د /حسن الخاشب : منظمة الصحة العالمية لم تعتمد التجميد الى فى حالات معينة .
مجدى صابر : فوضتنى المستشفى وكيلها الوحيد فى مصر و اسعى لمساعدة المرضى
السرطان.. آلة الخبث العالمية.. عدو الطب الذى كلما توصل العلماء لبصيص من الأمل إلتف حوله الخبيث و تغلب عليه ليعود لجسد ضحيته أكثر عنفا وشراسة.. و رغم حيرة الأطباء على مدار العقود الماضية فى إيجاد بدائل مناسبة لعلاج مرضى السرطان أو تخفيف معاناتهم فى ظل إرتفاع تكلفة التعافى.. إلا أن الأمريكان والصينيون أيضا، وجدوا حلا بديلا هو العلاج بالتجميد.. اكتشفه طبيب أمريكى يدعى “الموت اتمبتس” عام 1850.. حينها اعترفت منظمة الصحة العالمية به ثم تم تطبيقه على الإنسان و بدء التطبيق بعلاج بعض الجروح والحبوب، و كان ناجحا إلى أن أجرى الطبيب تجربة على مواطن أمريكى يعانى من سرطان الكبد لكن فشلت التجربة وتوفى المريض.. فقررت الحكومة الأمريكية منع العلاج بالتجميد هناك وكان ذلك فى أوائل الثمانينات.
لكن الصين استمرت فى الأبحاث والتجارب خاصة بعد ظهور جهاز الأشعة المقطعية واستخدامه للعلاج.. وتزامن ذلك مع انتشار السرطان فى مصر والعالم كما لو كان انفلونزا.. وذاع صيت مستشفى “فودا” و بدت فى الأفق بارقة أمل تضىء لمرضى السرطان دربا جديدا يسعون خلفه..
بحث فريق عمل “وطنى” فى أمر مستشفى “فودا” .. حتى توصلنا إليها و تواصلنا مع المسئولين فيها.. وبعد تواصل دام ستة أشهر انتقل فريق وطنى إلى “جوانزو” – احدى مقاطعات الصين، ليلتقى مع الفريق العلمى بالمستشفى للوقوف على مدى امكانية علاج مرضى السرطان المصريين بالمستشفى بتكلفة معتدلة.. حملنا آمالنا ووصلنا إلى “جوانزو”.. رحلة التى قد تعيد الأمل لنفوس اليائسين.. وترسم إبتسامة فوق شفاه البائسين..
وهناك التقينا بالدكتور حسن الخاشب – استشارى المرضى العرب بمستشفى ” فودا ” للسرطان – بمقاطعة جوانزو بالصين.. و يقول:”بحث الصينيون كثيرا حول أسباب وفاة المواطن الأمريكى – المريض بسرطان الكبد – و ما يمكن قد يكون أصابه بسبب استخدام التجميد، وتوصلوا إلى أن الكبد تجمد بشكل كامل وليس الخلايا التالفة فقط حتى أنه انشطر إلى نصفين.. و لم يكن فى ذلك الحين قد اكتشف جهاز التصوير المقطعى “سى تى سكان”.. ولما ظهر هذا الجهاز لاحقا بدأت حينها الأبحاث العلمية في دراسة كيفية حساب زمن التجميد ودرجة التجميد ومساحته فى العضو المصاب.. لتحديد دقيق و تلافى النتائج غير المرجوة.. خصوصا مع حساب كبر حجم بلورة الثلج أثناء التجميد والتى ستحيط الورم دون أن تسبب مضاعفات خطيرة – ولذلك كان لجهاز ال”سى تى سكان” أهمية بالغة فى تطوير العلاج بالتجميد.”
تقنية العلاج:
و يكمل الدكتور حسن موضحا:” تجرى مستشفى فودا العلاج عن طريق:
١- عملية التجميد التي تناسب الأورام الصغيرة التي لا يتعدى قطرها ٦ سم تقريباً..
تقنيتها تكون بنفس فكرة تكسير الصلصال.. تضع الصلصال في بوتقه وتجمده حتى يصير كتلة ثلج، وهذا الثلج اذا كسرته ينكسر الصلصال.. فالتقنية عبارة عن إدخال مسبار من خارج الجسم إلى مكان الورم من خلال فتحة صغيرة، حتى تصل الأشعة للهدف ثم التجميد.. و حينها يموت الورم وتترك الكتلة الثلجية.
