عاشت ” وطنى” لحظة ميلاد مكتبة مخطوطات دير السريان ــ اقصد الافتتاح ــ فهى المكتبة التى كتبت شهادة ميلاها الأحد 19 مايو 2013 لم تخرج من رحم الزمان هكذا فجأت عاشت سنوات طويلة ولقرابة عقد من الزمان فى ” بطن ” الدير يرعاها ويمهد لميلادها رئيس الدير الأنبا متاؤس
عاشت ” وطنى” لحظة ميلاد مكتبة مخطوطات دير السريان ــ اقصد الافتتاح ــ فهى المكتبة التى كتبت شهادة ميلاها الأحد 19 مايو 2013 لم تخرج من رحم الزمان هكذا فجأت عاشت سنوات طويلة ولقرابة عقد من الزمان فى ” بطن ” الدير يرعاها ويمهد لميلادها رئيس الدير الأنبا متاؤس ،والقمص بيجول السريانى المشرف عليها ، ومجموعة من خبراء المخطوطات والمهتمين بالتراث فى العالم ، حتى كانت لحظة الميلاد الأحد الماضى، وكان من المقرر ان يحضر قداسة البابا تواضروس الثانى الذى اعتذر قبل ساعات وأوفد سكرتيره القس امونيوس عادل.
افتتحت المكتبة بيد نيافة الأنبا متاؤس أسقف و رئيس دير السريان و بحضور الأنبا كيرلس افامينا اسقف ورئيس دير مارمينا بمريوط ، والانبا ابيفانيوس اسقف ورئيس دير الأنبا مقار واعتقد ان حضورهما لم يكن مصادفة فدير مارمينا يضم اكبر عدد من مخطوطات الكنيسة من بينها كل مخطوطات البطريركية ، ودير الأنبا مقار يذخر بالكثير من المخطوطات الأثرية ، ومكتبة دير السريان ليست مجرد مكتبة ولكنها ايضا ” معمل ” لترميم المخطوطات ومركزا لحفظها ستصل خدماته الى كل الأديرة وستصل رعايته الى كل مخطوطه قبطية.
فى الساحة المواجهة لمبنى المكتبة الجديدة كان كل شىء قد اعد لاستقبال المولود الجديد منصة تلقى من عليها الكلمات عدسات الفضائيات تعلن عن وجودها بشعاع أضوائها التى كادت تغلب أشعة الشمس الملتهبة فى هذا الصباح اعداد المحتفين بالمولود الجديد ليست بالكثيرة ولكنها كلها قامات من الخبراء والمتخصصين والمهتمين به من بينهم سير جيمس وات سفير بريطانيا وحرمه ، ومستر ديريك بلامبلى السفير السابق للمملكة المتحدة فى مصر وحرمه ، ومجلس أمناء مؤسسة لافنتاين الراعية للمشروع ، ووزير السياحة السابق منير فخرى عبد النور ، ووزيرة البيئة الأسبق منى مكرم عبيد ، ورجل الأعمال منير غبور ، ولفيف من الدبلوماسيين والمثقفين ورجال الإعمال ووسط هذا الكوكبة كانت لحظة الميلاد
■ البداية جاءت على فم نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس الدير :
•• نرحب بكم فى ديركم دير السيدة العدراء مريم ــ المعروف بدير السريان ــ هذا الدير العريق الذى بدأ إنشاؤه فى أواخر القرن الخامس الميلادى لتثبيت عقيدة الثيؤطوكوس ( والدة الإله ) الخاصة بالعذراء مريم بعد بدعة نسطور ومجمع خلقيدونيه سنة 451ميلادية ، وظل قائماً شامخاً حتى الآن يشهد بعظمة الرهبنة القبطية التى أسسها القديس العظيم الأنبا أنطونيوس أب رهبان العالم كله ، وبعده أسس الرهبنة فى هذه البرية القديس العظيم الأنبا مكاريوس الكبير لتظل الأديرة منارات للعالم وحامية للإيمان .
