” نحن فى لحظة خطرة جداً.. بالتأكيد كنا نواجه خطورة غياب البوصلة، وفى بعض اللحظات ضلت البلد طريقها للمستقبل ونحاول الوصول من وقت لأخر لنقطة انطلاق حقيقية، وهنا نحتاج لجهد غير عادى لامساك زمام الأمور مرة أخرى ثم التطلع للعالم، ولا يبدو أننا نفهم ونعى العالم من حولنا كما يجب والتغيرات التى يمر بها العالم حولنا يومياً وكيف نجد طريقنا للمستقبل لغياب البوصلة… إلا أننا أمام لحظة فارقة وخطرة تحتاج لعمق أكبر مما نراه وجسارة أكبر مما نراها الآن. والقضايا أمامنا أكبر من جهد رجل واحد فى إشارة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى أو مجموعة من الناس، فنحن أمام عالم إذا لم نلحق به سوف تتركنا عربة التاريخ، لا أريد التشاؤم لكن يجب أن نقلق لأننا نحتاج للنظرة العميقة لهذه اللحظة التاريخية، وأنا متفائل بالطبع لكن هناك مشكلة وهى غياب الحقائق، فضلاً عن أن مسالك الطرق غير واضحة ولا يزال العمل بدون خريطة واضحة للمستقبل .. وما يقلقنى أننى أرى خرائط متغيرة ففى الأعلى أوروبا تتغير وأفريقيا أسفلنا تتحرك.. وتحركات واسعة وكبيرة فى آسيا ونحن لازلنا نقف ونأخذ الأمور على هوانا فى وضع تباطؤ وأتمنى فى هذه الحظة أن يضع أحدهم أمامى الطريق ومعالم الوصول إليه.. على الخروج للمستقبل وهذا يحتاج لقوى حقيقية واحتياطات كافية، والاحتياطى الكافى هو العالم العربى وقوتك الذاتية هى قوى الاقتناع العام بما تفعليه .. اتمنى جداً أن الرئيس السيسى بمساعدة آخرين له أن يضع خريطة للأمل حيث أننى أعتقد ان مهمتنا سنة 2016 هى وضع خريطة لأمل حقيقى، وخريطة يبدو منها ماذا أفعل فى الداخل.. أتمنى أن نرى إشراقا مصريا أخر.. انبثاق أمل ليس فقط فى الداخل بل يشع فى العالم العربى… “
هذا جزء من أخر حوار للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل والذى وافته المنية منذ أيام عن عمر يناهز 92 عاما ، مع الإعلامية لميس الحديدى ببرنامج “مصر أين وإلى أين؟”، على فضائية “سى بى سي”، حيث قدم رؤية عميقة بعيدة عن السطحية والأمنيات الزائفة، مطلاً على تحديات عام 2016 بعد التحديات التى واجهنها فى عام 2015 .
فى بلاط صاحبة الجلالة
_______________________
ولد محمد حسنين هيكل في عام 1923 في حي الحسين، جنوب القاهرة، لأب من جذور صعيدية وتحديداً مركز ديروط بمحافظة أسيوط حيث كان يعمل تاجراً للحبوب، وكان يرغب في أن يصبح ابنه طبيباً، لكن الأٌقدار اختارت له طريقاً آخر وهو الصحافة، ونظراً لظروفه المادية الصعبة التحق هيكل بمدرسة التجارة المتوسطة.
قرر هيكل تطوير نفسه وتحقيق رغبته في العمل بالصحافة، ولذلك واصل دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأميركية، وخلالها كانت النقلة التي غيرت مجرى حياته.
حيث تعرف هيكل خلال تلك الفترة على “سكوت واطسون ” الصحفى المعروف بجريدة “الإيجيبشان جازيت”، وهي صحيفة مصرية تصدر باللغة الانجليزية، ونجح واطسون في إلحاق هيكل بالجريدة في 8 فبراير 1942، كصحافي تحت التمرين بقسم المحليات وكانت مهمته العمل في قسم الحوادث.
