ربما تكون الخديعة الكبري في اختيار الدولتين. الصورة الخارجية شديدة الإبداع لدرجة الإبهار جذابة بشكل يدعو للتحليق في دينا الأحلام بما لايتناسب مع واقعها المرير الخادع
الحل المقترح بخيار الدولتين يحمل في ظاهر سطوره ما معناه أن الغرب الراعي الرسمي للحل ماهم إلا حماة ورعاة السلام، لكن القراءة الجيدة توضح أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يخدم إسرائيل على اعتبار إعلان قيام فلسطين بدون الأراضي المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني هو بمثابة الاعتراف بالدولة الإسرائيلية على حدود الأرض المغتصبة وبالتالي بيع القضية الفلسطينية وتحقيق المصالح والأهداف الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة والعرض الحالي لن يكون أكثر من فصل جديد من فصول مسرحية المتاجرة بالدم الفلسطيني والأراضي العربية المحتلة من قبل إسرائيل والنتيجة الحتمية للحلم العربي بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف لن تزيد عن سلسلة من المفاوضات بدليل أن الأخبار الأخيرة إيجابية من حيث المبدأ لكنها للأسف تحمل في طياتها الكثير من النتائج الكارثية بحق الشعب الفلسطيني وقضية العرب المركزية فلسطين ، كون الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة يتضمن الاعتراف بإسرائيل أي حل الدولتين وهذا يلغي مطالب العرب وحق العودة للفلسطينيين واستعادة الأراضي المنهوبة .
ويبدو أن اندلاع ثورة شعبية جديدة وشيكة في فلسطين في وجه العدو الإسرائيلي من النتائج الطبيعية للمخططات التي يدرك الشعب جيدا بفطرة عدم جدواها وانها ليست أكثر من استمرارا لعرض المسرحية المملة التي باتت حجرا لأساس الانتفاضة الثالثة لكنها هذه المرة ستنطلق من داخل أراضي 48 لمقاومة الاحتلال من الداخل بشكل أكثر تأثير
ويظل السعي الشعبي لإلغاء المشروع القائم على حل الدولتين الخطوة المتوقعة وكذا كشف أن ما يجري حالياً من عمليات تفاوض وحراكات متعددة بفلسطين ماهي إلا مجموعة من المحاولات كل له أبعاده الخاصة ورؤيته الخاصة وبالتالي محاولة أبو مازن المتبعة طيلة السنوات الماضية المحددة في التفاوض مع اسارئيل خطوة جديدة في المشوار الذي بدأ مع اتفاق أوسلو الذي يرى الكثيرون أنه أضر بالقضية الفلسطينية ولم يحقق لها شيء حتى اللحظة وبالتالي ستكون نتجيته المتوقعة استكاملا لفشل كل خطوات المفاوضات الماضية التي لم تصل إلا لطريق مسدود.
ويظهر على الجانب الآخر من الطريق خيار المقاومة والدور البطولي الي قامت به الفصائل الفلسطينية المختلفة وما حققت من انتصارا فعليا على أرض الواقع لم يعضد بالشكل الكاف من الحكومات العربية وحُصر بشكل تأمري من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية كخطوة مهمة لتعضيد فكرة الدولتين كحل مثالي وجعل الصورة الذهنية للحل مقبولة من شارع العربي لانها الحل الوحيد المتاح .
ويتركز الحل واضح الخطوات في الاختيار الثالث الي بدأ ملامحمه في القدس بدخول فريق جديد في اللعبة تحت عنوان حماية بيت المقدس عبر انتفاضة شعبية نقطة انطلاقتها هذه المرة أراضي 48 وعناصرها فلسطينيين 48 تهدف إلى استعادة الأراضي المنهوبة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على كافة الأراضي الفلسطينية ، وبالتالي فإن هذه الانتفاضة الشعبية ستهدف بدرجة رئيسية إلى حماية بيت المقدس من الأخطار المحدقة بها من قبل قوات الكيان الصهيوني .
وما يعد من وجهة نظر البعض زيادة لفرص الانتفاضة الشعبية من عرب 1948 كخيار الثالث أقرب للواقع تفجر الأحداث في القدس إثر قيام حارس أمن “إسرائيلي” بقتل الشاب الفلسطيني عبدالرحمن الشلودي من بلدة سلوان كحدث هدم حلم محمود عباس من استمرار “التهدئة الراهنة في قطاع غزة مع “إسرائيل” حتى نهاية العام المقبل على الأقل فلم تمض أيام قليلة على هذا حتى انفجرت الأحداث في القدس وامتدت إلى مناطق متفرقة في الضفة الغربية إثر اغتيال الشلودي.
