يعتبر عصر المماليك العصر الذهبى فى تاريخ العمارة فى مصر حيث ظهر فى هذا العصر وخصوصا فى القاهرة منشأت معمارية ضخمة، تمثلت فى العديد من المساجد والمدارس والأسبلة والقصور والمنازل، وكذلك القاعات والحمامات.. منها على سبيل المثال مجموعة السلطان قلاون ومدرسة وخانقاة الأشرف برسباى ومدرسة ومسجد قايتباى.
مسجد “إبراهيم أغا”:
ومنها أيضا مسجد غاية فى الجمال وهو مسجد “إبراهيم أغا مستحفظان” الذي انشئ عام (747 هـ ،1346 م) وأتم بناؤه فى ( 748 هـ ، 1347م ) يقع بشارع التبانة بين مسجد “المارداني” و”باب الوزير”، بالقرب من قلعة “محمد علي”..
وهو الأثر (رقم 123) ويعتبر أحد التحف المعمارية الإسلامية فى مصر يبلغ عرض المسجد 80 مترا وطوله 100 مترا.. أنشأه الأمير “شمس الدين آق سنقر الناصرى” فوق مقابر “أهل القاهرة”، فعندما تم الحفر لوضع أساس المسجد ظهرت بعض من رفات وعظام الموتى التى كانت موجودة بالمكان.
ويقول خبير الآثار د. عبد الرحيم ريحان، عن “الأمير آق سنقر الناصري” الذى قام ببناء المسجد، أنه كان من كبار أمراء الملك “الناصر محمد بن قلاوون” وزوج ابنته. وقد أشرف بنفسه على أعمال البناء، وألحق بالجامع مكتبة وسبيلا وقبة ليدفن بها.
وصف المسجد:
الواجهة الرئيسية للجامع تقع فى الجهة الغربية بشارع “باب الوزير”، ويتوسط الواجهة المدخل الرئيسى الذي يظهر غاطس عن جدران الواجهة بنحو مترين. وهذا المدخل الرئيسي يعلوه عقد محمول على أشرطة، ويتوسط المدخل باب يعلوه عتب يحتوى على صنجات معشقة من رخام أخضر وأبيض. وعلى يمين الباب يوجد صف من النوافذ حُليت أعتابها بصنجات معشقة من الرخام الأبيض والأخضر. أما على اليسار يوجد صف آخر من النوافذ. وبوسط واجهة هذا الباب يوجد شباك مستدير من الجص المفرغ الدقيق تحيط به تلابيس من الرخام الملون بشكل جميل، وأسفل هذا الشباك لوحه تاريخية مكتوب عليها اسم “علاء الدين بن الناصر محمد” وتاريخ وفاته سنة (746 هـ ).
ويتكون المسجد من صحن أوسط بوسطه فسقية للوضوء، أنشأها الأمير “طوغان الدوادار” عام ( 815هـ ، 1412م ) محاط بأربعة أروقة ذات أعمدة أكبرها رواق القبلة الذى يضم بائكتين، أما الثلاثة الباقية فيضم كل منها بائكة واحدة.
الواجهة الرئيسية
الواجهة الرئيسية للجامع
واجهة المسجد
واجهة المسجد
أروقة ذات أعمدة
أروقة ذات أعمدة
الأبواب والمنبر:
وللمسجد ثلاثة أبواب.. باب في الواجهة الغربية أروقة ذات أعمدة وآخر في الواجهة الشمالية والثالث بالواجهة الشرقية.
أما بيت الصلاة يحوى منبراً رائعاً من الرخام وجوانبه من الرخام الملون. وقد حفر درابزينه وعقوده وخوزته بزخارف متنوعة، وتوج بابه بكرانيش من ثلاث حطات من المقرنصات، وله مصراعان من الخشب المطعم بالسن. ويعتبر هذا المنبر أقدم المنابر الرخامية القليلة القائمة بالمساجد الأثرية بالقاهرة. وله محراب مغطى بالرخام وأحجار القرميد ذات رسوم الأزهار فى الجدران الداخلية تعلوه كتابة نصها “بشر النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المحراب المبارك فى ليلة السبت تاسع ذي القعدة الحرام سنة ثمان وستين وثمان مائة وهو قائم يصلى عند هذا الجامع الشريف إبراهيم أغا مستحفظان سنة 1062هـ “.
باب في الواجهة الغربية
منظر للناحية القبلية
منبراً رائعاً من الرخام
المحررة وخلفها المحراب
المحراب وجانبه المنبر
المحراب
احد اللوحات من القيشانى
مئذنة المسجد:
المسجد ينتمى لطراز العمارة المملوكية ويحوى الجامع مئذنة ذات شكل فريد ومميز عن سائر مآذن العصر المملوكى.. فهي مكونة من ثلاث دورات: الأولى إسطوانية والثانية كذلك ومزخرفة بالمقرنصات والثالثة مثمنة تعلوها خوذة بهلال نحاسى. وقد شيدت فوق قاعدة متعامدة الأضلاع. والمئذنة ترتفع إلى مستوى الشرفات التي تتوج جدران المسجد الخارجية. ولهذه المئذنة ثلاث شرفات لأداء الأذان، واحدة في كل طابق من طوابق المئذنة. وهي محمولة على صفوف من المقرنصات الحجرية الدقيقة المعقدة، وكذلك قبة ضريحية أنشئت عام (746هـ- 1345 م) دفن بها الأمير “علاء الدين كجك بن الناصر محمد “..
منارة المسجد
مئذنة ذات شكل فريد
أعمال الترميم:
وعن أعمال الترميم التى تمت بالمسجد، يقول د. عبد الرحيم ريحان: “قام بترميم المسجد “إبراهيم أغا مستحفظان” من عام ( 1062 إلى 1064هـ ) وقد كسا جدار القبلة على جانبي المحراب حتى السقف ببلاطات خزفية رائعة الألوان والزخارف.. وهي أكبر مجموعة من بلاطات القيشانى التركى والتى صنعت في إحدى المدن التركية، ووفقا لأبعاد جدار القبلة، بطلب من “إبراهيم أغا”.. فبعضها يمثل محرابا يعلوه قنديل وكتب عليها “يا ا لله يا محمد” ومن هذا القيشاني الأزرق تم تسميته الحالية “بالجامع الأزرق”..
وعلى باب المسجد نقش النص التأسيسى ونصه: “بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا الجامع العبد الفقير إلى الله تعالى أق سنقر الناصرى تغمده الله برحمته وكان ابتداء عمارته سادس عشر رمضان المعظم سنة سبع وأربعين وسبعمائة وكان الصلاة فيه يوم الجمعة ثالث ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وتوفي إلى رحمة الله تعالى تاسع عشر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وسبعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام والتحية”
وفى عصرنا الحديث.. أغلق مسجد “آق سنقر” لمدة تقرب من 21 عامًا منذ عام (1992 م) بعد الزلزال الذي ضرب مصر في نفس العام، وتم ترميمه على مدار أربعة أعوام بتكلفة بلغت 2 مليون دولار. ليعاد افتتاحه مرة أخرى بعد زمن طويل في عام ( 2013 م )
وتم الترميم بمعالجة الأحجار إنشائياً ثم معالجة الجزء الرخامي الأزرق بشف الرسم و إعادة رسمه من جديد. وتم معالجة وترميم الرسومات المفقودة أو المكسورة.. كما تم تجديد الإنارة بالكامل داخل وخارج المسجد طبقا لأحدث النظم المتبعة فى المناطق الأثرية..
سبيل إبراهيم آغا
الضريح
شباك الضريح