كانت “الإيجيبشان جازيت” هي الصحيفة الأجنبية الأولى في مصر، وعندما التحق بها هيكل كان عمره 19عاماً، ووقتها أيضاً كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعلت، وزاد توهج الجريدة لتغطيتها أخبار الحرب، وكان دور هيكل ترجمة ما تنقله وسائل الإعلام الأجنبية عنها.
حقق هيكل أول خبطة صحافية في حياته في تلك الجريدة وكانت خاصة بفتيات الليل، إذ حدث في تلك الفترة أن أصدر عبدالحميد حقي وزير الشؤون الاجتماعية وقتها قراراً بإلغاء البغاء رسمياً في مصر، وكان سبب هذا القرار إصابة عدد من جنود الحلفاء بالأمراض التي انتقلت إليهم من فتيات الليل، فكان أن اتفق الإنجليز وحكومة الوفد على إصدار القرار الذي أثار الجنود، كما أثار فتيات الليل وتم تكليف هيكل بلقاء فتيات الليل حيث حصل منهن على معلومات خطيرة هزت الرأى العام وقتها.
وبعد نجاح هيكل في تلك المهمة، كانت النقلة الأهم في حياته حين وقع عليه الاختيار ليذهب إلى العلمين ليغطي وقائع الحرب العالمية الدائرة هناك وبعدها سافر ليغطي الحرب في مالطا، ثم إلى باريس التي التقي فيها بالسيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة “روز اليوسف”، والتي قررت أن تضم الصحفى الموهوب إلى مجلتها، ليصبح هيكل في عام 1944 صحفيا في مجلة “روز اليوسف”، وهناك تعرف على محمد التابعي، لينتقل معه إلى صفحات “آخر ساعة”.
وتحت إدارة التوأم مصطفى وعلى أمين قدم هيكل أبرع فنونه الصحافية وكتب في 13 أغسطس 1947 ما جعله حديث مصر، حيث قدم تقاريرا مصورة عن “خط الصعيد”، ولم ينته عام 1947 حتى اخترق هيكل وباء الكوليرا ليكتب تحقيقاً عن قرية “القرين” التي لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منها، وهكذا كان طبيعياً أن يحصل الصحفى الشاب محمد حسنين هيكل عن جدارة على “جائزة فاروق”، أرفع الجوائز الصحفية بمصر في ذلك الوقت.
انتقل هيكل بعد ذلك للعمل بجريدة “أخبار اليوم” ومع التوأم على ومصطفى أمين والتي شهدت انفرادات هيكل، من تغطيته لحرب فلسطين إلى انقلابات سوريا، ومن ثورة محمد مصدق في إيران إلى صراع الويسكي والحبرة في تركيا، ومن اغتيال الملك عبد الله في القدس إلى اغتيال رياض الصلح في عمان واغتيال حسني الزعيم في دمشق.
في 18 يونيو 1952، فوجئ قراء مجلة “آخر ساعة” بعلي أمين رئيس تحرير المجلة يخصص مقاله للحديث عن هيكل، وينهيه بأنه قرر أن يقدم استقالته ويقدم هيكل رئيساً للتحرير، وهكذا أصبح هيكل رئيساً لتحرير “آخر ساعة”، ولم يكن تجاوز التاسعة والعشرين من عمره.
أطلقوا عليه عدة أسماء مثل “كاتب السلطة” و”صديق الحكام” و”صانع الرؤساء” و”مؤرخ تاريخ مصر الحديث”، إلا أن “الصحافي” ظل اللقب الذي يفضله و”الكاتب” ظل التوصيف المحبب لديه، و”المفكر” ظلت الكلمة التي تجذبه لكي يروي ويسرد ما لديه من معلومات وتحليلات.
الإرث الفكرى
____________
“كاتب السلطة” و”صديق الحكام” و”صانع الرؤساء” و”مؤرخ تاريخ مصر الحديث”، هكذا عرف هيكل بهذه الالقاب إلا أن “الصحفى” ظل اللقب الذي يفضله و”الكاتب” ظل التوصيف المحبب لديه، و”المفكر” ظلت الكلمة التي تجذبه لكي يروي ويسرد ما لديه من معلومات وتحليلات.
