أطلق صندوق النقد العربى إصدار سبتمبر من تقرير “آفاق الاقتصاد العربي” الذي يتضمن تحديثا لتوقعات النمو الاقتصادي واتجاهات تطور الأسعار المحلية في الدول العربية خلال عامي 2015 و2016.
وأشار التقرير إلى أن النشاط الاقتصادي العالمي لم يشهد تحسناً ملحوظاً خلال النصف الاول من عام 2015 بخلاف ما كان متوقعاً من قبل عدد من المؤسسات الدولية، وهو ما يعزى إلى عدد من العوامل لعل من أهمها: الأداء الأقل من المتوقع للاقتصاد الأمريكي، واستمرار المخاطر المحيطة بالنمو الاقتصادي في منطقة اليورو، كذلك انكماش الناتج في كومنولث الدول المستقلة نتيجة المخاطر الجيوسياسية، إضافة إلى تراجع وتيرة النمو في بعض الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة على رأسها الصين، وبعض دول أمريكا الجنوبية والدول الرئيسية المصدرة للنفط.
وأوضح التقرير أن المؤسسات الدولية خفضت توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي عن العام الحالي إلى 3,3%، في المقابل من المتوقع نمو الاقتصاد العالمي بنحو 3,8 %عام 2016 في ظل التوقعات بتحسن معدل نمو الدول المتقدمة والدول النامية واقتصادات السوق الناشئة على حد سواء.
وأوضح التقرير أنه على صعيد التجارة الدولية، من المتوقع نموها بنسبة 4,1 %عام 2015، ومواصلتها الارتفاع بنسبة 4,6 %العام المقبل، وهو ما لا يزال أقل بكثير مقارنة بمعدلات نمو التجارة الدولية المسجلة قبل الأزمة المالية العالمية التي كانت تمثل ثلاثة أضعاف معدلات نمو التجارة الدولية المسجلة حالياً.
أما فيما يتعلق بالأسواق العالمية للنفط، فمازالت متأثرةً بالتعافي الهش للاقتصاد العالمي، وبضغوط وفرة الإمدادات النفطية.
وأضاف التقرير: رغم تحسن مستويات الأسعار العالمية للنفط خلال الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول، فإن متوسط الأسعار المسجلة خلال العام الجاري لا تزال أقل من مثيلاتها المسجلة خلال عامي 2013 و2014 بنحو 50 و40 دولارا للبرميل على التوالي.
وكانت الأسعار العالمية للنفط قد سجلت مكاسب خلال الربع الثاني من العام الجاري مع ارتفاعها بنحو 20 %مقارنة بمستويات الأسعار المسجلة خلال الربع الاول من العام، إلا أنها عاودت الهبوط خلال الربع الثالث من العام، وفقدت مكاسبها المحققة مسبقاً على ضوء المخاوف بشأن آفاق النمو الاقتصادي العالمي والاضطرابات التي شهدتها البورصات العالمية في عدد من الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة.
وتتوقع المؤسسات الدولية تراجع الأسعار العالمية للنفط بنحو 40 %خلال عام 2015، وتعافيها بنسبة 9 %عام 2016، مع تعزز مستويات النشاط الاقتصادي العالمي والتوقعات بتراجع مستويات المعروض من خارج دول أوبك.
وأشار التقرير إلى أن التطورات السابق الإشارة إليها سوف تؤثر على مستويات الطلب العالمي، ومن ثم على أداء الاقتصادات العربية خلال عامي 2015 و2016 وخاصة على ضوء مساهمة الصادرات العربية الإجمالية بنحو 53 %من الطلب الكلي وارتفاع الأهمية النسبية للإيرادات النفطية إلى ما يشكل 68 %من إجمالي الايرادات العامة للدول العربية كمجموعة ،فيما يتعلق باتجاهات النمو الاقتصادي في المنطقة العربية خلال عام 2015، وكنتيجة الانعكاسات المحتملة للتطورات الاقتصادية العالمية، وعلى ضوء التطورات المحلية التي شهدتها الاقتصادات العربية خلال العام والافتراضات الرئيسية للتقرير، توقع صندوق النقد العربي تحقيق الدول العربية كمجموعة معدل نمو يحوم حول 2,8 %عام 2015، بما يعكس تحسن آفاق النمو في بعض الدول العربية وتراجعها في دول عربية أخرى.
وتوقع التقريرانخفاض معدل نمو الناتج بالأسعار الثابتة للدول العربية المصدرة للنفط إلى 2,7 %خلال عام 2015 مقارنة بنحو 3 في المائة للنمو المسجل عام 2014، مع استمرار التباين في وتيرة النمو المحققة داخل المجموعة.
كما توقع التقرير تأثر اقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدرجة أقل بانخفاض أسعار النفط مقارنة بالدول العربية النفطية الاخرى سواء نتيجة لجوء بعضها إلى زيادة كميات الإنتاج النفطي خلال العام أو لحرص عدد من حكومات هذه الدول على تبني سياسات مالية معاكسة للدورات الاقتصادية لدعم النمو الاقتصادي.
