ألغي المشروع الجديد التفرقة بين الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية بسبب الأدانة ببعض الجرائم ووقف الحقوق السياسية بالنسبة للمحجور عليهم والمصابين بأمراض عقلية
أصدر رئيس الجمهورية القرار الجمهوري رقم 126 لسنة 2014 بتشكيل لجنة فنية خاصة برئاسة المستشار محمد أمين المهدي، وزير شئون مجلس النواب والعدالة الانتقالية، كلفت بإعداد مشروعي قانوني بتعديلات قانوني مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب، وحدد لعملها 15 يوما من تاريخ نشر القرار الجمهوري، وجعل من محدداته ما اسفرت عنه لقاءات رئيس الجمهورية بالأحزاب والقوى السياسية، بالنظر الى ان الدستور اجاز في المادة 102 للمشرع ان يختار بين نظام الانتخاب الفردي، او القائمة، او الجمع بينهما باي نسبة كانت وفي هذا السياق يقول المستشار محمود فوزي عبد الباري مستشاروزير شئون مجلس النواب و العدالة الأنتقالية والمتحدث بأسم لجنة التعديلات لموقع وطني
.
قد باشرت اللجنة وأمانتها الفنية عملها في وقت قياسي، ولم تكن مهمتها يسيرة، ولا الوقت المتاح أمامها فسيحا، فواصلت العمل واجتهدت، حتى اخرجت مشروعين تم طرحهما للحوار المجتمعي وجعلتهما تحت بصر المواطنين في عبارات واضحة قاطعة، سهلة الفهم لا تحتمل تفسيرات متعارضة ، تمهيدا لإجراء ما يلزم من تعديلات قبل استصدار القانون.
المشروعان المطروحان تمت صياغتها في شكل قوانين متكاملة، تسهيلاً على فهم أحكامهما لكل قارئ نظرا لكثرة ما ادخل على القانونين القائمين من تعديلات ، (أدخل على قانون مباشرة الحقوق السياسية29 تعديلا منذ وضعه في 1956)، وليس معنى ذلك ان جميع احكام المشروعين أحكام جديدة، بل بعضها جديد، والاخر كان موجودا في القوانين السابقة
.
وعن اهم الملامح الجديدة في المشروعين ؟ :
اولا يقول مشروع قانون تنظيم مباشرة بعض الحقوق السياسية:
ألغى المشروع الجديد التفرقة بين الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية بسبب الادانة ببعض الجرائم، ووقف الحقوق السياسية بالنسبة للمحجور عليهم والمصابين بأمراض عقلية، لأنها كانت تفرقة نظرية ، والاثر العملي المترتب عليهما واحد، وهو عدم القدرة على مباشرة الحقوق السياسية فترة من الزمن.
أضاف المشروع عدة جرائم يترتب على الحكم بالإدانة بها الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية مثل: التهرب من اداء الضرائب وافساد الحياة السياسية واصدار شيكات دون رصيد وارتكاب جرائم الانتخاب المنصوص عليها في المشروع. والجدير بالذكر ان افساد الحياة السياسية يتعين ان يصدر بثبوته حكم من محكمة الجنايات بناء على تحقيق تجريه النيابة العامة في كل حالة على حدة. اي انه لا يوجد عزل سياسي جماعي على اساس الانتماء السياسي او اي اساس اخر امتثالا لأحكام الدستور وقضاء المحكمة الدستورية العليا.
جعل المشروع منظمات المجتمع المدني شريكة في العملية الانتخابية، واناط باللجنة العليا للانتخابات تحديد هذه المنظمات والترخيص لها بالمتابعة، وارسال ملاحظاتها ونتائج متابعاتها واقتراحاتها الى اللجنة العليا للانتخابات خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتهاء العملية الانتخابية
أكد القانون على عدم جواز إجراء في تعديل قاعدة بيانات الناخبين بعد إجراء الدعوة للانتخابات او الاستفتاءات، واستثناء من ذلك، أجاز إجراء التعديل في حالتي صدور حكم قضائي يوجب ذلك، او لرفع أسماء المتوفيين تدعيما لسلامة بيانات القاعدة.