٢- العلاج الكيميائي بالنانو: و غالبا ما يتم عقب جلسات التجميد العلاج الكيماوي عموماً يؤخذ عبر شاريين الأوردة الكبرى.. ليقتل الخلايا سريعة النمو وأهمها السرطان. لكن العلاج الكيماوي لا يفرّق بين خلايا السرطان والخلايا الطبيعية، فيصيب بآثار جانبية تؤدى إلى تدمير خلايا الشعر وخلايا الأظافر وخلايا الجلد، مما يؤدي إلى تساقط الشعر وضعف الأظافر ونشفان الجلد..
توصل العلماء إلى خلايا حجمها بالنانو (آلاف جزء من المليميتر) يدخلوها عن طريق الدم وبطريقة ما تلصق على الورم.. وبعد فترة يوضع الكيماوي بحيث ينجذب لأجسام النانو هذه أكثر من غيرها فيتركز في الورم ويؤثر فيه أكثر من تأثيره على الخلاية الطبيعية الأخرى..
٣- العلاج المناعي: وهي طريقة تقوي الجهاز المناعي عند المريض. و يستخدم عقب العلاج بالتجميد. وحينها تعتبر مناعة الجسم كرة الثلج – المكونة بالتجميد – جسم غريب فتهجم عليه وتفتتها وبالتالي تفتت الورم معها.
و يضيف د / حسن قائلا :” الهدف من التجميد فى الحالات المتوسطة والمتأخرة هو الوصول بالمريض إلى حالة من الاستقرار وتخفيف الأعراض الناتجة عن الإصابة بالسرطان خاصة الألم.
و ذلك لأن الخلايا السرطانية لا تقتصر على الورم فقط، وإنما منها ما هو فى طور النمو ولا يمكن رؤيته أثناء تجميد الورم، وبالتالى لا نستطيع تجميدها. وهذا يترك فرصة لعودة النشاط السرطانى مرة أخرى.. أما المكان الذى يتم تجميده فيموت.. فعلى سبيل المثال، اذا جمدنا 99 % من الخلايا يتبقى الواحد فى المائة الذى يمثل أزمة بالنسبة للعالم كله.. ولذلك ما يتبقى من خلايا يتم التعامل معها بالكيماوى أو طرق اخرى.. و ذلك لأن الغرض الأساسى من العلاج بالتجميد هو كبح أعراض السرطان.
معظم الذين لجأوا للعلاج بتلك التقنية هم من لم يرغبوا فى إجراء جراحات الاستئصال أو من تمنعهم حالتهم المرضية من الاستئصال.. ومن تلك الحالات الشائعة، حالات سرطان الثدى المبكرة.. اللواتى تفضلن عدم تشويه الثدى بجراحات ظاهرة.. وفى تلك الحالات تتم دراسة ملف كل مريضة ووضعها الاجتماعى – متزوجة أم غير متزوجة وهل لديها أبناء أم لا .. حتى تنال الطريقة المثلى لعلاجها مع مراعاة الحالة النفسية.
الردة العكسية للاستئصال و التجميد:
ذكر الدكتور حسن حالة من المريضات المصريات قائلا:” لدينا مريضة مصرية متزوجة ولديها أطفال، كانت مصابة بسرطان ثدى.. حينما أبلغها الأطباء أن الجراحة أفضل لحالتها .. فبكت .. وقالت ” انا غلطانة انى جيت للمستشفى هنا.. ما كنت أعمل جراحة فى مصر و انا جاية هنا ليه؟!”
فبعض المرضى لا يدركون عامل نمو السرطانى لديهم.. أو احتمالية عودة الورم، خاصة أن هناك نوع أورام تعود بشراسة أكبر، مثل أورام المبايض والعضلات والرحم، فهي تندرج تحت تصنيف يدعى “سركوما” .
