فريدة النقاش:اعلام اليسار يطمح الى العدالة والكرامة الانسانية والسياسية والمساواة
د. بسيونى حمادة:استقلال الصحافة والاعلام فى مهب الريح تحت ضغوط المال السياسى
رجائي الميرغني: هيكلة النظام الإعلامي المملوك للدولة إلى قطاع لخدمة الشعب بشرط الاستقلال
قطب العربي: الاعلام المملوك للدولة هو المؤهل لآداء الخدمة العامة ولا أحد ينكر أن الإعلام الخاص أعاد الحيوية للمهنة
تأتى حرية الاعلام والصحافة كواحدة من اهم القضايا المطروحة على الساحة فى ظل الظرف الحرج الذى تمر به البلاد، والأزمات التى يتعرض لها المواطن المصرى البسيط …فهذه وتلك جميعها يتناولها الاعلام لعرضها على الراى
العام فى مصر وخارجها مما يجعل الاتهامات ذاتها التى كان يوجهها رموز النظام السابق تلاحق الصحفيين والإعلاميين مع النظام الجديد ولكن بشكل أكثر شراسة، ربما يتعلق الأمر برفض العقل المصرى لفكرة النقد أو الرأى والرأى الآخر.. وربما يتعلق أيضا بفكر الأنظمة التى ترى أن الصحافة هى أحد أدواتها فى الحكم، وربما قد يتعلق الأمر أخيرا بأخطاء مهنية قد يمارسها البعض.
ومؤخرا تعرضت الصحافة ووسائل الإعلام المرئية إلى العديد من الاتهامات من بعض القوى السياسية بعدم موضوعيتها، وأنها تستخدم من قبل أصحاب المال في التأثير على المواطنين، وأنها السبب في تضخيم بعض القضايا التي تتبع تيارا بعينه والتغافل عما يصيب المنتمين للتيار الأخر .
أزمة الصحافة .. موضوع الساعة
تقول الكاتبة فريدة النقاش، رئيسة تحرير جريدة الأهالي أن موضوع الصحافة كمحور للنقاش يعد أساسيا في هذه الأيام التي نواجه فيها ظروفا صعبة، وأضافت: سأقف قليلا عند مفهوم الأيديولجيا نفسه، فهذه الكلمة تعني ببساطة شديدة رؤية العالم، أي كيف ترى التركيبة السياسية التي نعيش فيها والوضع الاقتصادي والدين وأي توجه يمكن أن تأخذه
وأوضحت أن القارئ الحالي هو ابن المجتمع والذي أسس وجدانه هو التعليم والأسرة والإعلام المرئي والمسموع بشكل خاص، فالقارئ لابد ان يعرف أنها تعني موقفنا من العالم.
وأوضحت كيف يعبر اليسار عن الأيديولوجيا؟، قائلة: اليسار يرى العالم برؤية بسيطة، تتأسس على المبادئ العامة التي أطلقتها ثورة 25 يناير، وهي عيش حرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، والمساواة بين البشر هي أساس وجهة نظر اليسار للعالم، وأنه ضد كل أشكال التمييز والاستغلال التي تتم والهيمنة والعنصرية التي تظهر في المجتمع عبر الصراع الطبقي والاجتماعي بين الذين يملكون والذين لا يملكون .
وعن ما يطمح له إعلام اليسار، أشارت النقاش إلى أنه يطمح إلى العدالة والكرامة الإنسانية والسياسية، والمساواة، ،و يعتبر كل إنسان على الأرض هو كائنا فريدا بذاته، وما يعطله عن الاستغلال لإمكانياته هو الفقر والجوع.
وعن المال السياسي ودوره في الصحافة، قالت النقاش أنه يلعب أدوارا في الصحافة عندما يكون المجتمع الذي ينشأ فيه المال منقسما على نفسه، وتوجد طبقة تملك الثروة والأخرى لا تملك، وبالتالي توظف الطبقة المالكة مالها للدفاع عن مصالحها، مشيرة إلى انه لا يجب المساواة بين كل أصحاب المال هؤلاء، حيث هناك مال سياسي وطني ومال أخر يرفع شعارات دينية ومال أخر استغلالي، والكل يستخدم المال للدفاع عن مصالحه.