■ وعن مكتبة الدير قال نيافته :
•• اذ كنا نحتفل معا اليوم بافتتاح المبنى الجديد لمكتبة المخطوطات ، فلابد ان نذكر انها من أولى مكتبات الأديرة من حيث عدد المخطوطات وقيمتها العلمية وتنوع لغاتها وثقافتها، التى يرجع إليها رهبان الدير والباحثين فى المسائل الطقسية واللأهوتية والتاريخية من كافة أنحاء العالم ، فهى منارة علمية تستحق الإهتمام بها والحفاظ على ما فيها من كنوز علمية ثمينة .
■ وعن تاريخ المكتبة قال :
•• تنقلت المكتبة فى أماكن عديدة فى الدير.كانت موجوده فى حجرة صغيرة فى الحصن القديم بالدير، ثم خصص لها الأنبا ثاؤفيلس الرئيس السابق للدير نصف الدور الأرضى من العمارة الجديدة بالدير، ثم نقلت إلى الدور الثالث من المبنى الأحدث بالدير ــ مبنى الضيافة ــ ولما ضاق المكان أنشأنا لها هذا المبنى لتكون قائمة بذاتها بعد أن كانت تحتل جزء بسيط من مكتبة الإستعارة العامة بالدير.
و فى كلمة للسيد ديريك بلامبلى رئيس مؤسسة لافنتاين قال :
•• أن افتتاح مكتبة دير السريان الجديدة هو هدف قد عمل كثيرين قرابة عقد من الزمان من أجل تحقيقه، ومع أن تلك المدة لا تربو عن طرفة عين بالمقارنة بتاريخ هذا المكان العريق والمقدس والذي يبلغ عمره أكثر من 1500 عام الا اننا نأمل في أن يفضي العمل الذي تم بتخطيط وتمويل وبناء المكتبة إلى المحافظة على المخطوطات الغالية التي تضمها، كما نتمنى أن تصبح المكتبة مركزاً يستطيع أن يعمل فيه العلماء، والباحثين عن حكمة آباء الكنيسة، لقرون قادمة،
■عن علاقته بالمشروع قال :
ترجع الى عام 2006 حينما كنت سفيراً للمملكة المتحدة بالقاهرة ــ مكان جيمس وات ــ وتحمست كثيراً لمشروع ” انجليزي – مصري” مشترك بصفتيِ سفيراً للمملكة المتحدة، إضافة لكوني عضواً بعائلة ” انجليزية –مصرية” هذا المشروع الذي يهدف إلى الحفاظ على بعض من أقدم مخطوطات الكنيسة المصرية ، وأعتقد أن زوجتى “نادية” تفوقت علي بالحماس، وعملنا سوياً ما بوسعنا لمساعدة مؤسسة لافنتاين بدعم دير السريان في هذه المهمة وقد كان شرفاً كبيراً لي عندما طلب مني أن أكون رئيس للمؤسسة.
■ وعن أمنية للمشروع ورؤيته للمستقبل قال :
•• في اعتقادي أن الكثير من الناس في المشرق وبيروت ــ حيث منصبي حالياً كممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة، يتحمسون للدور المسيحي في الحياة والثقافة في كلاً من لبنان ومصر واعتقد ايضا انه ان كانت مصر والكثير من جيرانها يمرون بفترة انتقال صعبة، إلا هذا الدير الموجود بوادي النطرون، والذي حضر إليه رهبان سريان منذ أكثر من ألفية والمخطوطات المحفوظة هنا باللغات القبطية والسريانية والعربية يعد خير تَذكِرة بصلابة المجتمعات المسيحية في العالم العربي بل واعتقد أن الأمر يمتد إلى أكثر من ذلك فالكنوز التي تحويها مكتبة دير السريان تعد جزءاً من ميراث الكنيسة والمصريين مهماً كان دينهم، وللبشرية ككل و يعتبر افتتاح المكتبة اليوم علامة في طريق حفظها، ولكن يبقى الكثير مما يجب عمله فيما يتعلق بالحفاظ عليها ودراستها، وتوجد أمامنا تحديات جديدة وكبيرة، وخاصة بالنسبة إلى عملية التصوير الرقمى اللازمة من أجل إتاحتها للجميع.
