يستعد البابا فرنسيس للقيام بالرحلة الأكثر دقة إبان حبريته والتي ستقوده خلال أسبوعين، من ساحة الثورة في هافانا إلى الكونجرس الأميركي فالأمم المتحدة. وتقول مصادر الفاتيكان أن البابا استفاد من تراجع الأنشطة الصيفية للانكباب على تحضير خطاباته، لاسيما تلك التي سيلقيها أمام النواب الأميركيين، ثم في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وتبدو الجزيرة الكوبية حيث سيمضي ثلاثة أيام، المحطة الأكثر سهولة. فمن المتوقع أن يكون الاستقبال بالغ الحفاوة، لأن النظام الكوبي سيعرب عن امتنانه للدور الذي اضطلع به البابا في المصالحة مع الولايات المتحدة. وبعدما استقبلت البابوين يوحنا بولس الثاني وبندكتس السادس عشر، ستكون الجماهير الكوبية على موعد معه، للاستماع إلى حديثه عن المصالحة خلال زياراته إلى هافانا وهولغين وسانتياغو.
لكن وصول البابا إلى الولايات المتحدة، يثير اهتماماً كبيراً ويتسبب بكثير من ردود الفعل المتناقضة.
فقد يستقبله قسم من الطبقة السياسية الاميركية بفتور. أولاً، لأن البابا اختار أن يزور هافانا قبل واشنطن، فيما لم يرفع الكونجرس بعد الحصار المفروض على كوبا. كذلك، فإن رسالته “كن مسبحاً” حول حماية البيئة، وخطاباته الاجتماعية القوية ضد الليبرالية الاقتصادية الفالتة من الضوابط، والتمويل الأعمى والاستثمار غير المقيد للموارد الطبيعية، حملت البعض منهم على اعتباره “ماركسياً”.
وقد يعمد البابا فرنسيس، وهو أول بابا للفاتيكان يتحدث أمام الكونجرس الاميركي، إلى التذكير بعبارات حازمة بمسؤولية القوة العظمى في الحد من التلوث، من خلال المطالبة خصوصاً بالانتقال من الطاقة الأحفورية نحو الطاقة المتجددة.
وخلال هذه الزيارة، وهي الخامسة التي يقوم بها بابا للفاتيكان إلى الأمم المتحدة، سيعرض البابا كامل برنامجه الاجتماعي والبيئي لمكافحة “ثقافة النفايات” و”عولمة اللامبالاة”. ومن المتوقع أن يوجه البابا رسائل قوية متنوعة. فسيطالب بالتزامات ملموسة خلال مؤتمر باريس حول المناخ في ديسمبر.
كما سيدعو إلى حل تفاوضي في الشرق الأوسط، وإلى حوار متبادل مع الإسلام، والدفاع عن المسيحيين المضطهدين في العالم. وسيدعو أيضاً إلى القيام بخطوات منسقة لمكافحة الاتجار بالبشر واستقبال المهاجرين غير الشرعيين. ويشكل هذا الموضوع حساسية كبيرة في الولايات المتحدة حيث يريد سياسيون محافظون الحد من الهجرة من أميركا اللاتينية.
ويتضمن البرنامج أيضاً لقاءات مع شرائح المجتمع الأميركي من المهمشين والمشردين والعائلات المهاجرة والمسجونين والأميركيين من أصول لاتينية. وسيزور البابا أيضاً غراوند زيرو حيث وقعت اعتداءات 11 سبتمبر 2001، وسيطوب المرسل الفرنسيسكاني الاسباني جوبينيرو سيرا الذي شارك في تبشير الهنود في كاليفورنيا في القرن الثامن عشر. وأخيراً في فيلادلفيا، سيختتم البابا اللقاء العالمي للعائلات الكاثوليكية.