يحتفي الوطن هذه الأيام بذكرى مرور عام على تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز ـمقاليد الحكم في البلاد، وهو العام الذي شهد عدد كبير من التطورات التاريخية في المملكة. منذ أن تولى — مقاليد الحكم، حرص على استمرار تكامل العلاقات السعودية – المصرية، بالرغم من تصاعد أصوات الإعلام المعادي التي تهدف تعكير صفو هذه العلاقة ، ويُعد عام 2015م مرحلة تاريخية عصفت بكل التحليلات والتنبؤات التي أخذت بُعداً أيديولوجياً في تفسير العلاقة بين المملكة ومصر بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – – ٬ لمقاليد الحكم.
ففي الثامن من فبراير عام 2015م، أكد عاهل السعودية في اتصالٍ هاتفيّ تلقاه من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن «موقف المملكة تجاه مصر واستقرارها وأمنها ثابت لا يتغير، وأن علاقة المملكة ومصر أكبر من أي محاولة لتعكير العلاقات المميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين».
وفي مطلع شهر مارس 2015م، كانت أول زيارة للرئيس المصري للمملكة٬ وكان سلمان في مقدمة مستقبليه بمطار الرياض.
وعقب هذه الزيارة، وتحديداً في 13 مارس 2015م، قدمت المملكة دعماً لمصر بأربعة مليارات دولار في المؤتمر الاقتصادي الذي عُقِد بمدينة شرم الشيخ.
ثم أتت مشاركة مصر بقوات جوية وبحرية ضمن التحالف الدولي «عاصفة الحزم»، في 25 مارس 2015م، من أجل عودة الشرعية في اليمن٬ ضد الحوثيين.
وكانت مصر الوجهة الأولى لزيارات الملك سلمان بن عبد العزيز الخارجية٬ في 28 مارس 2015م، وترأس خلالها وفد المملكة إلى القمة العربية السادسة والعشرين التي عُقدت في مدينة شرم الشيخ.
وتلى ذلك، زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في 14 أبريل 2015م للقاهرة، حيث التقي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وفي 2 مايو عام 2015م، استقبل لملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – في قصر العوجا بالعاصمة الرياض، الرئيس عبد الفتاح السيسي٬ في ثاني زيارة له.
وفي 12 مايو 2015م، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار وأمير منطقة مكة.
وخلال زيارته الرسمية الأولى للقاهرة للقاء كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسامح شكري، وزير الخارجية، في 31 مايو 2015م، أشار وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى أن التنسيق بين السعودية ومصر مستمر بخصوص اليمن وسوريا٬ مبينا أنه «لا يوجد خلاف أبدا بين الرياض والقاهرة».
وفي نهاية شهر يونيو 2015م، أعرب الملك سلمان بن عبد العزيز عن «إدانة المملكة واستنكارها للهجوم الإرهابي الإجرامي الجبان» الذي استهدف النائب العام المصري هشام بركات٬ وذلك خلال اتصال هاتفي بالرئيس السيسي. عقب ذلك إرساله – أيده الله -، برقية عزاء للرئيس المصري، في 2 يوليو 2015م، بعد استهداف الإرهاب لنقاط تفتيش أمنية في سيناء، مجدداً وقوف المملكة مع مصر في مواجهة كل ما يستهدف أمنها واستقرارها.
وعقب ذلك، استقبل عاهل السعودية سامح شكري وزير الخارجية المصري، في 24 يوليو 2015م، حيث استعرض “شكري” وجهة نظر ورؤى القيادة المصرية إزاء سبل تعزيز العلاقات الثنائية والعمل المشترك.
ثم جاء «إعلان القاهرة»، خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان، في 30 يوليو 2015م، حيث تضمن الاتفاق وضع حزمة من الآليات التنفيذية تشمل تطوير التعاون العسكري وإنشاء القوة العربية المشتركة٬ وتعزيز التعاون المشترك والاستثمارات في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل٬ كما نص الاتفاق على تكثيف التعاون السياسي والثقافي والإعلامي بين البلدين.