فيما يتعلق بالدعاية الانتخابية والانفاق الانتخابي ، فقد اضاف القانون فصلا جديدا ينظمهما ، فحدد محظورات الدعاية على نحو دقيق، وجعل للإنفاق سقفا يقدر بمليوني جنيه بالنسبة للانتخاب الاول، ومليون جنيه في انتخاب الاعادة في الانتخاب الفردي، وضوعف هذا المبلغ بالنسبة للقوائم الانتخابية. وجعل الانفاق على الدعاية الانتخابية من خلال حساب بنكي يخصص لهذا الغرض يلتزم المترشح بفتحه، ولا يجوز للمرشح الإنفاق على هذه الدعاية إلا من هذا الحساب، وتتم مراقبته من الجهاز المركزي للمحاسبات تحت اشراف اللجنة العليا للانتخابات، ورتب جزاء خطيرا على تجاوز حد الانفاق الانتخابي الاقصى يضمن الالتزام بتلك الحدود بجواز شطب المرشح بحكم من المحكمة الادارية العليا بمجلس الدولة بناء على طلب من اللجنة العليا للانتخابات.
أجاز المشروع للمترشح أن يتلقى تبرعات نقدية أو عينية من أي شخص طبيعي مصري، أو من الأحزاب المصرية، بشرط ألا يجاوز التبرع العيني والنقدي من أي شخص أو حزب عن اثنين في المائة من الحد الأقصى المصرح به للإنفاق على الدعاية الانتخابية، ويلتزم المرشح بإخطار اللجنة بأسماء الأشخاص والأحزاب التي تلقى منها تبرعًا ومقدار التبرع. وحظر عليه تلقى تبرعات نقدية من شخص اعتباري مصري (بخلاف الاحزاب) أو أجنبي، او دولة أو جهة أجنبية أو منظمة دولية، او اي كيان يساهم في رأسماله شخص مصري أو أجنبي طبيعي أو اعتباري أو أي جهة أجنبية أيا كان شكلها القانوني.
في مجال ضوابط التغطية الاعلامية، اوجب المشروع على وسائل الاعلام المرخص لها بالعمل في مصر، عند قيامها بتغطية اعلامية للانتخاب والاستفتاء ، أن تراعى الموضوعية وفقًا للأصول المهنية المتعارف عليها، وأن تأتى التغطية في نطاق إلقاء الضوء على البرامج الانتخابية للمرشحين أو مناقشة موضوعية ومحايدة للموضوع المطروح للاستفتاء. وأوجب عليها بصفة خاصة الالتزام بعدم خلط الرأي بالخبر، وعدم خلط الخبر بالإعلان ، ومراعاة الدقة في نقل المعلومات، وعدم تجهيل مصادرها ، واستعمال عناوين معبرة عن المتن ، وعدم نشر صور بعيدة الصلة عن موضوع التغطية ، عدم الخلط بين المسميات أو التعميم غير الجائز أو اقتطاع جمل من الأقوال بالمخالفة لمتن هذه الأقوال، وعدم سؤال الناخب عن المرشح الذى سينتخبه أو سؤاله عن الرأي الذى سيبديه في الاستفتاء وعدم إجراء أي استطلاع رأى أمام لجان الانتخاب أو الاستفتاء، وعدم توجيه أسئلة إيحائية ذات تحيز واضح، وعدم الانتقاص من حق كل طرف في الرد أو التعليق على ما يتعرض له من هجوم أو مدح ، وعدم استخدام الشعارات الدينية لتأييد أو رفض مرشح أو موضوع معروض على الاستفتاء، وكلها معايير وضوابط وردت في مواثيق الشرف الصحفية والاعلامية وتتضمن احكاما موضوعية تحقق الصالح العام وتدعم نزاهة وعدالة العملية الانتخابية.
نظم القانون لأول مرة في الانتخابات البرلمانية والاستفتاءات مسألة استطلاعات الرأي، فالزم كل وسائل الاعلام المرخص لها بالعمل في مصر ألا تذيع أو تنشر استطلاع رأى حول الانتخاب أو الموضوع المطروح للاستفتاء إلا إذا جاء مطابقًا للأصول المهنية المتعارف عليها، وعلى نحو يحترم حق المواطن في المعرفة، بشرط تقديم المعلومات الكاملة عن الجهة التي قامت باستطلاع الرأي والجهة التي تولت تمويله وحجم العينة التي وجهت لها الاسئلة ومكانها إن كان في المدن أو الريف وأسلوب إجرائه وفق المناهج المتعارف عليها في هذا الشأن ، والأسئلة التي اشتمل عليها ، وطريقة جمع بياناته ، وتاريخ القيام به ، ونسبة الخطأ المحتملة في نتائجه. وحظر على هذه الوسائل، نشر أو إذاعة أي استطلاع رأى خلال الأيام الخمسة السابقة على اليوم المحدد لإجراء الانتخاب أو الاستفتاء ،وذلك حتى انتهاء عملية الاقتراع.