لذلك لابد من أخذ عينة لتحديد نوع الورم حتى نقرر وسيلة العلاج – سواء التجميد من عدمه.. و لكن التعامل مع العينة يكون بحذر وسرعة.. لأن الورم فى المدة الزمنية ما بين وقت التشخيص وبدء العلاج قد يكون انتشر بالفعل أو امتد إلى منطقة أخرى فى الجسد أو اصاب عضو آخر.. وأيضا لا يمكن التجميد بلا عينة واحيانا نضطر للتجميد مع اخذ العينة لتوفير الوقت .. و فى كل الأحوال لابد من العلاج الكيماوى بعد التجميد.. الذى قد تتكرر جلساته طبقا لحالة المريض وحجم الورم.. فيمكن تقسيم الكيماوي على عدة جلسات ..
ورغم ذلك قد يعود الورم مرة أخرى.. لكن فى خلايا أخرى فى نفس العضو أو فى عضو جديد.. لكن الخلايا التي تم تجميدها اصبحت خلايا ميتة لا يعود إليها المرض إلا فى حالة وحيدة.. اذا لم يصل التجميد إلى قاعدة الورم، فيبدأ ينشط من جديد فى نفس المكان..
لذلك تعى مستشفى “فودا” أهمية تدريب كوادر من الأطباء ذوى المهارات جيدا للاستمرار فى هذا النوع من العلاج و تكوين اجيال جديدة من المتعاملين معه.
الأعراض الجانبية للتجميد:
هناك بعض الاعراض الجانبية للتجميد مثل ظهور سوائل فى منطقة التجميد أو حولها.. لكن يمكن السيطرة عليها أو سحبها .. و يرجع ذلك إلى كرة الثلج حيث تتكون فى حرارة قدرها 160 درجة تحت الصفر ثم اعادتها الى 38 درجة مئوية – درجة حرارة الجسم العادية – فتنتج سوائل فى العضو المعرض للعلاج، وتستمر الاعراض بحد أقصى أسبوع.
فرصة المصريين لهذا العلاج:
مجدى صابر الوكيل الوحيد لمستشفى فودا فى مصر يقول :” عملت كثيرا فى مجال مرضى السرطان خاصة مع المكفوفين الذين طالما عانوا من الأعراض الساحقة لهذا المرض اللعين.. دفعتنى رغبتى فى مساعدتهم للبحث عن سبيل للشفاء.. ولأننى اتردد على الصين علمت بشأن مستشفى “فودا” وتواصلت مع إدارة المستشفى.. وبعد مباحثات نجحت فى اقناعهم باتفاق جديد وهو تجميع عدد من المرضى المصريين المصابين بأنواع مختلفة من السرطان الذي يمكن علاجه بالتجميد.. على أن يتم تبنى الأمر من احدى الجهات المانحة بتكلفة مخفضة لمساعدة المحتاجين للشفاء..
وبالفعل تم اعتمادى بعد فترة وكيلا للمستشفى فى مصر بحيث يتم التواصل معي للوصول إلى المستشفى. وتم اعتمادى من قبل السفارة الصينية فى مصر.. سعيا لتوفير أكبر فرصة للمريض من التواصل مع المستشفى و ارسال التقارير الطبية و أيضا اتمام اجراءات السفر والتجهيز للعلاج – اذا انطبقت عليه معايير هذا النوع من العلاج – خاصة فى ظل تفشى و انتشار الاورام فى مصر. و بدأ تنفيذ الاتفاق بالفعل..
بالرجوع للتقارير الاخيرة لمنظمة الصحة العالمية توجد 14 مليون حالة إصابة بمرض السرطان حول العالم ، وكان العدد في عام 2008 12.7 مليون شخص . وخلال هذه الفترة ارتفع كذلك عدد الوفيات من 7.6 مليون إلى 8.2 مليون ويمثل نسبة 53.3% من الإناث ونحو 10% من الرجال ، وارجعت التقارير الزيادة في عدد المصابين بمرض السرطان إلى التغير السريع فى نمط الحياة فى الدول النامية. كما ان السرطان هو المسئول عن نحو 13 % من مجموع الوفيات في العالم. وينشأ من خلية واحدة ، ويتم تحول الخلية الطبيعية إلى خلية ورمية في مراحل متعددة ، وعادة ما يتم ذلك التحول من آفة محتملة التسرطن إلى أورام خبيثة.