و فى كلمة السيدة إليزابيث سوبزينسكى قالت:
•• في أكتوبر 1997ذهبت مع ” إيوا باراندوسكا” والبروفيسور” كارل إينم” فى رحلة طويلة إلى وادي النطرون، لم يكن لدي أي فكرة عن ما يمكن توقعه ، فمن خلال رسالة وردت للمعهد الهولندى للاثار بالقاهرة من راهب غير معروف ــ واصفا نفسه بالأب بيجول السريانى ـــ علمت أن مجموعة من المخطوطات القديمة تابعة لدير السريان كانت في خطر وبحاجة إلى إنقاذ، وكان هذا كل ما أعرفه00 وصلنا إلى الصحراء في منتصـــف النهــــار الشديد الحرارة
والممتلئ بالغبار، وكانت جدران الدير المصنوعة من الطوب اللين ممتدة أمام أعيننا إلى ما لا نهاية من داخل الجدران ظهر برجين واثنين من القباب يعلوها الصلبان وشجرة نخيل، كأنهم يرحبون بنا في صمت إستقبلنا الأب مارتيروس ــ اسقف عام كنائس شرق السكك الحديد حاليا ــ الذي كان مسئولاً فى ذلك الوقت عن المتحف وعن الحفاظ على اللوحات الجدارية في الكنيسة، والأب ” بيجول” أمين المكتبة وبدأنا بزيارة الكنيسة والتى تحتوى على لوحات خلابة، وأيضاً الحصن ذلك المكان الذى إحتمى فيه الرهبان للدفاع عن أنفسهم فى الأزمنة القديمة، ثم إنتقلنا بعد ذلك إلى غرفة الاستقبال، ومكثنا هناك فترة طويلة نتحدث عن عملية الحفظ والترميم بعدها إنتقلنا إلى الإستديو”ورشة العمل” الخاصة بالأب بيجول، والتى كانت فى الأصل قلاية ــ المكان الخاص بسكن الرهبان ــ والتى تطل على الحديقة التي يوجد بها شجرة القديس إفرايم وهى شجرة ضخمة جداُ، وكانت الورشة بسيطة جداً، مرتبة ومُعتني بها، وعلى الصندوق الضوئى كانت توجد ورقة من المخطوطات السريانية من القرن السادس والتى كان الأب بيجول يعمل على ترميمها بعد عدة أيام تقابلنا مع نيافة الأنبا متاؤس والذي عبر عن إمتنانه لنا لإهتمامنا بمجموعة المخطوطات ودعانا زيارة المكتبة في صباح اليوم التالي ونحن فى طريقنا الى المكتبة بالطابق العلوي كان قلبي يخفق بشدة وبترقب كانت أبواب المكتبة مغلقة بشــــريط لاصق، قـــام الأب بيجول بإزالته ببطء وبعناية وتم
فتح الأبواب.
•• في عام 1999، وبمساعدة البروفسور” لوكاس فان رومباى” والذى يعمل حالياً بجامعة ديوك بولاية نورث
كارولينا، قمت بتأسيس مشروع مستقل خاص بعملية الحفظ ، ومعا أنتجنا كتيب ، تم طبعه مجانا من قبل دار طباعة “بيترز للنشر” وكانت هناك محاولات لجمع التبرعات لتغطية نفقات ترميم المخطوطات وحفظها ، ولكن لم يحالفنا الحظ
•• لم نيأس وعدت الى الدير لاجراء مسح بسيط، عن طريق فريق من المتخصصين فى الصيانة والترميم من المملكة المتحدة، الذين كانوا على استعداد للعمل مجانا، ولكن سرعان ما أدركت أنه يلزم لتنفيذ المشروع أن يكون فى صورة رسمية لضمان تنفيذه وإستمراره بصورة مستديمة
•• وفي عام 2002، وبمساعدة مالية من السيد جون روبرت وحرمه، تقدمت بطلب إلى اللجنة الخيرية في إنجلترا لتسجيل المشروع رسمياً ، وبعد 7 أشهر ــ نوفمبر 2002 ــ ولدت مؤسسة لافنتاين. وفي يناير 2003 عدت إلى الديرمرة اخرى مع اثنان من المتخصصين فى الصيانة والترميم للبدء فى تنفيذ المشروع بصورة تجريبية .