يكشف هيكل فى كتاب “مصر الى أين” الصادر عن دار الشروق 2012 ” أن الظروف التي تعيشها مصر هذه الأيام- والأسابيع والشهور- بما تموج به من أعراض الحيرة والجموح مما يشهده المجتمع المصري- وربما غيره من المجتمعات العربية- مرجعه إلى هذه القضية بالتحديد، وهي الإنتقال من حدث الثورة أي الإنفجار إلى الفعل أي البناء; وفي الحقيقة فتلك فترة شديدة الخطر؛ لأن أحوال الأمم فيها تكون مزدحمة بالهواجس، مكشوفة للمطامع، معرضة ومكشوفة للتدخلات والإعتراضات، تصد أو تعرقل إذا استطاعت، لأن بقايا الماضي في الداخل، وخصوم التقدم في الخارج، يحاربون آخر معاركهم بقصد أن لا تصل الثورة إلى غايتها، وتمسك بيدها حقها في فعل المستقبل
و يوضح حسنين هيكل فى كتابه ” مبارك وزمانه.. ماذا جرى في مصر ولها؟ ” الصادر عن دار الشروق 2012 “في حساب المستقبل وغاياته فإن البعض منا ينسون أحياناً أن كل إختيار سياسي- أو غير سياسي- هو بطبيعته رهان على إحتمالات لها أسباب، وعلى ممكنات لها تقديرات، لأن هذه جميعاً تطرح أمام أصحابها فرصاً تساوي الإقدام، دون أن تكون لديهم تأكيدات تضمن النتائج.
وليس إستخفافاً بالتاريخ إستعمال وصف الرهان على الخيارات السياسية وغير السياسية، لأن كل إختيار يتضمن بالقطع درجة- ودرجة كبيرة- من التعامل مع المجهول، بمعنى أن أي سياسي يجري تقديراته ويضع خططه بناء على شواهد- يراها بالبصيرة متاحة- ويستشعر بالحس قدرة شعبه وأمته على تحمل تكاليف الأمل والعمل في سبيلها- ويتوقع بالحساب أن بلوغها ممكن- كما يعتقد في نفسه بشرعية وأهلية تحمل المسئولية فيما راهن عليه.
ويعد كتاب ” المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل .. سلام الأوهام ” الصادر عن دار الشروق 2010 هو الجزء الثالث والأخير من كتاب ;المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل الذي يركز بالدرجة الأولى على الدور الذي قام به الفلسطينيون في التفاوض بأنفسهم ولأنفسهم. فإن الجزء الأول قد فتح على البدايات الاولى للصراع العربي-الإسرائيلي طوال القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، ثم جاء الجزء الثاني من هذا الكتاب ليتعرض لقصة الاتصالات والمفاوضات السرية في عصرجمال عبد الناصر وكيف جرت وقتها بعض المحاولات لإقامة جسور اتصال لم تصل إلى الضفاف الأخرى لأسباب عديدة. ثم وصلت رواية القصة بعد ذلك إلى زمن الرئيس أنور السادات وكيف تمت فيه بالفعل اتصالات تحولت بحقائق الأشياء إلى مفاوضات واتفاقات وإلى معاهدات.
وأخيراً يجيء هذا الجزء الثالث من الكتاب ليمسك من خلاله محمد حسنين هيكل بخيوط الدور الفلسطيني في التفاوض من أوله إلى آخره عبر محطات تتباعد المسافات بينها على خريطة العالم: القاهرة-عمان-بيروت-طهران-جنيف-ستوكهولم-أوسلو-واشنطن-عزة. وتلك كلها محطات كما يقول الكاتب متباعدة وبينها مسافات شاسعة، والسفر يكاد أن يكون مشياً على الأقدام من دون دروب فرعية معتمة.