وعقب هذه الزيارة قرر الرئيس المصري تمديد مشاركة العناصر اللازمة من القوات المسلحة المصرية في مهمة الدفاع عن الأمن القومي المصري والعربي في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر وباب المندب٬ وذلك لمدة ستة أشهر إضافية أو لحين انتهاء مهمتها القتالية.
وفي السادس من أغسطس 2015م، قام مستشار و أمير مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، بحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة على رأس وفد رفيع المستوى من المملكة.
وفي الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، استقبل الرئيس السيسي وزير خارجية السعودية عادل الجبير، في إطار متابعة التشاور والتنسيق المستمر بين البلدين الشقيقين حيث تسلم السيسي دعوة للمشاركة في القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بالرياض.ثم جاءت مشاركة الرئيس المصري، في القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بالرياض، والتي بدأت أعمالها في 10 نوفمبر 2015م.
وعلى هامش القمة، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز – حيث تناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات المصرية السعودية في مختلف المجالات والقضايا المدرجة على جدول أعمال قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية.
ثم أجرى الرئيس المصري مباحثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز تناولت سبل دعم وتعزيز العلاقات الثنائية والتطورات الجارية على الساحة العربية وخاصة الأزمة السورية، والقضية الفلسطينية والأوضاع باليمن وليبيا، كما شهد اللقاء تأكيداً على أهمية مجابهة محاولات التدخل في شئون الدول العربية، والتيقظ للمساعي التي تستهدف بث الفرقة والانقسام بين الأشقاء، وذلك حفاظاً على النظام العربي الجماعي الذي تسعى مصر والسعودية إلى ترميمه وتقويته في مواجهة محاولات اختراقه وإضعافه.
وقد شهد الزعيمين مراسم التوقيع على محضر إنشاء مجلس تنسيق سعودي – مصري، يتولى الإشراف على تقديم المبادرات وإعداد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية بين البلدين في المجالات المشار إليها في “إعلان القاهرة”.
وانطلاقاً من العلاقات التاريخية الراسخة التي تجمع بين المملكة وجمهورية مصر العربية، رأس الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ورئيس مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية المهندس شريف إسماعيل، الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي – المصري في مدينة الرياض، في 2 ديسمبر 2015م، وقد استعرض مجلس التنسيق العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، وأكد حرصه على تطويرها وتعزيزها بما يحقق تطلعات القيادتين، ويخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
وفي 15 ديسمبر 2015م، التقى ولي العهد، الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكدًا على وحدة المصير وقوة ومتانة العلاقات الاستراتيجية التي تربط الدولتين الشقيقتين. كما أكد حرص المملكة الدائم على تعميق التعاون والتنسيق المتواصل بين البلدين.
كما عُقد الاجتماع الثاني للمجلس التنسيقي السعودي – المصري, والذى ضم وزراء الإسكان، والمالية، والخارجية، والاستثمار، والزراعة، والتربية والتعليم، والنقل، والتعاون الدولي، والثقافة، والقوى العاملة، وممثلي الجهات والهيئات المعنية، برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز والمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء المصري، وبحضور أعضاء المجلس من الجانبين.
وعقب هذا الاجتماع، تم الإعلان عن صدور توجيهات الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بأن تزيد الاستثمارات السعودية في مصر إلى 30 مليار ريال، وأن يتم الإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات، إضافةً إلى دعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية.
وفي اليوم الأخير من عام 2015م، تأكدت وحدة الرؤى والمواقف، خلال لقاء الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، حيث أكدا خلال اللقاء على استراتيجية العلاقات السعودية – المصرية، وضرورة المضي قدماً بدفعها نحو المزيد من التقدم والازدهار.
كما أكد الجانبان على عزم القيادتين السعودية والمصرية على توفير كل أشكال الدعم السياسي كي تشهد المرحلة القادمة المزيد من الترابط، وأن تعكس مشروعات وبرامج التعاون الجاري دليلاً مادياً على عمق وخصوصية العلاقات بين البلدين، واستعرض الجانبان مسار العلاقات الثنائية بين البلدين والإعداد للاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي – المصري الذي عُقد في الرياض في 3 يناير الجارى، على مدار ثلاثة أيام.