنى الحرفى الى بعد روحى اعمق و اسمى
2- الكهنوت:
· ارتبطت الممارسات الطقسية السابقة بوجود رتب كهنوتية مختلفة بدأ من المرتلين و الكهنة حتى رئيس الكهنة الاعلى و كان الكاهن ذو منزلة مقدسة قد تعلو على منزلة الحاكم نفسه
· و فى بعض العقائد الاخرى كان الحاكم يستمد قوته من كونه هو رئيس الكهنه الاعظم (سلالة شو الحاكمة فى الصين – امبراطور اليابان – قيصر روما) و ارتبطت ممارسات الكاهن بالعصر الذى كان يعيش فيه فنجد ان شامان هو رئيس الكهنة الاعظم فى عصر الصيد و هو المسئول عن الصلوات و التحنيط كما فى الفرااعنة بل قد يتعدى الامر فى ان الكاهن هو النفحة الاهية على الارض ( الدالاى لاما)
· فلم يكتف الكاهن بممارسة الطقوس الدينية فقط بل كان منوطا بالمعرفة العلمية و الفلكية و لا تجوز ممارسة هذه الطقوس الا على يد هؤلاء الكهنه برتبهم المختلفة
3- التقليد المقدس:
كان انتقال الطقوس و الممارسات الدينية تتم بواسطة التسليم المقدس لمن يحملون الرتب الدينية مما اضفى جو من السرية حول هذه الطقوس و كان التقليد المقدس يمثل الاعتزاز بالتراث و القومية للشعوب المختلفة كما نعتز نحن اليوم بان تراثنا القبطى هو امتداد لتراث اجدادنا الفراعنة لان الممارسة الدينية لا تنفصل عن التاريخ الانسانى للحضارة.
4- تقديم القربان و الذبائح:
· ارتبطت معظم الممارسات الدينية بتقديم القربان و الذبائح من افضل الانواع و انقاها من اجل التمتع بالخيرات و البركات السماوية فى جميع الاوقات و هو عمل خاص بالكاهن او الحاكم الالهى لا يقدمه احد سواه
· و ان اختلفت نوعية هذه الذبائح و القرابين إلا ان هناك خيط مشتركا ربنا كان مبهما لاصحاب هذه العقائد، هذا الخيط المشترك هو ان تقديم هذه الذبائح اشترطت ان تكون بلا عيب و صعود نفختها الروحية نحو السماء ليشتم الاله رائحة الرضا فيها بسفك الدم حتى القرابين النباتية لم تكن لها المرتبة الاولى او القيمة الروحية المقدسة التى للذبائح الدموية المنتقاه بعناية و حرص
5- النذور و البكور:
تقديم النذور و البكور طقس مقدس يستخدم لارضاء الآلهه حتى يعم الخير و البركة فى حياة الافراد و احتياجاتهم اي ان كانت نوعية هذه النذور و العطايا و ارتبطت بشكل غير مباشر بمفهوم الشفاعة و صلوات الاسلاف و الارواح المقدسة التى تقدم صلواتها بخورا ذكيا امام الالهه
6- الشفاعة:
نشأت فكرة الشفاعة بمفهوم التمييز او الترجيح فى عصور ما قبل التاريخ ( HENOTHEISM) فالاله الاعظم تنبثق منه الالهه الاخرى كل منها يُرفع الصلوات لتحقيق رغبة او احتياج معين تختص به هذه الالهه الصغرى (مارس اله الحرب عند الرومان – افروديت الهه الجمال عند اليونانيين)
7- ممارسة الاصوام و بالاخص ما قبل الاحتفالات و الاعياد للوصول للنقاء الروحى و قمع الشهوات الجسدية و بالاخص فى اديان الجوهر (الهندوسية – البودية)
كل هذه العوامل المشتركة كانت دافعا قوياً للبحث عن معوقات الإيمان و هو ما سوف نستكمله في المقالة القادمة.