أثارت تصريحات محمد سعد الأزهري -عضو اللجنة التأسيسية للدستور- بأحقية زواج الفتاة عند بلوغها حتى وإن كان عمرها تسع سنوات ردود أفعال واسعة. ومطالبته بأن الدستور المصري عليه أن يراعي القيم المصرية بتنوعها
أثارت تصريحات محمد سعد الأزهري -عضو اللجنة التأسيسية للدستور- بأحقية زواج الفتاة عند بلوغها حتى وإن كان عمرها تسع سنوات ردود أفعال واسعة. ومطالبته بأن الدستور المصري عليه أن يراعي القيم المصرية بتنوعها، وأن بدو سيناء مثلاً يزوجون بناتهم في سن صغيرة، وأي محاولة لتغيير ذلك هو “كلام غير منطقي” ، مضيفاً أن الغرب يسمح بالعلاقات الجنسية الكاملة في سن الرابعة عشر، ويدرس العلاقات الجنسية في المدارس، مشيرا إلى أن القيم الغربية ومواثيق حقوق الإنسان التي ترسيها الأمم المتحدة ليست بالضرورة مناسبة للمجتمعات الإسلامية، على حد قوله .
بناء على ذلك رفضت جمعية نهوض وتنمية المرأة تصريحات عضو اللجنة التأسيسية للدستور لأنه لا أساس لها من الصحة. حيث لم يرد في القرآن أو السُنة نص يدل على أحقية زواج الأنثى متى بلغت، فالبلوغ أمر نسبي ويختلف من فتاة إلى أخرى، ومن بيئة إلى أخرى. والمعيار الرئيسي للزواج للفتاة أن تكون ناضجة عقلياً وجسدياً ونفسياً، لأنه قد تبلغ الفتاة ولكن تكون غير ناضجة، والرسول -صلَّ الله عليه وسلم- قال: “لا ضرر ولا ضرار”، فكيف تتزوج الفتاة ويتم وضعها في المشاكل والأضرار؟!
ودللت على ذلك أنه أثبتت العديد من الدراسات المحلية والعالمية أن زواج الفتاة في سن مبكرة جداً مثل 9 أو 10 سنوات يسبب لها الكثير من المشاكل الصحية والنفسية، كما أن زواج البنات قبل الثامنة عشرة يجعلهن عرضة للإصابة بعدد من الأمراض حيث قد يعرضها الحمل المبكر إلى الإجهاض المتكرر أو الحمل خارج الرحم أو حتى للعقم. كما أنه يؤثر سلبًا علي صحة الأبناء حيث يكون الجهاز التناسلي للنساء غير مكتمل والرحم في بداية نموه، مما يؤثر سلبا علي صحة المواليد ويصيبهم بالتخلف العقلي أو موتهم أو عدم اكتمال نموه.
بالإضافة إلى ذلك يشير الخبراء في علم النفس والاجتماع إلى وجود أضرار اجتماعية للزواج المبكر، ومنها: أن الفتاة في هذه المرحلة تكون لا تزال في فترة الطفولة أو المراهقة فلا تكون ناضجة فكرياً ولا نفسياً ولا مجتمعياً بالشكل الكافي، ولا تستطيع أن تبدي برأيها في حياتها الخاصة وفي أمور كثيرة من حياتها الزوجية بثقة و ارتياح بحيث قد تقع تحت تأثير الأهل والأقارب في شئون حياتها الشخصية وقد ينتج عن تلك الزواج من زيادة الحرمان والتسريب من التعليم وزيادة الأعباء الملقاة علي عاتق هذه الفتاة الصغيرة في هذه الفترة.
وبالنسبة لدفاع البعض عن هذا الأمر بأن الرسول مُحمد –صلَّ الله عليه وسلم- قد تزوج من السيدة عائشة وهي في التاسعة من العمر، فجدير بالذكر أن في حالة صحة هذه الرواية فإن سن البلوغ في ذلك الوقت ولطبيعة المنطقة كان يبدأ باكراً عن النساء، على أنه لابد من التنويه أيضاً لوجود بعض من يشككون بصحة هذا الأمر الذي لم يتم إثباته حتى الآن بشكل قاطع، فعلي سبيل المثال لا حصر يرى أ.أحمد صبحي منصور -باحث ومفكر إسلامي ورئيس المركز العالمي للقرآن الكريم- أنها روايات كاذبة لأنه لم يكن يتم تسجيل المواليد في هذا العصر، وكل تلك الروايات عن الصحابة والنبي محمد عليه السلام بدأ تدوينها المنظم في العصر العباسي الثاني، ومن الخطأ اعتبارها حقائق مسلما بها، إذ لا بد من تعقلها و تمحيصها.
وتوضح الجمعية فى رفضها اننا جميعناً نعلم أن غالبية حالات زواج البنت في سن صغير بمصر هو مجرد “بغاء على ورق زواج”، بحيث يكون الغرض منه في غالبية الأحوال مادياً بالدرجة الأولى، بحيث تقبل بعض الأسر بزواج بناتهم في سن صغيرة من رجال كبار في السن –وخاصةً من الخليجيين-؛ نظرا للظروف المادية. ولابد هنا أن نُذكِّر أن جمهورية مصر العربية موقّعة على مواثيق دولية، والتي تنهي مرحلة الطفولة في سن الثامنة عشر. ولا يجوز خرق هذه المواثيق خاصةً وأن الهدف مما تقره هو حماية الطفولة.
وتبدى الجمعية قلقها إزاء هذه التصريحات وتلك الأخرى المطالبة بإلغاء المادة التاسعة والعشرون من الدستور في باب “الحقوق والحريات” والتي كانت تنص على أنه يحظر العمل القسري والعبودية والإتجار بالنساء والأطفال وتجارة الجنس، والتي ستكون بمثابة التفسير القانوني والدستوري لزواج القُصر والإتجار بالنساء. فهذه التصريحات من شأنها العودة بمصر إلى العصور الظلامية، وليس للنهضة التي ينشدها المهتمون بصالح البلاد حقاً.