” افَرحي، أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ ” ( لوقا ١ : ٢٨ )
تسلّق آدم جبل الغرور والكبرياء، وإذا بابن الله يتجسّد وينزل إلى وادي التواضع. وها هو اليوم يجد وادياً ينزل إليه، لكن أين هو هذا الوادي ؟.
ليس فيكِ ، يا حواء الاولى، يا أم بؤسنا وشقائنا. نعم ليس فيك.. ولكن في مريم العذراء الطاهرة، حواء الثانية. التي هي حقاً وادي حبرون بسبب تواضعها وبساطتها، وأيضاً بسبب قوّتها وقداستها وفضائلها.. إنها قوية لأنها تشارك في قوة من قيل عنه أنّه “الرَّبُّ العَزيزُ الجبَّار ” ( مزمور٢٤ [ ٢٣ ] : ٨) . هي المرأة الفاضلة التي يتوق إليها سليمان ، ” مَن يَجِدُ المَرأَةَ الفاضِلة ؟ ” إن قيمتها فوق الألىء (أمثال ٣١ : ١٠ )
وحوّاء ، على الرغم من أنها خُلقت في الجنة، جنة النعيم، كانت في سعادةٍ لا توصف، ولا تعرف الفساد، ولا الضعف ولا الألم، ولكنها أظهرت نفسها أنها ضعيفة وعاجزة جداً امام الحية التي أغوتها، ” الحيّةُ أغوتني ” ( تكوين : ٢ : ١٣ ) .
“مَن يَجِدُ المَرأَةَ الفاضِلة ؟ ” هل نجد في البؤس هنا، على الأرض، ما لم نعثر عليه في السعادة هناك ؟ هل نجد المرأة الفاضلة هنا، في هذا الوادي، وادي الدموع، في حين لم نعثر عليها في نعيم الفردوس؟ لقد عثرنا عليها، اليوم، نعم اليوم . وكيف ؟.
إن الله الآب وجد هذه المرأة . إنها العذراء مريم . وجدها ليقدّسها، والابن وجدها لينزل في أحشائها، والروح القدس وجدها ليزّينها بالفضائل الإلهية. ووجدها الملاك فسلّم عليها قائلاً : ” افَرحي ، أَيَّتُها الـمُمتَلِئَةُ نِعْمَةً ، الرَّبُّ مَعَكِ “. ها هي ، المرأة الفاضلة . في هذه المرأة الفاضلة ، تتواجه الجدّية والتواضع والعذرية مع الفضول ، والغرور، والشهوة . وقد كَتب لوقا الإنجيلي أن الملاك عندما دخل إليها، لم تكن مريم مهتمّة ومشغولة بالعالم الخارجي ومغراياته، واباطيل العالم وأمجاده. بل كانت في الداخل، في حجرتها، في أعماق قلبها تصلّي إلى أبيها في الخفية، ” وأبوك الذي يرى في الخُفيّة ، يُجازيك ” (متى ٦ : ٤ ).
على مثال مريم المرأة الفاضلة، تعالوا نعمل الخير جميع أيام حياتنا، نقوم والليل مُخيّم، ونعطي طعاماً للجائعين، ونبسط ايادينا إلى البائس والمسكين، والمرضى والمهجرين، للضعفاء والمهمّشين ، ونفتح شفاهنا بالحكمةِ وعلى لساننا تعليم الرحمّة .