مثلت ثورة 25 يناير علامة فارقة في تاريخ الدولة المصرية من حيث كونها هدمت أركان نظام استبدادي تسلطي سعي بإصرار نحو نفعية محدودة للنخبة المتحكمة بأعلاه وفي المقابل أسست وتؤسس لدولة القيم التي تحترم قوانينها المحلية والتزاماتها الدولية
مثلت ثورة 25 يناير علامة فارقة في تاريخ الدولة المصرية من حيث كونها هدمت أركان نظام استبدادي تسلطي سعي بإصرار نحو نفعية محدودة للنخبة المتحكمة بأعلاه وفي المقابل أسست وتؤسس لدولة القيم التي تحترم قوانينها المحلية والتزاماتها الدولية المتمثلة في العهود والمواثيق والاتفاقيات التي وقعتها وصادقت عليها في إطار منظومة حقوق الإنسان .
وهو ما فتح أفاقا من الأمل والاستشراف لمستقبل أفضل للعمل والحركة الحقوقية المصرية التي لعبت دورا لا ينكر في توعية المواطنين بحقوقهم وسبل أليات الوصول لهذا الحق في وقت تقاعست وتهربت منظمات وتنظيمات سياسية ومجتمعية عن المشاركة في هذا الشأن رغم وجوب دورها في هذا الشأن .
لذا استقبلت شبكة ( محايد للتوعية ومراقبة الانتخابات ) والمنظمات الحقوقية المصرية بانزعاج شديد القرار الصادر من محافظ المنوفية برقم ( 576 ) لسنة 2012 في 1 / 7 / 2012 بحل جمعية النهضة الريفية بشبين الكوم المشهرة برقم 1241 لسنة 2007 ( لتلقيها أموال من الخارج بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 2002 وتكليف المراجع المالي بإدارة الجمعيات بمديرية الشئون الاجتماعية اتخاذ إجراءات حل وتصفية الجمعية خلال شهرين من تاريخ صدور قرار الحل ) و تقول الشبكة :” تلا ذلك ما فعله المحافظ من مسلك غريب ( يحمل من الخصومة وشخصنه الخلاف ما نربأ بالمسئول التنفيذي ذو الخلفية القضائية عنه ) ببيان إعلاني يحمل عنوانا غريبا ( لا رجعة في حل الجمعية الريفية بشبين الكوم ) جري توزيعه علي نطاق واسع يدافع عن قرار الحل ويروج لمجموعة من المغالطات التي يبرر بها ما تم من إجراءات وأن ( ما اتخذ من إجراءات حيال الجمعية المذكورة علي النحو سالف الذكر إنما يتفق وصحيح حكم القانون وما تدعيه الجمعية خلاف ذلك لا أساس له من الواقع ولا سند له من القانون )
وفي هذا الصدد اكدت شبكة (محايد للتوعية ومراقبة الانتخابات ) تود علي الملاحظات التالية:
أولا : يأتي قرار الغلق استكمالا لحملة تشويه منظمة قام بها البعض لأغراض شبه انتقامية قام بها بعض التنفيذيين من بقايا النظام السابق الذين استمروا في السلطة للنيل من دور ومجهود المنظمات في مرحلة ما قبل سقوط الاستبداد السياسي وبما يمثل علامة علي استمرار هذا النمط الحكومي رغم تطمينات عديدة من قبل قوي ما بعد الثورة أن ما كان يتم لن يكون له مكان بعد إعادة تشكيل منظومة الحكم والسلطة واستبدال هؤلاء ( الفلول ) فاذا بواقعة الغلق تأتي لتؤكد أن النظام كما هو وأن التنفيذيين كما هم سواء رحل ( مبارك ) أو أتي ( مرسي ) .
ثانيا : أن قرار الغلق الذي أصدره محافظ الإقليم وبرره بأنه يأتي متماشيا ومتوافقا مع قانون الجمعيات الأهلية 84 لسنة 2002 يمثل أقصي وأخر القرارات التي يجوز للسلطة اتخاذها تجاه المنظمات وبعد استنفاذ عدد كبير من التنبيهات والعقوبات وهو ما لم يحدث حيث كان ( الغلق ) هو القرار الأول والأخير تجاه الجمعية بما يؤكد علي سوء استخدام السلطة التنفيذية لصلاحياتها وإصراراها علي التدخل المباشر في العمل الأهلي بالتقييد والمنع وغياب آليات وأدوات الحكم الرشيد عن مسئوليها .
ثالثا : يتعارض بيان التبرير الذي أصدره المحافظ وحاول به ادعاء واختلاق وقائع غير صحيحة ( وربما كان الأصوب وصفها بالكاذبة ) مع كون تلك الجمعية قد سبق لها الحصول من الدولة علي منحة قدرها ( 60 ألف جنية ) للتوزيع علي الفقراء وهو أمر نادر الحدوث مع منظمات المجتمع المدني الحقوقية وتسبقه إجراءات وتحريات وزيارات للمنظمة للتأكد من سلامة إجراءاتها وإدارتها للمنح السابقة فكيف نعقل أن ذات الجهة الحكومية التي قدمت المنحة الحكومية لجمعية النهضة الريفية هي ذاتها التي توصفها الآن بما ورد في بيان تبرير المحافظ .
رابعا : تحاول السلطة التنفيذية عند التعسف في استخدام سلطتها التنفيذية علي غيرها من الهيئات أن تتذرع بالتزامها بصحيح القانون الذي يمنحها الحق فيما قامت به دون أن تنظر في واجباتها والتزاماتها في ذات القانون وهو أمر شديد الغرابة فمحافظ المنوفية يعلن في قرار الحل أنه جاء وفقا للمادة ( 58 ) من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية 84 لسنة 2002 والتي تعطي للجهة الإدارية الحق في حل المنظمة إذا صرفت منحة دون موافقتها وتجاهل المحافظ أن ذات المادة تلزم الجهة الإدارية بإصدار قرارها بالرفض أو القبول خلال ( 60 ) يوما فهل التزم المحافظ بما عليه حني يمارس ما له ؟؟ مع التأكيد علي وجود رأي يحمل شبه إجماع بين فقهاء القانون أن عدم التزام الجهة التنفيذية بإصدار قراراتها في المواد التي تحتوي مواعيد محددة لصدور هذا القرار يكون بمثابة ( موافقة ) ضمنية علي القرار المنشود .
خامسا : يمثل قرار الغلق انتهاكا صارخا لالتزامات مصر الدولية والتي أعادت التأكيد عليها في تقرير المرجعة الدورية أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتفاف من الدولة علي تعهداتها المتكررة بإعادة النظر في قانون الجمعيات الأهلية والعمل علي إصدار قانون جديد يتماشي مع حقوق الإنسان ويتجاوز المعوقات والمخالفات والقيود علي حرية التجمع والتنظيم والتي تجمع كافة القوي السياسية والمدنية والتي تراه جزءا وامتدادا لإرث مبارك والجهاز الأمني القمعي بل إن جماعة ( الإخوان المسلمين ) أعلنت مرارا وتكرارا أنها لن توفق أوضاعها إلا بعد إلغاء هذا القانون واستبداله بقانون موضوعي يتيح أفاقا من العمل العام ولا يحمل خضوعا وإخضاعا للمنظمات لعسف وتحكم الجهاز التنفيذي الإداري للدولة .