وأكدت النقاش أنه لا يوجد تعارض بين الموقف الأيديولوجي والمهنية وبالتالي القول بأن مؤسسة ما تعبر عن فكرة لابد بالضرورة أنه تعبير غير مهني، فهذا غير صحيح وتجربة جريدة الأهالي تدل على أن المهنية توفرت والالتزام بميثاق الشرف الصحفي موجود، وضربت مثالا بقرض صندوق النقد الدولي الذي يأخذ منه حزب التجمع وصحيفته موقف رافض – وهو يعد موقفا أيديولوجيا – ولكن تم التعبير عن رفضنا للقرض بمنتهى المهنية.
أما د. بسيونى حمادة أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة، فأكد أن استقلال الصحافة والإعلام ومهنيتها وكل ما يتعلق بالأداء الاخلاقي للعمل الإعلامي في مهب الريح تحت ضغوط المال السياسي والانتخابي.
وقال بسيوني: لا يمكن أن تكون الصحافة وطنية في ظل هذا المال السياسي والانتخابي، لأنه غالبا يكون مال من خارج إطار الدولة وله مصالح على حساب المصالح الوطنية وهذا المال المشبوه يعمل خارج الشفافية.
وأضاف: المال السياسي والانتخابي يحول الصحافة إلى أداة لمن يدفع أكثر، وشراء الذمم لبعض الصحف والقنوات أيضا ، لدرجة تجعل الصحف تميل إلى دعم مرشح معين يدعمه هذا المال.
وتابع: المشهد الصحفي أثناء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تمت بعد الثورة، وأيضا الاستفتاء على الدستور، يجعلني أقول بان هذا المال السياسي والانتخابي طال معظم الصحف ووسائل الإعلام بدرجات مختلفة، فالبعض يعمل بطريقة غير مهنية لحساب من دفع أكثر للدفاع عن اتجاه سياسي والهجوم على الأخر.
والمفارقة أن هذا المال السياسي والانتخابي رغم أنه نجح في الهيمنة على بعض وسائل الإعلام، إلا انه لم ينجح في الهيمنة على عقلية المنتخب نفسه، ولذلك استطيع أن أقول أن العملية معكوسة فبدلا من أن يقود الإعلام الرأي العام، اتجه الرأي العام إلى وجهه أخرى تمليه عليها قناعاته، وأصبح هناك فجوة بين التوجه العام للناخب والتوجه العام للإعلام الذي كان يستهدفه هذا المال.
وأوضح أن تصرف الناخب في الانتخابات جاء على نحو متحرر مما حاول بعض الإعلاميين بثه، ولمجابهة هذا المال، لابد من تفعيل أمرين وهما القانون وسقف الصرف الإعلاني في الدعاية الانتخابية للإنفاق الإعلاني، بالإضافة إلى تفعيل ميثاق الشرف الصحفي من خلال الصحفيين أنفسهم لمواجهة المال السياسي والانتخابي.
وأكد أن الصحافة لابد أن تعمل في دائرة حرية المعلومات وليس حرية الرأي التي كفلها الدستور، مشيرا إلى انه كلما زادت الحرية زادت المسئولية وبالتالي لابد أن توجد المحاسبة، وآليات العمل الصحفي تقع بين الحرية والمسئولية والمحاسبة.
ولفت بسيوني النظر إلى أن الإعلام ينظم ويؤسس من خلال أربعة مسالك إما الدولة والقانون أو المحاكم وهو التنظيم الخشن، أو أن ينظر لها كصناعة ، أما التنظيم الثالث فيضع الوزن الأكبر للإعلاميين بحيث يكون هناك رشد لدي الصحفي حتى لا يكون هناك تداخل بين مهنيته والمالك، وبالتالي يكون هو المسئول عن ما يقدمه، والرابع أن يراقبه الجمهور، وأنا أرشح مسئولية الصحفيين .
الاعلام والنظام
من جانبه اتفق رجائي الميرغني، المنسق العام للائتلاف الوطني لحرية الإعلام، مع فريدة النقاش في تعريف الايديولجيا، وأضيف لتعريفها بأنها تعني رؤية العالم من منظور المصلحة هل فردية أم جماعية، ومعنى هذا انه باستثناء المعارف والحقائق التي نتوصل إليها من خلال مناهج البحث العلمي فكل شيء مختلط بالأيديولجيا.
