تشهد الليرة السورية في الفترة الأخيرة انخفاضا حادا وسريعا في قيمتها أمام الدولار الأميركي لم تعرفه البلاد منذ بدء الأزمة عام 2011.وإلى الآن لم يستطع “مصرف سورية المركزي” تحسين سعر الليرة على الرغم من تدخلاته المستمرة بالسوق. ويتوقع خبراء اقتصاديون استمرار تدهورها.
والمشكلة التي يواجهها البنك المركزي السوري تتمثل في عدم امتلاكه سيولة كافية لضخ كميات كبيرة من العملة الصعبة إلى السوق. وحتى لو توفرت هذه السيولة لديه، فإن السوق بفعل الحرب سرعان ما ستبتلعها وتطالب بأخرى. وفي المقابل، لا تسهم السيولة المحدودة، التي يضخها البنك، في تلبية حاجات السوق التجارية أو حتى غير التجارية.
وإن أهم النتائج وأسرعها آثارا نتيجة هذا التدهور في العملة المحلية تظهر في ارتفاع سلع المواد جميعها، سواء كانت سلعا رئيسة أم تكميلية، في وقت لا تزال طبقة كبيرة من الشعب السوري تعمل في وظائف الدولة، وتتلقى رواتبها بالعملة المحلية، التي أصبحت قوتها الشرائية لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي في البلاد.
وقد أثر هذا التدهور سلبا أيضا على توفر السلع الغذائية والوقود في الأسواق، كما رفع من معدلات البطالة التي تجاوزت مستوى الـ 70%.
وبحسب خبراء اقتصاد سوريين، فقد أثر تدهور العملة السورية إلى تضخم فاق 500 في المئة، وفي بعض الحالات تجاوز ألفا في المئة .
ولم تستطع الدولة رفع رواتب الموظفين بما يتناسب مع الواقع الاقتصادي، خصوصا أن الجزء الأكبر من الشعب السوري المقيم داخل سوريا هم من فئة الموظفين، وانهيارهم الاقتصادي يساهم في انهيار الحياة الاقتصادية بمجملها.
ويجب القول إن أزمة انخفاض الليرة مقابل الدولار ترتبط في الجزء الأكبر منها بحالة الحرب التي تعيشها البلاد، وضعف الاحتياط النقدي للعملة الصعبة في خزينة الدولة، وتكالب التجار على الدولار؛ فضلا عن عمليات تهريب الليرة إلى خارج البلاد وتحويلها إلى الدولار. والأهم من ذلك – الهوة بين سعر صرف الدولار عند الدولة وسعر صرفه في السوق السوداء.
كل هذه العوامل وغيرها ساهمت في استمرار تراجع الليرة السورية .. و مع بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا ، حافظت العملة المحلية على استقرارها. غير أن الخروج الروسي المفاجئ لم يُعد الأمور إلى سابق عهدها، أي الانخفاض التدريجي والبطيء للعملة، بل أدى الانسحاب إلى هبوط سريع في قيمة الليرة مقابل الدولار.
وانخفضت العملة المحلية حينها في السوق السوداء من 445 ليرة أمام الدولار إلى 475 ليرة، ثم إلى 495 ليرة قبل أحد عشر يوما بالضبط، ليستمر سعر صرفها في التدهور إلى 525 للشراء و530 للبيع.
ويبدو أن نتائج سياسية معاكسة أو إيجابية قد تؤثر على قيمة الليرة السورية فقد يؤدي تراجعها إلى ضغط سياسي على دمشق للدخول في تسوية سياسية معقولة تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في تاريخ الأزمة.