عيد الميلاد دعوة لنا لندخل ، سنةً بعد سنة ، سرّ ابن الله المتجسّد .
فالعيد ليس بالمظاهر الخارجيّة بل بالفرح الروحيّ النابع من انتماء ابن الله إلى إنسانيتنا ليجعلنا جميعاً عائلة الله وإخوة بعضنا لبعض .
فهل نرتفع بالعيد من مستوى التعاطي البشريّ العاديّ إلى مستوى رؤية الله وتبنّيه لنا بشخص يسوع المسيح ؟
البعد الإنسانيّ النابع من تجسّد ابن الله يدفعنا إلى رؤية أكثر كرامة الإنسان .
يسوع رفع مستوى إنسانيتنا ، فهل يحق لنا أن نبقى على مستوى ” الآدميّ ” ونتعاطى بعضنا مع بعض على أساس هذا البُعد ؟
الإنسان ، بطبيعة أنانيّته ، يظن نفسه دائماً على حق ومتفوّقاً على الآخرين … وينسى أن جميع الناس خطئوا فحُرموا مجد الله.
ولكنّهم بُرّروا مجاناً بنعمته ، بحكم الفداء الذي تمّ في يسوع المسيح ( روما ٣ : ٢٣ – ٢٤ ) .
بخطيئته حُرم الإنسان حضور الله وقداسته وبهاءه . وعاد هذا كلّه بواسطة تواضع يسوع ، ” عمّانوئيل ” الله معنا ، ووداعته ووُهب للمؤمنين به ، من المتواضعين .
الله بارّ وأمين وصادق لتدبيره الخلاصيّ من أجل البشر . هذا البرّ مطلَق وخلاصيّ ومن ثوابت عمل الله في التاريخ . إنه يكشف سرّه للإنسان المتواضع والصغير ، ويهب ذاته بالبشارة لودعاء القلوب . ويتفاعل هذا البرّ في الإنسان الخاطئ ويبلغ ذروته في الحُكم بالعفو إذا قبله بتواضع القلب . عمل الله المبرّر المجّانيّ في الإنسان المتواضع ، يخلق فيه الحياة الأبديّة ، حياة الروح ، أي التقديس ليجعل نفسه المبرّرة في خدمة البرّ والحياة المقبولة عند الله بثمارها لمجده تعالى.
نشكرك أيها الآب ، في هذا العيد ، عيد ميلادك ، أعطيتنا ابنك ليكون ، “عمانوئيل”، إلهنا معنا . وفي كلّ مشاركة ، تعطينا الجسد والدم وتُفهمنا حضوراً آخر لا يقل عن واقعّة حياة يسوع .
نشكرك أيها الابن ، يا طفل المغارة ، ويا حاضراً في القربان المقدّس ، تدعونا إلى عشاء المحبّة والأخوّة والفرح والسلام.
لك المجد إلى الأبد .