اعلن مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية المكلف عدم توصله الى تقديم تشكيلة حكومته الى الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي يوم امس السبت وفق ما ينص عليه القانون المؤقت المنظم للسلط.
وقال جمعة خلال مؤتمر صحفي عقده في ساعة متأخرة الليلة الماضية ان الرئيس المرزوقي سيشرع ابتداء من اليوم الاحد ولمدة يومين في اجراء المزيد من المشاورات مع الاطراف السياسية من اجل التوصل الى اوسع توافق بشان التشكيلة الحكومية ليكلفه بعدها مجددا بتشكيلها او يكلف شخصية اخرى بذلك.
وابدى جمعة تفاؤله بتوصل هذه المشاورات الى تحقيق اوسع توافق في الحوارالوطني بشأن التشكيلة التي اقترحها والتي قال انها تتكون من كفاءات عالية. مشيرا الى ان النقاش في الحوارالوطني كان حول الحقيبة الامنية في هذه التشكيلة الحكومية التي اقترحها باعتبار اهميتها في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد ولافتا الى ان الامر لا يتعلق باشخاص بل بتقييم للاوضاع الامنية.
من جهته رجح عدنان منصر الناطق الرسمي باسم الرئاسة التونسية خلال المؤتمر الصحفي ان يجدد الرئيس المرزوقي تكليف جمعه بتشكيل الحكومة الجديدة.
وكانت الاطراف السياسية قد اخفقت مجددا في جلسة الحوار التي عقدت مساء امس في التوصل إلى أي توافق بخصوص منصب وزير الداخلية في الحكومة الجديدة أمام تمسك جمعة، بلطفي بن جدو على رأس هذه الوزارة. وقد تقدمت المعارضة بمقترح لجمعة يتمثل في توليه رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية معا وتعيين كاتب دولة للأمن في انتظار اختيار شخصية لتولي منصب وزير الداخلية خلال بضعة أيام، وفق ما صرح به سمير الطيب الناطق الرسمي باسم حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي.
ومن جهته أكد السيد علي الزديني نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان( احد الاطراف الاربعة الراعية للحوار الوطني )، سعي المنظمات الراعية للحوار إلى حصول حكومة جمعة على توافق تام ومن كافة الأحزاب.
وقد أجمع عدد من ممثلي أحزاب المعارضة على رفضهم المطلق للإبقاء على لطفي بن جدو على رأس وزارة الداخلية، وقالت ريم محجوب عن حزب افاق تونس أن هذا الرفض “ليس لشخص بن جدو بل هو تمسك بخارطة الطريق التي تنص على أن تتكون الحكومة الجديدة من كفاءات مستقلة”.
واشارت الى أن “فترة تولي بن جدو لمنصب وزارة الداخلية شهدت اغتيال النائب محمد البراهمي ورجال من الأمن والجيش، إضافة إلى ما يتضمنه ـ كما قالت ـ رصيده من بوادر فشل في إدارة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية”.
وفي المقابل اعتبر عامر لعريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، أن خارطة الطريق التي انتظم على أساسها الحوار الوطني تنص على التوافق حول شخصية مستقلة لمنصب رئاسة الحكومة تتولى تشكيل حكومتها ولم يشترط فيها سوى الاستقلالية والكفاءة والالتزام بمواصلة المسار الديمقراطي الانتقالي في تونس. وبين أن الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني هي التي خولت لرئيس الحكومة المكلف تشكيل حكومته “وهو يتمتع بهذه الصلاحية قانونيا وسياسيا وتوافقيا ولا ينبغي الاشتراط عليه بخصوص من يعين في هذه الحكومة طالما التزم بشروط الحياد والاستقلالية”. وأضاف لعريض إنه “من حق أي طرف كان الاعتراض على بن جدو على رأس وزارة الداخلية، إلا أن القرار الأخير يبقى لرئيس الحكومة وللمجلس الوطني التأسيسي الذي سيزكي هذه الحكومة”.
يذكر ان الحكومة الجديدة المنتظرة تتمثل مهمتها الاساسية في تسيير ما تبقى من المرحلة الانتقالية وتنظيم الانتخابات القادمة بما ينهي الازمة السياسية التي تعبشها تونس منذ اغتيال البراهمي عضو المجلس التاسيسي ومنسق التيار الشعبي المعارض في الخامس والعشرين من شهر يوليو من العام الماضي.