وأضاف: الصحافة لها جانب يتعلق بالأيديولجيا لأنها منصة للتعريف عن الآراء وهناك جانب أهم ويشكل قوام الصحافة وهو نقل الأخبار دون تحريف وهو لا يتحمل المنظور الايديولجي، والصحافة ليست مهنة بلا صاحب بل وضعت أصول لمهنية الأداء.
وأشار إلى أن الإعلام قبل الثورة كان يعتبر أداة في خدمة النظام السياسي، ويتولى توجيه وإدارة المنظومة لتحقيق أهدافه.
وتابع: المفهوم الخاطئ للإعلام أنها تستخدم للتوجيه، لافتا النظر إلى أن الدستور أعتبر أنها توجيه الرأي العام، وكانت هذه المهمة تقوم بها الصحافة القومية، وفي أواخر عهد مبارك حدثت الانفراجة، حيث تم السماح أن يكون هناك هامش للحرية من خلال الإعلام الخاص، وتراجع إعلام الدولة وصحافته لإدانتها بعدم المصداقية وتزايدت رقعة الإعلام الخاص .
وأوضح الميرغني أن نمط الملكية لم يتغير، ولكن هناك زيادة في النسب وإعادة في التوزيع، وقفز الإعلام التجاري إلى الإعلام الخاص، والمشكلة أن تكون المسألة دون رقابة حقيقية على سبل تمويله وأهدافه الحقيقية وروابطه الاقتصادية، وللأسف الأوضاع القانونية لم تنضبط.
وطالب الميرغني بإعادة هيكلة النظام الإعلامي ليتحول الإعلام المملوك للدولة إلى قطاع لخدمة الدولة بشرط الاستقلال، وللأسف ليس هناك رغبة سياسية لحدوث ذلك، مشيرا إلى أن الإعلام بهذه البنية أصبح أداة للاستثارة السياسية، وهناك مخاطر من حدوث اختراق إعلامي واستخدام المال السياسي في غسيل المال والعقول.
وقال. نحن نحتاج لمرجعية أخلاقية ومحاسبة الإعلام من خلال الجمهور وهذا لن يتحقق في إطار الصراع السياسي، واستشهد بمقولة “كامل زهيري” أن حرية الإعلام والصحافة في مصر تظل دائما قضية مؤجلة.
وأكد الميرغني أن حرية الصحافة والإعلام هى ترمومتر تقدم الأمم كما أكد رفضه أن يكون الإعلام أداة معاونة لنظام بعينه، مشيرا إلى أن الإعلام في ظل النظام السابق، كان منتكسا لأنه كان خاضعا ومقيدا، والبنية كانت هشة، فنجد المذيع داعية ومعلما ومحاضرا ويقوم بكل الأدوار التي تنافي حرية الإعلام.
اعلام الدولة والاعلام الحزبى
بينما قال قطب العربي الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة، أن الإعلام الحالي يمر بأزمات من خلال الخسائر التي يمر بها عبر السنوات، وكل هذا ظل ديون متراكمة، وللحفاظ عليه يتطلب الأمر توفير مصادر تمويل جديدة للإعلام.
وأضاف أن الإعلام الحزبي هو صيغة غير موجودة في العالم كله، ولذلك تتمتع الصحف بالاستقلالية وان كانت بعض الصحف تتبنى فكرة حزب معين، وأتمنى أن يتم التخلص من الصحافة الحزبية في مصر، ويمكن أن ينشئ رجال الأعمال القريبين من الحزب جريدة فلا تكون المادة الصحفية للحزب مسيطرة على الجريدة، وضرب مثال بجريدة الوفد وكيف حققت نجاحا عندما كانت تعطي مساحة أقل لأخبار الحزب.
وتابع: لا أحد ينكر أن الإعلام الخاص أعاد الحيوية وروح الشباب للإعلام المصري،
وأشار العربي إلى أن الدستور الجديد كان متنبه لاحتكار الصحافة لذلك نص في المادة 215على تشكيل المجلس الوطني للإعلام ليضمن عدم التركز والاحتكار.
وأكد العربي أن إعلام الدولة هو المؤهل أن يقوم بدور إعلام الخدمة العامة، لأنه يمول من جيب دافعي الضرائب وممكن أن يحاسبه الشعب عبر ممثليه في مجلس الشورى.
وأعلن العربي أن المجلس الأعلى للصحافة نتيجة كثرة القضايا التي أقيمت على الصحفيين، قرر إعادة إصدار لجنة الممارسة المهنية لتقارير الأداء الصحفي.
إ س