إن جرجس لطفى فناناً قبطياً مسيحياً بأمتياز ربما لدرجة تجعلنا نظن أنه أسير الموضوع الديني وضحية للفكرة الدينية لدرجة كبيرة.
فالرجل يكاد يقارب بين ملامح البشر فى موضوعات لوحاتة حتى نظن أنهم فصيل واحد.. أو نسل واحد .. فدرجة التشابة بين ملامحهم كبيرة .
البشر فى لوحات جرجس لطفى فى حالة من التراص والتجمع والالتحام الأفتراضى وكأنهم قد تم إستدعائهم للتواجد فى هذا المكان أو ذاك ( لوحة زيارة حديقة الحيوان ) على سبيل علاوة على هذا لم يترك الفنان جرجس لطفى شخوصية تتفاعل بصورة تلقائية تحت تأثير تواجدهم بالمكان الذي أختاره موقعاً للصورة !!
بل قام بإيقاف عنصر الحركة لدى هؤلاء الشخوص .. ثم جعلهم جمعياً ينظرون لمشاهدة الصورة بأفتراض أنهم يعرفون بوجودة .. أو ربما يظنون أنه حتماً بأفتراض أنهم يعرفون بوجودة .. أو ربما يظنون أنه حتماً سوف يأتى يوم .. ويقف أمامهم من يتطلع إليهم ويحاول أن يعرف قصتهم.
إن عيون شخوص جرجس لطفى .. علاوة على كونها تتوجة لمن سيأتي لمشاهدتهم يوماً ما .. هى أيضاً تنظر للسماء لدرجة أدارت الرؤوس .. حتى ظهر وكأنها تسقط من على الأجساد !!
فهل كان هؤلاء الناس يمارسون محبة بعضهم البعض .. وكذلك محبتهم للبحر مثلاً.. أم أن البحر كان هو (الحادثة ) التي تجمع حولها هؤلاء الناس؟ والغريب أن الفنان قام بتهميش وجود البحر فى الصورة لدرجة أنك لا تكاد تراه ..علاوة على قتامة لونة ..الداله على كراهية الفنان له أقصد البحر .. وخوفة منه .. لا محبتة له بصفته يمثل عنصر المكان فى الصورة .. إذن
المكان مهم .. لكن البشر أهم هذه جهة نظر جرجس لطفى.
ولع جرجس لطفى بالفنون القبطية وخاصة الايقونات .. كان له تأثيراً واضحاً على اختياره لعناصره التعبيرية من أجل الوصول لخواص تشكيلية مميزة لعملة الفنى .. فنجد أن السماْ ليست زرقاء .. بل ذهبية اللون .. البحر أيضاً وقد ظهر قاتماً جداً ..اللون الساخن الذى يشغل معظم فراغ الصورة معبراً عن حررة الصيف الملتهب .. فهل كان تأثير ملامح القديسين فى الأيقونات هو الذى أوجد هذا التشابة بين معظم شخوص جرجس لطفى؟ وهل أراد أن يقول لنا أن هؤلاء البسطاء أو ربما العامة من الناس الذين هم أبطال أيقوناتة الكبيرة الحجم .. ليسوا أقل قدرة على نشر المحبة بين الناس .. كما أنهم ليسوا أقل قداسة ربما من العديد من القديسين .. أو بمعنى أوضح أن هؤلاء قديسين الأزمنة القادمة ؟ هل عيونهم الزائغة تنتظر عودة المخلص (فتدب) الروح القدس فى هذه الصور فتعاود هذه الشخوص إستناف الحركة لاستمرار الحياة؟
أما السؤال الذي يفرض نفسه الآن بناء على رؤية جرجس لطفى هو هل هؤلاء الأشخاص أحياء يرزقون قان بتويرهم !؟ أم أنهم رحلوا وهم فى غاية الدهشة مما جرى ؟ !
وخاصة أن جرجس لطفى يتخدم تقنيات لونية وسطوح لصورة ترجع إلى عصور موغلة فى القدم .. (التمبرا ).. وتدهيب خلفيات المناظر.
أما الظاهرة الغريبة المرتبطة بالحالة المصرية فهى الرغبة الجامحة للاختباء فى الماضى .. والرغبة الدائمة فى إحياء الموتي .. وإعادة ذكرهم مرات ومرات .. وكأن حالة من (الوجد الصوفى) تفرض نفسها على الفنان .. وربما الإنسان المصرى بشكل عام .. إلا أننى أخاف أن ترتبط هذه الظاهرة بالخوف من مواجهة الحاضر .. والعجز عن صنع المستقبل.