••في عام 2007، تم تسجيل المؤسسة رسمياً كمنظمة غيرحكومية في مصر. وقد تحقق ذلك بفضل المهارات والخبرات القانونية من قبل السيدة هالة هاشم – مكتب زكي هاشم وشركاه بالقاهرة ــ وبدعم من السير ديريك بلامبلي، سفير المملكة المتحدة فى مصر فى ذلك الوقت المشكلة الأولى التي واجهت المرممين في بيئة مثل دير السريان، كانت عن كيفية الحصول
على إمدادات المياه وكيفية الوصول إلى مستوى درجة الحرارة والرطوبة الأكثر تمشيا مع الظروف البيئية المتوفرة في العديد من المكتبات الغربية،. كان أفضل عرض هو غرفة البرج الذي تضم المجموعة وبها نوافذ مغطاة بالستائر لتوفير أعلى درجة تبريد،وبصعوبات كبيرة تم إنشاء استوديو لإجراء عملية الحفظ ، والذى شكل تحدياً كبيراً لفريق
العمل بالمشروع فى ما يخص الظروف البيئية
••كان نيافة الأنبا متاؤس قد قام فى عام 2006 بإختيار موقع جديد للمكتبة، حيث تم هدم مبنى متهالك من الستينات، لإفساح المجال لإقامة المكتبة الجديدة ثم أعقبت ذلك، الموافقة على تطبيق التخطيط الخاص بالمكتبة من قبل المجلس الأعلى المصرى للآثار، وبعد جمع الأموال والتخطيط والانتهاء من التصميم، بدأ البناء في أوائل عام 2009 بعد إختيار “المهندسون الاستشاريون العرب محرم وباخوم” لتنفيذ التصميم الإنشائي، كما تم إختيار شركة “مراد بباوى ومليكه فرح” للإشراف على الهندسة المعمارية التي صممت في تناغم مع المباني الأصلية بالأديرة والموجودة بداخل جدران الدير والتى تم بنائها فى القرن العاشر
•• إن الغرض من بناء المكتبة ــ التي أنتم على وشك أن تروها، هو توفير بيئة صالحة لتخزين مجموعة المخطوطات على أحدث المستويات العالمية، فضلا عن تقديمها خدمات لكل ما يتعلق بعملية الحفظ، مثل التعليم والتدريب لتوفير رعاية دائمة ومستمرة لمجموعة المخطوطات بالمكتبة ، وقد تم تجهيز المبنى بنظام متطور للتحكم فى درجة الحرارة والرطوبة لضمان عملية الحفظ على المدى الطويل، ويوجد مختبرا للحفظ، ، وغرف اطلاع للباحثين و أيضاً مساحة لعرض الكنوز الخاصة بالدير، حيث يتم عرضها بالتناوب حتى يومنا هذا، وحتى الان تم حفظ ما يقرب من 20 من المخطوطات بالكامل تتضمن آلاف من الصفحات الفردية التي تم تنظيفها وإصلاحها وخياطتها معا ثم إعادة تغليف بعض المخطوطات التى أتلفت أغلفتها الأصلية أو التي كان تغليفها حديث ولكن غير مناسب ، وبالإضافة إلى ذلك تم التعامل مع أكثر من 70 من المخطوطات وترميمها وتمت المحافظة عليها بالإضافة إلى إصلاح أكثر من 300 جزء من MSS والتي تحتوي على نصوص هامة وشهدت الحملة الأخيرة الإنتهاء من حفظ مخطوطات سريانية من القرن الخامس، التي تضم الأناجيل الأربعة – وهى أقدم نسخة في العالم ــ والمخطوطات القبطية 21 والتى تعود إلى القرن الثالث عشر الميلادى والمخطوطات القبطية 647 التى تعود إلى القرن الثانى عشر الميلادى ، وتم الإنتهاء من فهرسة المجموعة السريانية من قبل” الدكتور سيباستيان” بروك من “جامعة أكسفورد، والبروفيسور” لوكاس فان رومباى” من جامعة ديوك وهذا فتح المجال للبحث عن ما لا يزال متبقياً من مخطوطات فى واحد من أقدم الأديرة في العالم ــ دير السريان ــ وسيتم نشر الكتالوج هذا العام من قبل “بيترز أند بيترز” دار نشر في بلجيكيا.
●● لمزيد من التفاصيل عن المكتبة و المخطوطات تابعوا العدد القادم من جريدة وطنى الاحد 26 مايو…