نشرت جريدة الأهرام الغراء مقالا للدكتور نصر محمد عارف فى صباح الاثنين العاشر من نوفمبر2014 تحت عنوان: الحكيم المصرى العظيم”فهلاو”.. وبعد أن قرأت المقال شعرت بحزن شديد من أن ينكر أحد أبناء مصر عظيمة الحضارة المصرية القديمة ويتنكر لحكمتهاوحكمائها، واذا كان هذا الجيل والذى سبقه قد دفعهما الفساد وتغيرت مبادئهما وقيمهما فليس هذا عيبا فى مصر وتاريخها وحكمتها التى علمت العالم.
يقول الدكتور نصر محمد عارف أن لكل أمة أنبياء وحكماء وفلاسفة يرسمون لها ملامح شخصيتها، ويحددون خصائص ومميزات هذه الأمة، فتكون أفكارهم منبعا للقيم والأخلاق التى تشكل ثقافة هذه الأمة، ويضرب الكاتب مثلا على ذلك باليونانيينوفلاسفتهم العظماء الذين وضعوا لهم القيم مثل: سقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم، ولما سأل الكاتب وزملاءه المرحوم الدكتور رفعت المحجوب.. ومن هو الفليسوف المصرى العظيم الذى أسس وأرسى قواعد الثقافة المصرية وحدد ملامحها؟ أجاب: أنه الفيلسوف الحكيم فهلاو!!
وليسمح لى الجميع أن أتساءل.. أو هكذا نسخر من حضارتنا التى علمت العالم كله؟ ألم يقرأ أحدكم كتب التاريخ ليعرف أن فلاسفة وعلماء اليونان التى تتشيدقون بها قد حضروا الى مصر وتعلموافى جامعة أون ومنهم الفيلسوف أفلاطون الذى قضى فى مصر حوالى أربع سنوات وعاد الى اليونان ليكتب كتابه القوانين ويقول فيه:
(ما من علم الدنيا إلا وقد أخذناه عن مصر ) كذلك درس فى مصر العلماء أرشميدس طاليس.. وفيثاغورث، وأبو التاريخ هيرودوت وعاد الى اليونان وكتب كتابا عبر فيه عن إعجابه بالمصريين والمرأة المصرية بل بالفاكهة والخضر وقال: كيف يمرض المصريون ولديهم البصل والخس والليمون!… من هنا قال الدكتور طه حسين: اليونان فى عصورهم الراقية، كما كانوا فى عصورهم الأولى، يرون أنهم تلاميذ المصريين فى الحضارة. وهل أذكركم أيضا بما قاله عالم المصريات الأمريكى.. مارتن بارنال.. ان الحضارة اليونانية كلها من أصل فرعونى.. وعندما كتب المؤرخ الأمريكى.. هنرى برستيد كتابا عن مصر لم يستطع وضع عنوانا له إلا.. فجر الضمير لأن مصر هى التى اكتشفت ضمير الإنسان وهو الذى يتحكم فى كل سلوكه وحكمته.. وبعد كل ذلك تتهكمون على الحضارة المصرية العريقة وتقولون أنها حضارة >فهلاو” حرام والله حرام!.
حكيم مصر الفهلاو هو الذى علم علماء وفلاسفة اليونان.
أخناتون فرعون مصر علم العالم من خلال نشيده الإيمان بالإله الواحد.
يقول الدكتوران.. محمود السقا، محمد أبو سليمة الأستاذان بكلية الحقوق جامعة القاهرة فى كتابهما عن القانون المصرى القديم أنه كان مثاليا فى قواعده عادلا فى أحكامه، عالميا فى مرماه. الكتاب هو فلسفة وتاريخ القانون المصرى القديم. فهل واضعو هذا القانون فهلاو أو مهرجون؟!
تعالوا نستمع الى الحكيم المصرى (أنى) وهو يقف أمام المحكمة الالهية يدافع عن نفسه، كما جاء فى كتاب الموتى: يقول آنى: أيها الإله العظيم.. كنت عينا للأعمى.. يداً للمشلول.. رجلا للكسيح.. أبا لليتيم.. لم ألوث ماء النيل.. لم أإش فى الميزان.. لم أحلف كذبا.. لم أتلف أرضا مزروعة.. إن قلبى نقى.. يداى طاهرتان.. الخ.
وهل هناك حكمة أعظم من حكمة هذا الآنى العظيم فلماذا لم تصغون إليه وتقولون فهلاو.
لقد أصيب الإنسان المصرى المعاصر بأمراض اجتماعية كثيرة أبعدته عن حضارته وتاريخه وأخلاقه بسبب فساد الحكام وإفشادهم لعشرات السنوات، لكن الانسان المصرى مهما تغرب عن حضارته وأخلاقه فسرعان ما يعود لرشده ومبادئه الأخلاقية وحضارته التى تسكن تحت جلده.
عظيمتين خلال سنتين من أجل حريته وكرامته وشرفه لا يمكن أن يكون فهلاوا !! فوقوا ايها الكتاب!.