حظر المشروع على نحو صريح ولأول مرة على شاغلي الوظائف السياسية وشاغلي وظائف الإدارة العليا في الدولة، الاشتراك بأي شكل من الأشكال في أعمال الدعاية لأي مرشح، ويعتبر من قبيل الاشتراك، افتتاح مشروع خدمي في الدائرة الانتخابية وقت الدعاية ، ما لم يكن هذا المشروع مدرجًا في الخطة العامة للدولة قبل الدعوة للانتخاب، دعوة المرشح لحضور افتتاح مشروع خدمي مدرج في الخطة العامة للدولة، حضور اجتماعات أو مسيرات مؤيدة لمرشح بعينه، إعفاء قطاع من المواطنين داخل الدائرة الانتخابية من رسوم أو غرامات أو غيرها من الفرائض المالية، أو منح تراخيص للمواطنين بصورة جماعية بالمخالفة لأحكام القانون. ورتب على مخالفة ذلك امكانية قضاء المحكمة المختصة بعزل الموظف ان كانت المخالفة جسيمة، دون الاخلال بالمسئولية التأديبية.
حدد المشروع الجزاء المترتب على مخالفة ضوابط التغطية الاعلامية إما بالاكتفاء بما ذكرته الوسيلة الإعلامية في ردها الى اللجنة العليا للانتخابات – إن هي أقرت بالمخالفة – مع إلزامها بنشر اعتذار وتعهد بعدم ارتكاب أي مخالفة في المستقبل ، على أن يتم النشر في ذات أوقات ومساحة نشر التغطية المخالفة، او إلزام الوسيلة الإعلامية بنشر توبيخ لسياستها التحريرية بشأن ما نشر ، على أن يكون مكتوبًا بمعرفة اللجنة ، وينشر هذا التوبيخ بالكيفية التي تحددها اللجنة، او إلزام الوسيلة الإعلامية بعدم نشر أي تغطية أيًا كانت صورتها أو استطلاع رأى عن الانتخاب أو الاستفتاء ، وذلك خلال الفترة التي تحددها اللجنة ، على أن ينشر قرار اللجنة بالكيفية التي تحددها
.
وماذا عن مشروع قانون مجلس النواب؟
حدد المشروع عدد مقاعد البرلمان بـ600 مقعد بالانتخاب السري المباشر. واجاز لرئيس الجمهورية تعيين 30 عضوا بحد اقصى، لزيادة عدالة التمثيل وتقيل التنافس والتصارع على تلك المقاعد.
اعتمد المشروع المزج بين نظام الانتخاب الفردي (480 مقعدا) والقوائم الانتخابية المغلقة المطلقة (120 مقعدا) ، واجاز للمستقلين والحزبيين الترشح على كل منهما، وجعل تمثيل بعض الطوائف كنوع من التمييز الايجابي لازما لقبول اوراق القائمة ، وهذه الطوائف هي المرأة والمسيحيين والشباب والعمال والفلاحين وذوي الاعاقة والمقيمين بالخارج.
تضمن المشروع تعريفا دقيقا للفلاح والعامل وذا الإعاقة والمقيم بالخارج، يضمن عدم مزاحمتهم في المقاعد من الغير، بما يضمن تمثيلا مناسب وملائما لهم، ويضمن وصول هذه المزايا التفضيلية الى مستحقيها في انتخاب اول مجلس نواب تال للعمل بالدستور القائم. كما يسير في اجراءات تقديم القوائم وجعل مبلغ التامين للقائمة ككل خمسة الاف جنيه تدعيما للأحزاب وللطوائف التي اوجب الدستور تمثيلها.
روعي في تقسيم الدوائر الانتخابية الاعتبارات الدستورية في التمثيل العادل للسكان والمحافظات، والمتكافئ للناخبين، فتم تمثيل كل المحافظات بنواب في البرلمان وان لم يصل عدد سكانها الى الوزن النسبي للمقعد على مستوى الجمهورية، كما تم مثيل المحافظات بنسبة عدد سكانها وناخبيها، كما راعى تمثيل بعض المناطق وفق اعتبارات تحقق الصالح العام مثل تلك التي لم تكن ممثلة في البرلمان من قبل، او التي لها طبيعة خاصة مثل المناطق الحدودية، او ذات الثقل الاقتصادي، او لتحفيز التوطن في المجتمعات العمرانية الجديدة.
