دعونا نعيش القيامة
القيامة الفرح الحقيقى و السلام الذى لا يعوض , أساس البركات , بل هى منبعها , دفع فيها السيد المسيح ” إلهنا و مخلصنا له كل المجد ” الأثمان غالية من دماؤه و كرامته , و كله لأجلنا نحن الخطاة اللذين عصيناه و تهاوننا فى حقه , حتى لم يكمل أياً منًا معه حتى الجلجثة , و مع ذلك جاز المعصرة وحده و لم يكن معه أحد , تآلم و مات ثم قام ,القيامة أيضاً انتصار على الموت الذي ساد على جميع البشر. بل هي نهاية للموت كما قال الكتاب “آخر عدو يبطل هو الموت” (1كو 15: 26). فيها تهتف قلوب الجميع: لقد مات إلى الأبد. وانفتح أمام البشرية طريق الأبدية السعيدة، بكل ما فيها من أفراح ومتعة روحية…
الموت الذي انتصر على كل إنسان، سوف تنتصر عليه القيامة العامة. ولا يوجد فيما بعد، سيغنى الجميع قائلين: لقد مات الموت.
وما أجمل ما قيل عن ذلك في سفر الرؤيا “والموت لا يكون فيما بعد، ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد. لأن الأمور الأولى قد مضت” (رؤ 21: 24).
إنما من منًا جرًب أن يعيش القيامة الحقيقية ؟!
, لذا و فى هذا الصدد يحدثنا المتنيح قدس ” أبونا بيشوى كامل ” من خلاله كتابه المميز كيف نعيش القيامة , و الذى أوضح فيه أن مجئ “السيد المسيح ” للعالم و قيامته و صلبه , لم يكن لأجل قيامتنا من الموت فى اليوم الأخير من القبر ,فهذا لم يكن لكى يكلف الله تجسده و قيامته و إنما كان يكفى كلمة واحدة أن يأمر فتخرج الأجساد من القبور سواء كانوا أشرار أو أبرار, فهذه عقيدة جميع الديانات غير المسيحية , لكن السيد المسيح قال عن نفسه إنه هو القيامة , وجاء ليعطى البشرية قوة قيامته , و يقيمها معه فى هذا العالم الحاضر , فالقيامة فى المسيحية عمل إلهى فى داخل النفس يتم بواسطة الروح الذى أقام يسوع , إذ تحول حياتنا إلى نفوس قائمة فرحة منتصرة .
كيف نعيش القيامة فى أسرار الكنيسة
أولا سر المعمودية : المعمودية هى الصبغة التى نصطبغ بها , صبغة الموت لكى نحيا القيامة , المعمودية هى الوشم المقدس , وشم الموت عن الخطية و العالم , الذى وشمتنا به الكنيسة لكى تدب فينا قوة حياة المسيح , يقول الرسول ” إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته “رو 6: 5, المعمودية قوة موت عن الخطية أجتازها أشر الخطاة كالقديس إغسطينوس و القديس موسى الأسود , و خرجوا أبناء القيامة و الحياة لابسين الإنسان الجديد الذى يتجدد لمعرفة حسب صورة خالقه , أيضاً زفة المعمودية , جرت العادة أن نزف المعمدين ثلاث مرات بالكنيسة , و الحقيقة أن هذه الزفة أصلها زفة القيامة و التى كان يزف بها المعمدين ليلة عيد القيامة ” الموعوظين ” و هم يقولون إخرستوس أنستى .
ثانياً المسحة المقدسة هى روح القيامة : فى وقفتك أمام المعمودية تذكر يا أخى إنك دهنت بالميرون كما كان يدهن الملوك فى القديم و لكن لا بزيت مقدس فقط بل بميرون من أطياب و حنوط و ضعت على جسد الرب الواهب الحياة و القائم من الأموات .
ثالثاً سر التوبة : لقد إرتبط سر التوبة بالقيامة إرتباطاً مستمراً بدون إنفصال لحظة واحدة , فالخطية سقوط و التوبة قيام , وإن كان هذا هو السر الثالث بين الأسرار حسب الترتيب , و لكن هو السر الذى لا يستغنى عنه , لأن القيامة الأولى أو التوبة ضرورية لكل الأسرار , و سر القيامة الأولى فى التوبة هو المدخل إلى المسيحية , لذا ينبغى أن يسبق سر المعمودية أولاً ثم بعد ذلك يعتبر إستمرار لسر المعمودية .
