يحسب للبابا شنودة الثالث البطريرك السابع عشر بعد المائة للكرسي المرقسي أنه صاحب أداء متميز أحدث تحولا جذريا في آلية عمل الكنيسة وتفاعلها…ونحن نلمس هذا علي المستوي الكنسي والوطني بل وعلي المستوي العربي والدولي…ولست هنا بصدد الحديث عن نسكه وروحانيته وتمسكه بتعاليم الآباء,ولا عن فكره وثقافته ورؤيته وكاريزمته التي جذبت الكثيرين وخلقت له أيضا من المتاعب الكثير…ما أود أن أتحدث عنه اليوم هو إدارته للكنيسة لأكثر من أربعين عاما بعد أن أهداني نيافة الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس كتابا تضمن القرارات المجمعية في عهد البابا شنودة الثالث منذ أن اعتلي السدة المرقسية 14نوفمبر1971.
الكتاب توثيق لكل ما وضعه المجمع المقدس من نظم لكثير من أمور الكنيسة التي كان لابد من تنظيمها سواء من أمور طقسية كالتعهدات التي يتعهد بها الأساقفة الجدد والقساوسة والرهبان والمكرسات,أو أنظمة جديدة لسيامة الكهنة وإقامة رئيسات الأديرة,أو أمور تشريعية وضعها المجلس للأحوال الشخصية وما يجب عند الخطوبة والزواج والتطليق وما تلتزم به كافة الإيبارشيات والمجلس الإكليريكي في هذا الشأن.
ويحمل الكتاب في بدايته اللائحة الأساسية للمجمع المقدس والتي تعد من أهم الإنجازات المجمعية في حبرية البابا شنودة الثالث إذ صار للمجمع لأول مرة في التاريخ المعاصر لائحته المنظمة لعمله واجتماعاته وقراراته…ويعود ميلاد هذه اللائحة إلي بداية عام1985 حين طلب قداسة البابا من جميع الأحبار المطارنة والأساقفة أن يرسلوا مقترحاتهم حول هذه اللائحة,ومايرون أن تتضمنه وتنص عليهما وبعد تجميع كل ما وصل من مقترحات,عقد قداسته اجتماعا بدير الأنبا بيشوي لدراسة مشروع اللائحة وكل ماورد من اقتراحات,وبعد عدة اجتماعات صيغت اللائحة التي وافق عليها المجمع المقدس صباح الأول من يونية 1985…وإذ كان البابا شنودة بهذه الخطوات التي انتهجها عند وضع اللائحة أكد علي الديموقراطية داخل الكنيسة القبطية فإن هذا هو أيضا ما أكدته اللائحة ذاتها,فالبابا وإن كان هو رأس الكنيسة إلا أن العديد من الأساقفة يشكلون في مجملهم المجمع المقدس الذي يقوم بدور السلطة الدينية العليا للكنيسة وللشعب القبطي…لهذا وبعد أن انتهيت من قراءة الكتاب أكرر ما قلته في البداية أنه يحسب للبابا شنودة الثالث-أطال الله حياته-أنه أحدث تحولا جذريا في آلية عمل الكنيسة وتفاعلها.