فتحت مراكز الاقتراع في بريطانيا أبوابها أمس الخميس أمام ملايين الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة. وتجري الانتخابات على 650 مقعدا في مجلس العموم البريطاني..كما يجرى التصويت على الآلاف من مقاعد المجالس المحلية في انجلترا.
وتبلغ أعداد الناخبين المسجلين نحو 50 مليونا، وأدلى بعضهم بالفعل بأصواتهم من خلال التصويت بالبريد.
يُشار إلى أن نسبة إقبال الناخبين في الانتخابات العامة الأخيرة عام 2010 بلغت 65 في المئة.
وشكلت في بريطانيا عقب انتخابات 2010 أول حكومة ائتلافية منذ الحرب العالمية الثانية إذ لم ينجح أي من الأحزاب المتنافسة في الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان.
حيث إن تشكيلة الحكومة المقبلة سيكون رهن تحالفات ومشاورات مكثفة. ويزيد احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حال فوز حزب المحافظين في الانتخابات، حيث وعد كاميرون بإجراء استفتاء حول العضوية بحلول 2017.
في المقابل حذر عدد من قادة الشركات والمستثمرين من أن وصول حزب العمال المعارض قد يضر باقتصاد البلاد الذي يعاني عجزًا بنحو 90 مليون جنيه إسترليني (120 مليار يورو، 140 مليار دولار).
حكومة متعددة الأحزاب
ومع استبعاد احتمال فوز أي من الحزبين الكبيرين بأغلبية تؤهله لتشكيل حكومة وتزايد نفوذ الأحزاب الصغيرة، فمن المرجح أن تكون تلك الانتخابات مؤشرًا على تقلص سياسة الحزبين التقليدية في بريطانيا وصعود سياسة الأحزاب المتعددة المنتشرة في أوروبا.
ووصف الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد البروفيسور توني ترافيرز تلك الانتخابات بـ”الاستثنائية”، متوقعًا أن تقود إلى شكل من أشكال الحكومة المتعددة الأحزاب “وربما أقل استقرارًا من تلك التي شكلت العام 2010”. ويتولى المحافظون السلطة في البلاد ضمن حكومة ائتلاف مع الليبراليين الديمقراطيين منذ 2010. ويعتقد أن تسفر الانتخابات عن حكومة أقلية تدعمها قاعدة غير رسمية من الأحزاب الصغيرة.
جولات مرهقة
ويقترب كل من رئيس حزب المحافظين الحاكم – رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ورئيس حزب العمال المعارض إد ميليباند اللذين أظهرت استطلاعات الرأي تقارب فرصهما، من نهاية جولاتهما الانتخابية المرهقة في إطار مساعيهما الأخيرة لجذب أصوات الناخبين المترددين. ويصر الزعيمان على سعيهما للحصول غالبية واضحة في مجلس العموم المكون من 650 مقعدًا تمكنهما من الحكم منفردين، لكن الأنظار تتجه إلى التحالفات الممكنة مع أحزاب أصغر.
وأقر كاميرون على ما يبدو بإمكانية عقد ائتلاف جديد أو تشكيل حكومة أقلية، وذلك في مقابلة مع إذاعة بي.بي.سي. ويبدو أن المحافظين يتجهون للتحالف مع الليبراليين الديمقراطيين بزعامة نيك كليغ، الذي يشكلون معه حكومة ائتلاف منذ 2010. وفيما استبعد ميليباند أي صفقة رسمية مع الحزب القومي الأسكتلندي المؤيد للاستقلال، يعتقد أن حزبه يمكن أن يشكل حكومة أقلية مع حزب العمال.
وترك الليبراليون الديمقراطيون الاحتمالات مفتوحة أمام دعم المحافظين أو العمال، فيما رفض القوميون الأسكتلنديون دعم المحافظين، فيما يبدو لن يفوز حزب الاستقلال البريطاني المعارض للاتحاد الأوروبي بأكثر من بضعة مقاعد. الأمر الوحيد المؤكد هو أن الحزب القومي الأسكتلندي سيحقق مكاسب كبيرة وسيفوز بغالبية المقاعد في أسكتلندا على حساب العمال، مما سيجلب تغييرًا على المشهد السياسي لبريطانيا ويزيد من احتمالات استقلال أسكتلندا.
ويبدو أن المشاورات لتشكيل حكومة ستكون معقدة. وتفجر نقاش ساخن حول الشرعية السياسية، علمًا بأن الحزب الذي يفوز بأكبر عدد من المقاعد ربما لا يكون هو الحاكم. وسيكون الاختبار الأول للحكومة الجديدة عندما يصوت البرلمان على برنامجه التشريعي بعد خطاب الملكة في 27 مايو وهو تصويت على الثقة بحكم الأمر الواقع.
صناديق الاقتراع
وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها صباح الخميس، وتنشر نتائج استطلاعات المشاركة فورًا، وتبدأ النتائج الأولية بالظهور حوالي منتصف الليل، فيما يتوقع صدور النتائج النهائية بعد ظهر اليوم الجمعة. ويدلي البريطانيون بأصواتهم في نحو 50 ألف مركز اقتراع منتشرة في كافة أنحاء بريطانيا وفي أماكن غير اعتيادية مثل الحانات ومنازل نقالة ومرائب سيارات.
وتم تسليم أولى صناديق الاقتراع إلى مناطق نائية من بريطانيا مثل جزيرة راثلين قبالة السواحل الشمالية الشرقية لأيرلندا الشمالية. “المحافظين” يتصدر استطلاعات الرأي
وفي آخر استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” حصل حزب المحافظين على 34% من الأصوات يليه العمال بـ33% وحزب الاستقلال البريطاني بـ14%.
وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم الحزب المحافظ الذي ينتمى له رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بنسبة هامشية على منافسه حزب العمال، حيث حصل الحزبان على نجو 34 ٪ من الأصوات.
ووصفت صحيفة “دايلي ميل”، الداعمة للمحافظين، الانتخابات بأنها “غير المتوقعة على الإطلاق التي تشهدها البلاد منذ جيل”، وقالت أن 25 ٪ من الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد حتى يوم الانتخابات.
وسوف تحدد نتائج الانتخابات الاتجاه الاقتصادي لبريطانيا ،ويمكن أن يكون لنتائج الانتخابات تأثير على خدمات الشؤون الاجتماعية في بريطانيا بالإضافة إلى علاقتها مع الاتحاد الأوروبي وحتى وحدة البلاد في المستقبل.
وقد طالب كاميرون الناخبين عشية الانتخابات بمنحه خمسة أعوام أخرى لتأمين الاقتصاد، في حين طالبهم المرشح المنافس إيد ميلباند باختيار حكومة عمالية تضع المواطنين العاملين في المرتبة الأولى.
وقد أدلى كاميرون وميلباند ونائب رئيس الوزراء نيك كليج وزعيم الديمقراطيين الليبراليين بأصواتهم.
ووفقا لنظام الدوائر الانتخابية في بريطانيا، فإنه من المتوقع أن يفوز الحزبان الكبيران بنحو 550 مقعدا أو 85 ٪ في البرلمان المؤلف من 650 مقعدا.
ولكن من غير المرجح أن يفوز أي حزب بأغلبية برلمانية في الانتخابات، مما سوف يجعل البرلمان معلقا، مثل الانتخابات التي أجريت عام2010.
ومن المتوقع أن يحاول كاميرون وميلباند تشكيل حكومة أقلية أو ائتلافية مع حزب أو أكثر من الأحزاب الصغيرة بعد الانتخابات.
ومن المتوقع أن يجتذب حزب استقلال بريطانيا ثالث أعلى عدد من الأصوات تتراوح ما بين 11 و16٪ ،ولكن سوف يفوز بحفنة من المقاعد.
كما من المتوقع أن يفوز الحزب الديمقراطي الليبرالي ـ الذي كان شريكا للمحافظين منذ عام 2010 ـ بنسبة 9 ٪، في حين من المرجح أن يفوز الخضر بـ5 ٪، وأن يشغل الحزب الوطني الاسكتلندي معظم المقاعد الـ 59 في اسكتلندا.
ومن المتوقع أن يدلى نحو ثلثي الناخبين الذين يحق لهم حق التصويت، أو ما يعادل 30 مليون نسمة، بأصواتهم في الانتخابات.
وتعد هذه الانتخابات الأكثر تنافسية منذ اربعين عاما وسط قضايا حاسمة لمستقبل البلاد اهمها بقاء بلادهم عضوا في الاتحاد الاوروبي وقضية استقلال اسكتلندا.
ومن بلفاست إلى كارديف وصولا إلى ادنبره ولندن، دعي حوالى 45 مليون ناخب للتوجه إلى صناديق الاقتراع في مكاتب التصويت البالغ عددها 50 الفا في مختلف انحاء البلاد.
وفتحت صناديق اقتراع في أماكن غير مألوفة مثل حانات أو حافلات مدرسية أو مدارس ابتدائية وكنائس أو منازل نقالة أو حتى في معبد هندوسي.
وادلى ابرز القادة باصواتهم بحلول منتصف النهار من بينهم رئيس الحكومة المنتهية ولايته المحافظ ديفيد كاميرون الذي استقبله متظاهرون في مركز الاقتراع، ونائب رئيس الحكومة الليبرالي الديموقراطي نيك كليغ، وزعيم المعارضة رئيس حزب العمال إد ميليباند، منافس كاميرون الاساسي، وصولا إلى رئيس حزب استقلال المملكة المتحدة (يوكيب) نايجل فاراج.
الى ذلك ادلت زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستورجون بصوتها وبدت على وجهها علامات الفرح اذ انها تأمل بحدوث تغيير كبير.
وأكدت عناوين الصحف البريطانية الخميس على نتائج الانتخابات المفتوحة على كل الاحتمالات وخطورة التحديات المقبلة.
وعنونت صحيفة “تايمز” المحافظة “يوم القيامة” مع صورة لبرلمان وستمنستر وسط اجواء تنذر بنهاية العالم.
وحذرت صحيفة “دايلي تلجراف” المقربة ايضا من المحافظين من “القيام بأي شيء قد يندمون عليه”.
وكتبت صحيفة “الغارديان” اليسارية ان هذه الانتخابات “لا يمكن أن تكون أكثر تنافسية”. ونشرت نتائج آخر استطلاع للرأي أجراه معهد “أي سي ام” ويظهر تعادل المحافظين والعماليين بنسبة 35٪ أمام يو كيب (11٪) والليبراليين الديموقراطيين (9٪). ولم يتخذ 14 في المئة قرارهم قبل ساعات قليلة من الانتخابات.
وبوسع المواطنين البريطانيين ورعايا الكومنولث وجمهورية ايرلندا المقيمين في بريطانيا ممن بلغوا الـ18 والمدرجة اسماؤهم على اللوائح الانتخابية ان يدلوا بأصواتهم.
وتناقل الآلاف وسم “أدليت بصوتي” على موقع تويتر، ومن بينهم من تجاهل الحظر المفروض على وسائل الإعلام حول سرية التصويت.