تحتفل الكنيسة اليوم بعيد نياحة القديس بيمين الشهيد بغير سفك دم، وقد كان من منية بني خصيب من أعمال الأشمونين، وكان وكيلا لأشغال رجل أرخن جليل المقدار، ولطهارته وتقواه أحبه الجميع، كما كان لزوجة ذلك الأرخن ثقة عظيمة به، ولاحتقاره أباطيل العالم، ترك عمله وقصد ديراً في تلك المدينة حيث ترهب فيه، فلما علم الأرخن توجه إليه هو وزوجته وسألاه العودة إلى الخدمة آسفين علي فراقه، وإذ لم يوافقهما عادا حزينين، أما القديس فقد إستمر في عبادته ونسكه، ولم يقنع بذلك بل رغب إن يصير شهيدا بسفك دمه علي أسم المسيح له المجد، فمضي إلى أنصنا ووجد كثيرين من المسيحيين يعذبون علي اسم المسيح، فتقدم هو أيضًا وأعترف، فعذبوه عذابا شديداً بالضرب والحريق وتقطيع الأعضاء والعصر بالهنبازين، وفي ذلك كله كان السيد المسيح يقويه ويقيمه سالما، وفيما هو علي هذا الحال إنقضي زمان عبادة الأوثان، وملك قسطنطين الملك البار، وأمر بالإفراج عن كل الذين في السجون بسبب الإيمان، فظهر السيد المسيح لهذا القديس وأمره إن يخبر جميع القديسين المسجونين بأنه تبارك إسمه قد حسبهم مع جملة الشهداء ودعاهم بالمعترفين، وأرسل الملك قسطنطين يستحضر إثنين وسبعين منهم فمضوا إليه وبينهم القديس أبانوب المعترف، أما القديس بيمين فسكن في دير خارج الأشمونين، وكان الرب قد أنعم عليه بموهبة الشفاء، وشاع ذكره في جميع تلك النواحي، وحدث إن مرضت ملكة رومية بمرض عضال إستعصي علاجه، وزارت أديرة وكنائس كثيرة ولم تحصل علي الشفاء، وأخيراً آتت إلى أنصنا وصحبها الوالي ورجاله إلى حيث القديس، ولما أعلموه بحضورها لم يبادر إلى لقائها بل قال ” ماذا لي أنا مع ملوك الأرض “، ولما ألح الأخوة عليه خرج إليها، فلما رأته خرت عند قدميه، فصلي القديس علي زيت ودهنت به فبرئت في الحال، وقدمت له أموالاً كثيرة وهدايا عظيمة فلم يقبلها، ما عدا آنية برسم الهيكل، وهي صينية وكأس وصليب من ذهب، ثم عادت إلى مدينتها ممجدة الله، وكان هناك أسقف قديس يعيد هو وجماعة من المؤمنين لبعض الشهداء في أحد الأديرة، فعلم بأن الأريوسيين قد إتخذوا لهم أسماء شهداء بغير وجود، وعينوا لهم أسقفا غير شرعي، وأضلوا بذلك كثيرين من الشعب، فتوجه الأسقف إلى القديس بيمين وأعلمه بذلك، فاخذ معه جماعة من الرهبان وذهبوا إلى حيث هؤلاء المخالفين وجادلوهم وبينوا ضلالتهم فتشتتوا وبدد الرب شملهم، ورجع القديس بيمين إلى ديره وتقدم في الأيام ومرض، فجمع الاخوة وأوصاهم، وأعلمهم أنه قد حان الوقت ليمضي إلى الرب، فحزنوا جدا علي فراقه، ثم أسلم الروح فكفنه الاخوة، وصلوا عليه، وقد حدثت من جسده آيات شفاء عديدة.