وعليه، من المتوقع تراجع معدل نمو اقتصادات دول مجلس التعاون إلى نحو 3 في المائة عام 2015، مقارنة بنحو 3,4 %لمعدل النمو المحقق عام 2014،في المقابل، من المتوقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية الأخرى المصدرة للنفط باستثناء الجزائر بما يعكس تأثير تراجع الأسعار العالمية للنفط والغاز على اقتصادات هذه الدول التي زاد من حدتها التطورات الداخلية في هذه الدول.
فيما يتعلق بالدول العربية المستوردة للنفط التي كانت قد شهدت خلال السنوات السابقة تطورات غير مواتية على صعيد النمو الاقتصادي، من المتوقع استفادتها عام 2015 من الاستقرار النسبي المُحقق في بعضها، ومن الأثر الايجابي الناتج عن تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية إضافة إلى استفادة بعضها نسبياً من تراجع الأسعار العالمية للنفط.
وتوقع التقريرارتفاع معدل نمو دول المجموعة إلى 3,4 %لعام 2015، مقارنة بنحو 2,5 %للنمو المسجل العام الماضي ،أما فيما يتعلق بتوقعات النمو للدول العربية خلال عام 2016، من المتوقع ارتفاع وتيرة النمو الاقتصادي في الدول العربية كمجموعة إلى نحو 3,5 %عام 2016 في ظل التحسن المرتقب للأنشطة الاقتصادية في كل من مجموعتي الدول العربية المصدرة للنفط والمستوردة له على حد سواء.
فعلى ضوء التعافي المتوقع لأسعار النفط خلال عام 2016، من المتوقع أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على مستويات النشاط الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط، التي من المتوقع ان يعاود معدل نموها الاتجاه نحو الارتفاع إلى 3,4 %، مستفيداً من الارتفاع المتوقع في نمو النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بنحو 3,7 %في ظل الزيادة المتوقعة للإيرادات الهيدروكربونية، وتسارع تنفيذ عدد من المشروعات الاستثمارية الضخمة في إطار الخطط التي يجري تنفيذها لزيادة مستويات تنويع النشاط الاقتصادي.
كذلك ستستفيد الدول العربية المستوردة للنفط من التحسن المتوقع للطلب العالمي الذي سيدعم الأنشطة الانتاجية والخدمية، ويساعد على توفير المزيد من فرص العمل.
فيما قد تتأثر آفاق النمو في بعض تلك الدول بمعاودة أسعار النفط اتجاهها نحو الارتفاع، الأمر الذي قد يؤثر على أوضاعها المالية ويضغط على الموارد المتاحة للإنفاق الاجتماعي والاستثماري،توقع التقرير نمو مجموعة الدول العربية المستوردة للنفط بنحو4 %العام المقبل .
بخصوص اتجاهات تطور الأسعار المحلية، توقع التقرير تراجع معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة إلى 7,4 %خلال عام 2015 مقارنة بنحو 8,2 %في عام 2014.
وأوضح التقرير وجود عدد من العوامل التي من شأنها خفض الضغوط التضخمية في الدول العربية كمجموعة عام 2015، يأتي على رأسها انخفاض مكون التضخم المستورد – الذي يعد من أهم محددات التضخم في عدد من الدول العربية – سواء نتيجة تراجع أسعار النفط والسلع الغذائية أو نتيجة استفادة بعض الدول العربية التي ترتبط عملاتها بالدولار من ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.
في المقابل، هناك عوامل قد تحد نسبياً من أثر الانخفاض المتوقع في المستوى العام للأسعار في الدول العربية كمجموعة من بينها ظهور ضغوط تضخمية ناتجة عن صدمات جانب العرض في بعض الدول العربية نتيجة التطورات الداخلية.
وعلى مستوى مجموعات الدول العربية، من المتوقع أن تشهد مجموعة الدول العربية المصدرة الرئيسية للنفط ارتفاعاً في معدل التضخم إلى نحو 4 %عام 2015 مع تباين اتجاهات تطور الأسعار المحلية داخل دول المجموعة.
ففي حين من المتوقع تراجع معدلات التضخم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى 2,4 %في عام 2015، من المتوقع ارتفاعه في مجموعة الدول العربية الأخرى المصدرة للنفط إلى 4,3%، في المقابل من المتوقع، تراجع معدلات التضخم في الدول العربية المستوردة للنفط خلال عام 2015 إلى 10%
أما فيما يتعلق بمعدل التضخم المتوقع في الدول العربية كمجموعة لعام 2016، فمن المتوقع ارتفاعه إلى 7,8 %خلال العام المقبل بما يعكس تأثير الارتفاع المتوقع في الأسعار العالمية للنفط، وبعض الضغوط التضخمية المحتملة نتيجة تسارع مستويات الطلب المحلي في ظل التحسن المتوقع في النشاط الاقتصادي في عدد من الدول العربية وتسارع وتيرة تنفيذ عدد من المشروعات الاستثمارية الضخمة في بعضها.
وعلى صعيد مجموعات الدول العربية، من المتوقع عام 2016 ارتفاع المستوى العام للأسعار في الدول العربية المصدرة للنفط ليصل إلى نحو 4,3 %، في ظل التوقعات بارتفاع التضخم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى 2,8 %، ومواصلته الارتفاع في الدول العربية الأخرى المصدرة للنفط إلى 4,6% ،كذلك يتوقع ارتفاع معدل التضخم في الدول العربية المستوردة للنفط إلى نحو 11,4 %عام 2016.