علامات القيامة فى حياة التوبة الثانية
_ الإيجابية فى التوبة : فالتلاميذ اللذين عاشوا الخوف بعد القيامة , لم يخافوا فقط بل تحولت حياتهم إلى شجاعة و فرح “ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب “
_ التوبة هى القيامة عن طريق الصليب : لا يمكن أن يذوق قوة قيامة ربنا إلا الذى حمل الصليب فى جهاده ” مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح ” غل 2:2
_ الفرح و السلام علامات القيامة : سلامى أعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم , إنه سلام من خلال الأبواب المغلقة للنفوس التائبة , وفرح لا يقدر أحد أن ينزعه .
_ التوبة و القيامة رجوع لحضن الاب : أقوم وأرجع إلى أبى “لو 18:15” فالتوبة قيامة و الجسد الذى قام صعد فى يوم الأربعين و جلس عن يمين الآب , فالقيامة أى التوبة فى حياة المسيح , هدفها النهائى الوجود فى حضن الآب
رابعاً: التناول من جسد الرب و دمه : هناك إرتباط شديد بين القيامة و التناول من جسد الرب و دمه , إلى الدرجة و التى تجعلنا نقول إننا عندما نأكل جسد الرب نأكل الحياة و نأكل القيامة , و للتناول إختبارات للقيامة المعاشة مع المسيح القائم من الأموات .
_ أول الأسبوع : إعتادت الكنيسة أن تتم سر الإفخارستيا أول الأسبوع أيام الآحاد , لأن يوم الأحد هو يوم القيامة , و التناول من جسد الرب هو الحياة .
_ مزمور القيامة : هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنفرح و نبتهج فيه , هذا المزمور يقال فى قداس عيد القيامة , و يقال فى قداس الأحد فقط .
_ إعلان الرب لقيامته عند التناول : و هذا حدث بوضوح , فنذكر الخبز و التناول كان يفتح أعين التلاميذ و يدركوا قيامته من هنا يظهر الإرتباط العجيب فى قدراتنا على رؤية الرب القائم من الأموات .
_ جسد الرب هو القيامة و الحياة : كل مرة تكلم ربنا فيها عن التناول , تكلم عن الحياة و مغفرة الخطايا , كما أن الإنفصال عن الله موت , و الثبات فيه هى الحياة .
_ التناول هو معرفة قوة قيامته و شركة آلام : كان ربنا يقدم جسده المكسور و دمه المسفوك و هو حى و قائم بين التلاميذ , لذلك عندما نشترك فى القداس , تؤكد حقيقة شركتنا فى موت ربنا الحى .
كيف نعيش القيامة فى حياتنا اليومية
أولاً : القيامة هدمت الفشل و اليأس
أقصى درجات الفشل و اليأس فى حياتنا اليومية هو الموت لذلك لا نستغرب أن يموت الإنسان فى بالوعة اليأس , و معلمنا بولس الرسول يذكر لنا كيف أختبر القيامة عندما ول به اليأس إلى الموت فيقول من جهة ضيقتنا التى آصابتنا فى آسيا إننا تثقلنا جداً فوق الطاقة حتى يئسنا من الحياة , أيضاً كان لنا فى أنفسنا حكم الموت لكى لا نكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذى يقيم من الأموات, فأختبار القيامة ذاقه القديس بولس عندما يئس و سدت جميع الأبواب أمامه .
ثانياً : القيامة غلبت الفشل
إنه الخوف لهو أقوى أعداء الإنسان , و لا نقصد بالخوف الخوف الغريزى بل الخوف النفسى , و أصعب درجات الخوف هو خوف الإنسان من نفسه , من
المرض , من المستقبل , ومن الإضطهاد , و كم مرة تساءلنا كيف نعيش القيامة الغالبة للموت , فلا بد أن القديسين قد عاشوا هذا النوع من القيامة و الغالبة للموت , و لكى نعيش هذه القيامة لا بد و أن نموت عن الذات .
ثالثاً : قيامة أجسادنا المائتة
لم تمس القيامة حياة الإنسان فقط بل جسده , فالقيامة بعثت فى روح الإنسان, المحبة , الفرح , السلام , الرجاء و عدم اليأس, أما جسدنا الذى مات بالخطية ,فالقيامة الأولى بعثت فيه الحياة و الطهارة و النصرة من جديد.
رابعاً : الحرية هى ثمرة القيامة : الحرية هى هبة القيامة و الجحيم و القبر هما
السجن , و الرب يسوع نزل إلى الجحيم و القبر , و غلبهما و أطلق أسراهما.