” من ثمرة بطنك أجلس على العرش ” ( مزمور )
وعد الله بأنّه من سبط داود سيخرج الملك الأبديّ الّذي يجمع كلّ شيء فيه ” أقسمَ الربُّ لداود ، وهي حقيقةٌ لن يرتدّ عنها أبداً : ” من ثمرةِ بطنِكَ أُجلسُ على العرشِ الذي لك … فبنوهم أيضاً لأبد أن يجلسون على العرشِ الذي لكَ ” ( مزمور ١٣٢ [ ١٣١ ] : ١١ – ١٢ ) .
هناك أُقيمُ لداودَ نسلاً وأُعِدُّ لمسيحي سِراجاً ( مزمور ١٣٢ { ١٣١ } : ١٧ ) ، ” ليسير بالأزمنةِ إلى تمامها ، فيجمع تحت رأسٍ واحدٍ هو المسيح كلَّ شيء ما في السماء وما في الأرض ” . (أفسس ١ : ١٠ ). فالعمل الذي جبله الله في الأصل ” وجبلَ الرّبُ الإله الإنسان تُراباً من الأرض ونفخَ في أنفهِ نسمة حياة فصار الإنسانُ نفساً حيٰة ” . ( تكوين ٢ : ٧ )، استعاده… وكما أنّ آدم، الإنسان الأوّل المجبول، نال مادّته من الأرض الصالحة … وقد جبلته يد الله ، أي كلمة الله ” الّذي به كان كلّ شيء ” ،” يداكَ جبَلَتاني وصوّرَتاني بجُملتي ” ( أيوب ١٠ : ٨ ) ، ” به كان كُلُ شيء وبدونه ما كان شيءٌ مما كان ” ( يوحنا ١ : ٣ ) … كذلك من مريم البتول وُلِد الكلمة الذي يشكّل استعادة لآدم … لماذا لم يأخذ الله من جديد طينًا من الأرضِ ؟ لماذا أخرج من مريم العمل الذي جبله ؟ لكي لا يكون العمل الذي جبله غير الأوّل بل نفسه ، ولا يخلص آخر بل نفسه ، استعاد نفس العمل ، مع احترامه للتّشابه.
إنّ أولئك الذين يؤكّدون أنّ الرّب يسوع المسيح لم يحصل على شيء من العذراء هم مُخطئون . فهم يريدون رفض إرث الجسد ، وبذلك يرفضون التّشابه أيضًا … ، فحينئذٍ لا يمكننا القول إنّ الرّب يسوع المسيح كان على مثال الإنسان الذي صنعه الله على صورته كمثاله ، ” فخلقَ الله الإنسان على صورتهِ ، على صورةِ الله خلقَهُ ، ذكراً وأُنثى خلقَهم “. ( تكوين ١ : ٢٧ ) .
وبهذه الطريقة يصبح بإمكاننا القول أنّ الرّب يسوع المسيح لم يكشف عن نفسه إلا بالمظهر ، فتظاهر بأنّه إنسان ، أو إنّه قد صار إنسانًا من دون أن يأخذ شيئًا من الإنسان . فإن لم يحصل من الكائن البشريّ على جسده، فهو لم يصبح إنسانًا ولا ابن الإنسان ، وإن لم يصبح ما كنّا عليه ، فقلّما تهمّنا آلامه ومعاناته …
إنّ كلمة الله صار حقًّا إنسانًا ، واستعاد بذاته العمل الذي جبله … وقد أكّد الرّسول بولس على ذلك بوضوح بالغ في رسالته إلى أهل غلاطية : ” أَرسَلَ اللهُ ابنَه مَولودًا لامرَأَةٍ ” (غلاطية ٤ : ٤ ).