ويبدو أن الحل الأنسب لنتايهو في ظل صراعه مع الاحزاب الاسرائيلية المتشددة داخل الاسرائيل ممارسة المزيد من التشدد والدخول في سباق من الأقرب الي الله؟ خاصة وان الانتخابات على الابواب ويدرك تماما نتنياهو أن القدرة على التشدد بشكل أكبر تجذب المزيد من الأصوات الانتخابية
ويمارس نتنياهو اللعبة بحرفية عالية وضحت خلال قراره باللجوء إلى خيار “تقوية التحالف الحكومي” وإرضاء المتشددين في الحكومة بتشدد أكثر في مواجهة الفلسطينيين والتخلي عما كان يسمى بـ”التجميد الهادئ” لحركة الاستيطان مقابل استقرار ائتلافه الحكومي .
فعقب عقد صفقة نتنياهو مع صقور الحكومة، تم الإعلان عن خطة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية وتوسيع الطرق المؤدية إلى المستوطنات في الضفة .
وأكثر ماثير القلق التصعيد “الإسرائيلي” بخصوص القدس والأقصى أن الأمر لم يعد مقصور على منع المصلين من دخول الأقصى، بل شمل زيادة عدد الاقتحامات المتتالية ونوعية من يقومون بها من مستوطنين متطرفين، في حين يستعد الكنيست لمناقشة مشروع قانون يمنح اليهودي الحق في دخول الأقصى وتقسيمه وفق جدول محدد زمانياً ومكانياً .
هذه الأسباب تكشف حقيقتين أولاهما أن لا مبادرة تفاوض أمريكية حقيقية على قاعدة “حل الدولتين”، وثانيتهما أن “إسرائيل” عازمة على فرض نفسها “دولة يهودية كبرى”، وأنها ما زالت تعيش كما أوضح رئيس حكومتها في كلمة له في ذكرى مقتل الوزير رحبعام زئيفي في “حرب 1948 التحريرية” . فقد أكد نتنياهو أن حرب 1948 لم تنته وستستمر لسنوات طوال، وكرر موقفه بأن “القدس الموحدة كانت وستبقى عاصمة إسرائيل إلى الأبد”.
الأمر الأخطر أن حل الدولتين سيقسم الرأي العام الفلسطيني بين مؤيد ومعارض ويصبح خيار المقاومة خيار ضمن الخيارات وليس الحل الوحيد بالرغم من ماحققته المقاومة انتصارات عسكرية على أرض الواقع ويظل الإبهار الذي بدأ باعتراف السويد ومايليها من دول بالدولة الفسلطينة أمر له بريقه من وجهة نظر البعض قد يؤدي إلى المزيد من الحديث حول توقف المقاومة بهدف استكمال النجاح المزعوم
على جانب آخر تدرك اسرائيل تماما غرق العرب في تبعيات “ربيعه” فمصر لها همومها مع حراك الإخوان في الشارع والحرب على الإرهاب في سيناء والقرار بتهجير رفح ومد الخط الحدودي بهدف ضرب الأنفاق التي تمد الارهابين بالسلاح ضد الجيش المصري وهو الأمر الي يراه البعض فرض مزيد من الحصار على غزة لأن غلق الانفاق وهدمها – حسب وجهة نظرهم – أمر كارثي يحرم غزة واهلها من شريان حياة مهم جدا بالنسبة لهم وتظهر أصوات مصرية تؤكد أن اختزال القضية في معبر رفح والانفاق أمر يبخثها حقها ويقضي عليها لأن القضية – على حد تعبيرهم – تم اختزالها في المعبر والأنفاق مقتحرين ممارسة ضغوط فلسطينية وعربية ودولية لانشاء ميناء ومطار داخل أرض غزة.
وبقية دول الربيع العربي لها همومها فتونس بعد الانتخاباب وخسارة “آل الغنوشي ” تستعتد لبدء مرحلة جديدة من الصراع مع التيار الديني بعد انتصار الي يبدو للوهلة الأولى انتصارا للعلمانين في حين انه عودة لنظام بن على بشكل جديد وليبيا لها أشواط متتالية في الصراع مع التيار الديني الي تصور انه الوريث الشرغي لليبيا مابعد القذافي والعراق وسورية في جب من الهم شديد العمق لايعرف احد مامصيرة
كل هذه الأمور تدركها تماما اسرائيل وتعرف جيدا ان هذه المرة المواجهة مع الفلسطنين لها شكل مختلف على كل المواجهات السابقة في قواعد جديدة للعبة تبدو أكثر مثالية لتل أبيب