أبدت أوساط سياسية إسرائيلية قلقاً من احتمال عدم فرض الولايات المتحدة «الفيتو» في مجلس الأمن على المشروع الفلسطيني – الأردني بإعلان انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية حتى عام 2016، وعلى المشروع الفرنسي (الذي تدعمه ألمانيا وبريطانيا) بتحديد جدول زمني من عامين لإجراء مفاوضات طبقاً لمبادئ معينة (منها أن تقوم المفاوضات على أساس حدود عام 1967 مع تبادل أراضٍ وأن تكون القدس عاصمة للدولتين) تنتهي بالاعتراف بدولة فلسطين.
وتعارض إسرائيل الاقتراحين، على رغم أنها ترى في الاقتراح الأوروبي أكثر اعتدالاً، فيما يحاول الأميركيون تليين نصَّيْهما ليمتنعوا عن فرض الفيتو، وهو ما دفع وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى لقائه في روما الاثنين المقبل.
واعتبرت الأوساط السياسية الاجتماع الذي دعا إليه كيري «في غاية الأهمية»، مشيرةً إلى أن نتانياهو يغادر إلى العاصمة الإيطالية، على رغم انشغاله في المعركة الانتخابية «لإدراكه أهمية الموضوع». وأشارت إلى أن الضغوط الأميركية الكبيرة على الفلسطينيين وتحديداً على الرئيس محمود عباس لإرجاء تقديم الاقتراح إلى مجلس الأمن لم تجدِ، في ظل إصرار فلسطيني على الدفع بخطوتهم هذا الشهر. وأضافت أن كيري معني بسماع موقف نتانياهو من المشروعين، لكن لم يُعرف بعد ما إذا كان سيعرض أفكاراً بديلة.
وأكدت مصادر إسرائيلية أن الولايات المتحدة ستحاول قدر الإمكان عدم فرض الفيتو لتحمي تحالفها مع الدول العربية المعتدلة في الحرب على «داعش». وزادت أن نتانياهو يعارض تماماً أية خطوة فلسطينية في أروقة الأمم المتحدة «لكنه لا يقدم استراتيجية بديلة»، بل يطالب الأميركيين بفرض الفيتو على أي اقتراح في هذا الشأن، مشككاً في التجاوب معه بسبب علاقته المتردية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وأشار مصدر ديبلوماسي إلى أن الخطوة الفلسطينية تأتي وإسرائيل «في وضع داخلي صعب، فرئيس الحكومة ووزراؤه وجميعهم من اليمين منشغلون في الانتخابات»، بينما وزيرة القضاء زعيمة الحزب الوسطي «الحركة» تسيبي ليفني خارج الحكومة بعد أن أقالها نتانياهو «ليفقد بذلك وزيراً معتدلاً قادراً على التأثير في الرأي العام الدولي ضد الخطوة الفلسطينية».
إلى ذلك، عبّر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات عن أمله بأن يصوّت مجلس الأمن قبل عيد الميلاد على قرار يجرى التحضير له لوضع حد للاستيطان، وحذر من أنه «إذا كان الأميركيون أو سواهم سيستخدمون الفيتو، فإن الرئيس عباس سيوقع في اليوم نفسه 22 معاهدة» دولية، بما فيها معاهدة انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية.
من جهة أخرى، اعتبر عريقات أن الانتخابات التشريعية المبكرة المقرر إجراؤها في إسرائيل في آذار (مارس) 2015، تشكل لحظة مفصلية يمكن الناخب الإسرائيلي أن يختار فيها بين أن يكون شريكاً للفلسطينيين أو محتلاً أرضهم. وأضاف: «آمل أن يختار الإسرائيليون لمرة واحدة ونهائية وأن يوافقوا على العيش مع الفلسطينيين كجيران».
في غضون ذلك، دعت إسرائيل في رسالة إلى مجلس الأمن إلى إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، معتبرة أن تمسك الرئيس الفلسطيني بهذا الحق «يهدف إلى تدمير إسرائيل».
واتهمت إسرائيل عباس «بإطلاق تصريحات غير مسؤولة قال في أحدها إن هناك 6 ملايين لاجئ فلسطيني يتمنون العودة، ولا يمكن أن نغلق الباب أمام تمنياتهم بالعودة»، واتهمته «بالدعوة إلى تدمير إسرائيل من خلال الدعوة إلى تدفق الفلسطينيين إلى إسرائيل من خلال الوسائل الديموغرافية». وقالت إن عباس «يطرح تخيلات مستحيلة ويضلل شعبه ويبعده عن السلام».
واعتبرت أن «على المجتمع الدولي ألا يؤجل هذه المسألة لحلها بالمفاوضات، فالسلام الحقيقي سيأتي فقط عندما تدعو القيادة الفلسطينية إلى مفاوضات مشتركة وتبلغ شعبها أن التسويات الصعبة ستكون ضرورية». وقالت إن عباس لا يتحدث كقائد ملتزم السلام، وأن الوقت الآن للمجتمع الدولي أن يدعو عباس إلى نبذ حق العودة ويعلن صراحة أن ما يسمى حق العودة هو عقبة كبرى في وجه السلام.