خريف الغضب
أما كتاب “خريف الغضب ” الصادر عن وكالة الأهرام عام 1998 فيقول فيه :” أتمنى أن يكون واضحا أن موضوع “خريف الغضب” كان – كما هو ظاهر من كل صفحة فيه – محاولة لشرح الأسباب التى أدت إلى اغتيال الرئيس السادات وبالتالى فهو ليس سيرة لحياته ولا لدوره السياسى ولو قصدته كسيرة لرجل لاختلف تناولى للموضوع. كان السؤال المحدد الذى حاولت الإجابة عليه هو: “لماذا جاءت النهاية على هذا النحو؟” واختصرت المراحل كلها إلى موضوعى وأخذت من المراحل ما كان لازما للموضوع وإلا اختلفت السعى عن القصد .
بين الصحافة والسياسة
ويتعرض موضوع كتاب “بين الصحافة والسياسة ” الصادر عن دار الشروق 2003 لواحدة من أغرب القصص في علاقة السياسة بالصحافة في مصر على امتداد الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. فقد حدث للسياسة في مصر-وفي غيرها-ما يعرف من مد وجزر ومن انطلاق وانحسار، وفي هذا كله كان الإعلام-وصحافة الكلمة في وسطه-ساحة وطرفاً وأداة وفق طبائع الأمور التي تفرض-كما شرح محمد حسنين هيكل في بعض فصول هذا الكتاب، أن تكون الصحافة في أي بلد جزءاً من الحياة السياسية فيه.
ولهذا فإن متابعة هيكل لما جرى في عالم الصحافة في تلك الآونة من تاريخ مصر، على هذه الصفحات إنما هو مراجعة لما جرى في عوالم السياسة آنذاك.
وفي هذا الكتاب آثر هيكل رواية القصة كما عاشها، لذا فقد بدا الكتاب في جزء منه وكأنه تجربة ذاتية، وهذا لا بأس فيه ما دام الموضوع عاماً ووقائعه جزءاً من التاريخ، ثم دخول هيكل عليه هو من باب الشهود وليس من باب القضاة. ومن ناحية أخرى فلقد أراد الكاتب-والكتاب يتبع أسلوب التجربة الذاتية في كتابته-أن تظهر وتتفتح مناظر القصة ومشاهدها أمام القارئ كما جرت أمامه، ولتفصح بالتالي الوقائع عن مكنوناتها وتفضي بأسرارها على النحو الذي وقعت به فعلاً أثناء متابعته كصحفي لها. والهدف من وراء هذا الكتاب، كما حدده هيكل-ليس رواجه وتعداده من أكثر الكتب مبيعاً، ولكن الغاية هي كتاب موثق يبقى للتاريخ.
ويقول فى كتابه ” كلام في السياسة، قضايا ورجال “الصادر عن دار الشروق 2008 : “وخطر لي والأمة على أبواب ألفية ثالثة من التقويم الميلادي المصطلح عليه في زماننا العالمي – أننا نحتاج إلى وقفه لإطالة التفكير ولإعمال العقل في إناة. وقد تمنيتها وقفة نتأمل فيها دون أن نتعطل، ونراجع فيها دون نتكبر، ونتعمق – ولو قليلاً دون أن نغرق – ذلك أن الاندفاع الذي يسوقنا الآن إلى حيث لا نعرف خطر، والاستمرار فيه سباق نحو كارثة – ومجال الأفكار هو الأفق الرحب، والكتاب – كما كان على طول مسار الحضارة – لا زال مستودع الرؤى ومخزون التجارب
وفى كتابه ” الانفجار 1967 حرب الثلاثين سنة” الصادر عن وكالة الاهرام للتوزيع 1998 يوضح : ” إن قصة 5 يونيو سنة 1967 .. ليست قصة أيام ستة اندلع فيها القتال ثم ساد وقف اطلاق النار بعده ، وإنما القصة قبل ذلك بكثير وبعده بكثير لأن وقائع التاريخ الكبرى لا تهبط على المواقع مثل قوات المظلات.
وقد أضيف إلى ذلك أننى راعيت في سياق رواية الأحداث ان تتكشف للقارئ وقائعها بنفس الطريقة والمنطق والتوقيت الذي تكشفت به امام صانع القرار الذي كان مسئولا عن ادارة الأزمة – وقد وجدت هذا الترتيب الطبيعي أكثر ملاءمة من غيره.
