إحتفلنا أمس بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير …وكان للسينما المصرية دورا مهما فى الإعداد لها، وهو ما طرحه المؤلف وليد رشاد فى كتاب له بعنوان” السينما والثورة ” ضمن سلسلة أفاق السينما التى أصدرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة . ويعرض الكاتب بشكل أساسى دور الفيلم المصرى فى تناول حقوق الانسان والكشف عن صور من انتهاك كرامته فى السنوات الأخيرة التى سبقت قيام ثورة 25 يناير.
يتناول الكتاب فى المقدمة ما واجهتهه السينما المصرية مع نهاية القرن التاسع عشر وحتى الان من نقدا لاذعا للسلبيات السياسية والمجتمعية تارة بالتلميح وتارة بالتصريح والتجريح احيانا، ومما لاشك فيه يرتبط بالرسالة التنويرية التى حملها فنانو السينما الجادون والمجيدون قد اسهمت فى تربية الوعى داخل عقل المشاهد المصرى والعربى .
يتضمن الكتاب أربعة فصول و هى كالتالى : “إرهاصات الثمانينات”، “التسعينات وتنويعات على الحلم”، “ألفية جديدة وطموحات أكبر” و”كرامة المواطن المصرى وحقوقه فى السينما المصرية”.
وأشار وليد رشاد الى انه كثيرا ما رصدت عدسات الكاميرات العربية مظاهر الفساد والتواطؤ الذى سيطر على دوائر الحكم فى بلادنا ،وراحت تفضح تامر حكام ظنوا انفسهم مخلدين على شعوبهم المقهورة واستحقت السينما المصرية عندما صنعت افلاما توقظ الوعى لدى الجماهير وتفتح اعينهم على حقيقة مايجرى ،وان تكون بحق اللبنة الاولى لثورات الربيع العربى التى شهدناها فى مطلع العقد الثانى من القرن الحادى و العشرين بل ويمكن ان نعتبرها ايضا وقود الثورة .
لقد جاء الفصل الاول من الكتاب تحت عنوان ارهاصات الثمانينات الذى اشار الى بعض الافلام التى عبرت عن الثورة على الواقع الذى كان يعيشه المواطن المصرى انذاك .ومن هذه الافلام فيلم ” التوت والنبوت ” ،و”الصعاليك ” ،و” حتى لا يطير الدخان” ،و” كراكون فى الشارع ” ،و”الحقونا ” ،و” كتيبة الاعدام ” .
اما الفصل الثانى فتناول فيه الافلام السينمائية فى التسعينات منها : اللعب مع الكبار – الهروب – ضد الحكومة – امريكا شيكا بيكا – الارهاب والكباب – ارض الخوف – طيور الظلام – المصير .
وفى الفصل الثالث الذى جاء بعنوان ألفية جديدة وطموحات اكبر، قال الكاتب إن هذه الفترة لها النصيب الاكبر فى الافلام الثورية والتى عبرت عن معاناة المواطنين وفساد النظام بل اعتبر الكاتب أن السينما المصرية منذ عام 2000 الى 2010 كان لها دورا كبيرا فى تمهيد الطريق الى ثورة 25 يناير .
بداية من فيلم “بحب السيما” التى واجهت معارك ضارية مع الكنيسة المصرية كادت تصل الى حد منع عرض الفيلم ثم فيلم “السفارة فى العمارة” فى عام 2005 وفيلم “العاصفة ” و”معالى الوزير” ، “عايزحقى” ، “ليلة سقوط بغداد” ،”واحد من الناس” و” ظاظا رئيس جمهورية” ، و “عسل اسود”.
واشار الكاتب فى هذا الصدد الى بعض الافلام منها فيلم ظاظا فى عام 2006 ،ثم فيلم ” هى فوضى “” فى 2007 ،حيث شاهدنا فى الفيلم نموذجا مصغرا لما حدث فى الثورة المصرية بالفعل .
وفى نفس العام كان فيلم ” حين ميسرة ” للمخرج خالد يوسف الذى تناول العشوئيات التى استفحلت فى عهد مبارك والذى سمح نظامه بانتشارها وتوغلها .
وفى عام 2009 جاء ايهاب لمعى بفيلم ” الديكتاتور ” والذى كان اكثر جرأة من غيره فى تناول ملف التوريث وسلبيات تدخل جمال ابن الرئيس السابق
و ذكر الكاتب فى ذات الشان فيلما اخر فى عام 2010 و هو ” بنتين من مصر “
و فى الفصل الرابع الذى جاء بعنوان “كرامة المواطن المصرى وحقوقه فى السينما المصرية” أوضح رشاد أن السينما المصرية ركزت فى العقد الاول من القرن الحادى والعشرين على وضع الفرد داخل المجتمع المصرى من خلال تحديات واجهت المجتمع بقسوة مثل الخشونة المفرطة من قبل اجهزة الامن تجاه المواطن المصرى ،فقد استمرت حالة الطوارىء فى مصر لثلاثين عاما متصله ،وعلى الرغم من صعوبة الموقف وسط حالة من التوتر وقلق وترقب امنى شديد خرج الينا صناع السينما المصرية يحملون مشاعل النور لتضىء ظلام العقول التى خضعت لموجه عنيفه من الارتياب
يختتم الكتاب بتقديم تحليل موضوعى لمسيرة السينما المصرية مع ربط أحداث الثورة المصرية بالأفلام التى عرضه الكتاب.