اوجب المشروع استمرار المترشح بالصفة التي ترشح على اساسها، فلا يجوز ان يغير المترشح انتماءه الحزبي او يتخلى عنه او يصير المستقل حزبيا، احترما لحق الناخب واختياره.
اوجب المشروع على طالب الترشح ويكون طلب ترشحه مصحوبا ببعض المستندات، اعتبرها أوراقا رسمية في تطبيق قانون العقوبات مثل، بيان يتضمن السيرة الذاتية للمترشح وبصفة خاصة خبراته العلمية والعملية، وبيان ما اذا كان مستقلا أو منتميا إلى حزب ، وبيان اسم الحزب المنتمي اليه، وإقرار ذمة مالية له ولزوجه وأولاده القُصر.
حظر المشروع على المترشح ان يترشح في دائرة غير التي بها موطنه الانتخابي، والموطن الانتخابي هو محل الاقامة الثابت في بطاقة الرقم القومي، ربطا للنائب بدائرته الانتخابية، فلا يستقيم ان يدلي النائب بصوته في دائرة ويترشح عن دائرة أخرى. كما لا يجوز ان يجمع المترشح بين فرصة الترشح على مقعد فردي وقائمة، او في قائمتين.
حدد المشروع ضوابط لاستخدام رئيس الجمهورية صلاحياته في التعيين، فاشترط أن تتوفر فيمن يعين ذات الشروط اللازمة للترشح لعضوية مجلس النواب، وألا يعيّن الرئيس عددا من الأشخاص ذوي الانتماء الحزبي الواحد، يؤدي إلي تغيير الأكثرية النيابية في المجلس، وألا يعين أحد أعضاء الحزب الذي كان ينتمي إليه قبل أن يتولى مهام منصبه، وألا يعين شخصا خاض انتخابات المجلس في ذات الفصل التشريعي، وخسرها.
حدد المشروع بدقة حقوق وواجبات النواب، فنص على تمتعهم بالحصانة البرلمانية، والاحتفاظ لمن كان منهم موظفا عاما بوظيفته، وزيدت مكافاة العضوية، فاصبحت خمسة آلاف جنيه بدلا من الف جنيه، ووضع لمجموع ما يتقاضاه من المجلس حد اقصى، بالاضافة الى بعض تسهيلات العضوية الاخرى. وبالنسبة لواجبات النواب، فيجب ان يؤدي النائب القسم بالصيغة المنصوص عليها في القانون، وحظر تعامله بالذات او بالواسطة في اموال الدولة، وحظر الجمع بين عضوية مجلس النواب وغيرها من المناصب، كما حظر التعيين المبتدأ للنواب في بعض الوظائف متلافيا في ذلك بعض عيوب القانون القديم.
نظم المشروع لأول مرة منع تضارب المصالح بين النائب والدولة، اعمالا لمبدأ المساواة، وتنفيذا لالتزامات مصر الدولية في اتفاقيات مكافحة الفساد، فاوجب على من يملك من النواب اسهما او حصصا في شركات او مشروعات تجارية ان يفصل ملكيته لها عن ادارتها، وبيّن القانون كيفية اجراء هذا الفصل، ونظم شراء الاسهم والحصص في حالات محددة، وحظر على النواب ممارسة الاعمال المهنية تحقيقا للتفرغ المنصوص عليه في الدستور، كما حظر تقديم الاعمال الاستشارية باجر او بغير اجر. واوجب في جميع الاحوال ان يكون تعامل النائب بالسعر العادل دون مزايا تفضيلية وهو ما ينطبق ايضا على القروض والتسهيلات الائتمانية
ويقول المستشار محمود فوزي أن رئيس واعضاء اللجنة وامانتها الفنية اذ يقدمون بين يدي المجتمع ما اسفر عنه اجتهادهم في هذا الوقت الوجيز، فانهم يؤكدون على رغبتهم الصادقة والاكيدة في وضع نظام انتخابي سليم مبرأ من العيوب والشبهات الدستورية، ويسعدهم تلقي اي مقترحات او اضافات بناءة من شأنها تحسين المنظومة الانتخابية.