ويعرض كتاب ” على هامش صراع الحضارات ” الصادر عن دار الشروق 2009 “إننا نجد أنفسنا بالواقع وبسهولة شديدة – محزنة في نفس الوقت – نساعد على تحويل صراعات سياسية إلى حروب هويات حضارية تخرج غاضبة منسحبة من شراكة التقدم الإنساني الجامع والشامل مع أي استفزاز – يتحول بالإثارة إلى فتنة، ويتحول بالفتنة إلى حرب، ويتحول بالحرب إلى قطيعة، ويتحول بالقطيعة إلى حصار للذات، ومن سوء الحظ أن حكومات عربية إسلامية – بوعي أو بغير وعي – تصرفت حِيال الفتنة بقدر كبير من قصر النظر في إدارة الأزمات إن لم يكن بقدر كبير من سوء النية بمحاولة استغلال الفتنة للإلهاء والتغييب.
هيكل .. والسلطة
وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، كان هيكل أكثر الصحفيين قرباً للرئيس جمال عبدالناصر، ووصلت العلاقة بينهما إلى ما يشبه الصداقة الحميمية التي جعلت هيكل يتبوأ مكانة كبيرة، مكنته من الاقتراب من دوائر صنع القرار في مصر والعالم العربي. وازدادت العلاقة قرباً بينه وبين جمال عبدالناصر ليصبح هيكل بعد فترة المتحدث الرسمي باسم “حركة الضباط الأحرار”.
في الفترة من 1956 إلى 1957، عرض عليه مجلس إدارة “الأهرام” رئاسة مجلسها ورئاسة تحريرها معاً، واعتذر في المرة الأولى، ثم قبل في المرة الثانية، وظل رئيساً لتحرير جريدة “الأهرام” حتى عام 1974، وفى تلك الفترة وصلت “الأهرام” إلى أن تصبح واحدة من الصحف العشرة الأولى في العالم.
في سبيل البقاء كرئيس لتحرير “الأهرام” رفض هيكل الوزارة أكثر من مرة، حتى اضطر لقبول وزارة الإرشاد قبيل وفاة عبدالناصر، وحين اشتُرط ألا يجمع بينها وبين “الأهرام” تركها بمجرد وفاة عبدالناصر، ورفض بعد ذلك أي منصب مهما كان كبيراً طالما سيبعده عن “الأهرام”.
وبعد وفاة ناصر وتولي محمد أنور السادات حكم مصر، وقف هيكل بجانب الرئيس الجديد للتغلب على مراكز القوى، وبعد حرب أكتوبر ولخلافات بينه وبين السادات حول تداعياتها ومباحثات فض الاشتباك، خرج هيكل بقرار رئاسي من “الأهرام” عام 1974، وبعدها اتجه لتأليف الكتب ومحاورة زعماء العالم، وتم ترجمة كتبه إلى 31 لغة.
ونتيجة لكتبه التي كان ينتقد فيها سياسات السادات اعتقله الرئيس الراحل ضمن اعتقالات سبتمبر 1981، وخرج بقرار من الرئيس حسني مبارك وبعدها اعتكف هيكل وإن واصل إنتاج الكتب والمؤلفات.
اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحفى في 23 سبتمبر 2003 بعد أن أتم عامه الثمانين، وكتب مقالاً مثيراً تحت عنوان “استئذان في الانصراف”، إلا أن حاسته الصحفية وعشقه للكتابة طغى عليه، فعاد ليواصل عطاءه الصحافي سواء في كتابة المقالات أو تقديم حلقات تليفزيونية للفضائيات العربية والمصرية.
لم يقتصر عمل هيكل على العمل الصحفى المعروف بل اتجه للتحليل ومحاورة زعماء العالم ومنهم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، وامبراطور اليابان، والخميني، وعدد من الرؤساء والزعماء السياسيين العرب والدوليين، وهو ما مكنه من الوصول إلى وثائق وأرشيفات مهمة جدا قد تكشف كثيرا من الاسرار فى السنوات القادمة ..
رحم الله هيكل – هذه الشخصية الثرية التى أثارت جدلا واسعا …