يشهد المجتمع المصري يوما بعد يوم حالة من التخبط الفكري الذي تدفعه للتمرد على واقعه ، رغم أن الواقع الحالي ليس جديدا علينا ، لقد عشنا طيلة سنوات حياتنا نعاني من انخفاض معدلات الأجور والمرتبات
، ونعاني من البطالة وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة … صبرنا وتحملنا الكثير والكثير دون أن نشكو لسنوات طويلة، ولكن اليوم أرى أن هذا الشعب البائس قد فاض به الكيل ولا يرى منفذا أمامه سوى الخروج للميادين والشوارع والطرقات العامة ليعلن عن رفضه لتدني مستوى معيشته، قد يرى البعض أن هذه الفئات من المجتمع على صواب لأنها تمارس حقها في التعبير عن رأيها بالإعتصام السلمي من خلال هتافات أو لوحات بها عبارات تعبر عن مطالبهم، ولكن السؤال هنا هل تكرار الإعتصامات اليومية والفئوية هو السبيل لعلاج الأزمة المالية الراهنة، وهل توقف عجلة العمل والإنتاج سيساهم في زيادة الدخل القومي ورفع مستوى المعيشة ؟؟ ليتنا ندرك أننا اليوم نعيش مرحلة خطيرة وحرجة بعد هذا الركود الإقتصادي الذي شهدته مصر فيما يقرب من ثلاث سنوات واكثر .. تراجع في معدلات السياحة الوافدة، ارتفاع نسبة البطالة، عدم قدرة الدولة على اقامة المشاريع وتشغيل الشباب، هجرة الكثير من رجال الأعمال وتحويل مدخراتهم المالية للخارج، تدمير وحرق منشآت اقتصادية حيوية وهامة خلال أيام التظاهرات.. وغيرها من الأمور التي دفعت الإقتصاد المصري إلى الكساد والركود .. واليوم ونحن على أعتاب مرحلة جديدة نسعى فيها للمصالحة مع كافئة فئات الشعب ودعم روح الإنتماء بين ابنائه .. ليتنا نساند بعضنا البعض ونتكاتف معا للننتج وننهض ونرتقي بمجتمعنا، ونقدم صورة ايجابية عن وطننا لشعوب العالم بالخارج لنشجع قدوم السياحة الوافدة ، وندير عجلة الإنتاج من جديد بعد أن توقفت لفترات طويلة… ليتنا نصبر ونتأنى حتى نصل إلى ما نريد، ونعلم جديا ان الإصلاح والتغيير والبناء يحتاج لوقت وجهد ملموس وليس شعارات جوفاء لا تحمل سوى كلمات دون أفعال … لقد أصبحت مطالب الشعب المصري أكبر بكثير من قدرة أي حاكم أو رئيس أن يلبيها، ونحن بهذه الطريقة نجعل من أي انسان يفكر في حكم مصر خلال المرحلة المقبلة يشعر بالعجز لعدم قدرته على اشباع احتياجات المجتمع، ليتنا نفيق من غفوتنا ونعطي فرصة للحكومة الجديدة أن تعمل وللرئيس القادم أن يفكر في هدوء ويبدأ في انقاذ مصر دون ضغوط داخلية من المجتمع تطالبه بالسرعة والتعجل في كل شيء.. ولنعلن الهدنه عن اعتصاماتنا واضراباتنا لأنه لا مجال لها الآن ، ولا نضيع المزيد من الوقت في اعلان كلمة ” لا “.
إن الرئيس القادم لا يملك عصا سحرية ليحول مصر إلى جنة الخلد بين عشية وضحاها، ولا يملك مصباح علاء الدين الذي يمكنه أن يلبي كل مطالب الشعب دفعة واحدة، ولا يملك خاتم سليمان ليحل الأزمات المجتمعية التي تراكمت خلال الثلاثين عاما الماضية… من هو الحاكم الذي بمقدوره حل جميع الأزمات داخليا وخارجيا في وقت قصير؟ لنعطي فرصة لمن يريد اصلاح هذا البلد أن يتخذ قرارات ويبدأ العمل .. لنطوي الصفحات الماضية ونبدأ عهدا جديدا بالعمل والإنتاج وليس بالإعتصام والإضراب.