بداية الثورة وتداعياتها, رصد الأداء المختلف للحركات الاحتجاجية ,موقف القوي السياسية المتباين من الثورة ,تقييم أداء النظام السياسي بكل عناصره أثناء الأزمة,تقييم أداء المؤسسات الإعلامية خلال هذه الفترة؟ماهي الصورة المستقبلية للثورة المصرية؟..
هذه هي أهم القضايا التي ناقشها كتابثورة25 يناير..قراءة أولية ورؤية مستقبليةالذي صدر حديثا عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية,وهو أول كتاب بحثي عن الثورة شارك فيه العديد من الباحثين منهم عصام الإسلامبولي,أكرم حنا,د.جمال زهران,د.عماد جاد,ياسر عبد العزيز وقام بإعداده الدكتور عمرو هاشم ربيع مدير برنامج التحول الديموقراطي بمركز الأهرام.
يكشف الكتاب العديد من الرؤي التي تفسر أسباب اندلاع الثورة,ومن ثم تاريخ أحداثها مع تقديم رؤية مستقبلية لهذه الثورة التي قام بها الشعب المصري.
الثورات لا تأتي فجأة
يقول الدكتور محمد سعيد إدريس رئيس وحدة دراسات الثورة المصرية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام في مقدمة الكتاب إن الثورات لا تأتي فجأة بل يسبقها العديد من المقدمات,وبالنسبة لثورة 25 يناير المجيدة فقد بدأت مقدمتها منذ سنين بعيدة,حيث تجمعت عدة عوامل لتفجير ثورة المصريين في بداية عام2011, ولعل أهم هذه العوامل هي ثورة التصحيح التي قام بها الرئيس الراحل محمد أنور السادات والتي انقلب فيها علي مباديء ثورة يوليو وذلك بتصقيته لرجال عبد الناصر,وتراجع دور مصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الإسرائيلي وتبعية نظامها للولايات المتحدة,هذا إلي جانب حالة التبعية والجمود السياسي لفترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك واحتكار السلطة من قبل الحزب الحاكم الذي أقصي باقي الأحزاب عن المشاركة في الحياة السياسية,وبهذا رسخت أسس الدولة السلطوية التي يجمع فرد واحد فيها كل السلطات في يده,وهو ما أفرز بدوره في النهاية مشروع التوريث الذي بدأ طرحه بشكل قوي منذ عام2004,موضحا أن العمل الثوري بدأ يتبلور منذ ظهور الحركات الاحتجاجيةمثل حركة كفاية عام2004 وهي الحركة التي مهدت الطريق لكثير من الحركات الاحتجاجية التي كان لها دور في ثورة 25 يناير,كما كان لها دور في كسر حاجز الخوف من بطش الدولة وأجهزة القمع البوليسية,وانتزاع حق التظاهر السلمي في الشارع المصري دون استئذان أجهزة الأمن,أما الشرارة الأخيرة التي ساهمت في اندلاع الثورة فكان لحادث كنيسة القديسين بالإسكندرية الذي وقع في الساعات الأولي للعام الجاري أثر كبير في حشد الرأي العام المسيحي والإسلامي ضد الأجهزة الأمنية,بالإضافة لاندلاع الثورة التونسية والتي أوحت للمصريين بقيام ثورتهم.
دور الحركات الاحتجاجية في إنجاح الثورة:
رصد الكتاب أداء ودور الحركات الاحتجاجية الذي لعبته منذ اندلاع الثورة,مشيرا إلي أن اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة أكتوبر2000هي النواة الأولي التي ساهمت في تأسيس العديد من الحركات الاحتجاجية التي لعبت دورا مهما في ثورة 25 يناير,كما يري أن مظاهرات مارس 2003 كانت بروفة مهمة وصاحبة الفضل في ثورة25 يناير,وهو الفضل الذي أكمله دور حركة كفاية في خروجها إلي الشارع وتحديها للسلطة ورفع شعار لم يكن مطروحا من قبل لا للتمديد..لا للتوريث..وهي الحركة التي خرج من رحمها العديد من الحركات.والتي لعبت دورا كبيرا في أحداث الثورة,مثل مجموعة كلنا خالد سعيد التي تبنت دعوة الخروج إلي الشارع يوم 25 يناير,وساهم في ذلك حركات مثل الجمعية الوطنية للتغيير و6أبريل و9 مارس وغيرها من حركات الاحتجاج,وتتكون هذه الحركات من تجمعات شبابية نجحت في مواجهة أجهزة القمع الأمنية,كذلك في الانتقال السريع من مطالب إصلاح النظام إلي مطالب إسقاطه,وفي تجزئة المطالب وتحديد أولويات طرحها,بجانب الوعي بمخاطر المرحلة الانتقالية وغيرها من الأمور التي أدركتها وقامت بها هذه الحركات الاحتجاجية فكتب للثورة النجاح.
موقف القوي السياسية المتباين من الثورة:
قسم الكتاب ثورة25 يناير إلي عدة محاور لمقارنة موقف القوي السياسية الثلاثة المحجوبة عن الشرعية والمتمثلة فيالإخوان المسلمين-حزب الكرامة-حزب الوسطمن المشاركة في الثورة التي حدد موعد قيامها بـ25 يناير كما رصد موقف الأحزاب السياسية حيال الثورة الذي قسمه إلي أربعة فرق الفريق الأولب هو الذي قام بالدعوة إلي التظاهر يوم 25 يناير ومن ثم خروجه إلي الشارع,أما الفريق الثاني فهو الفريق الذي أعلن عدم مشاركته في الوقت الذي ساند فيه مطالب الثورة ومشاركة أعضائه بشكل شخصي فيها,أما الفريق الثالث فهو الذي التزم الصمت حيال ما يحدث ويدور في مصر,وفريق آخر رابع هاجم الدعوة إلي الخروج في يوم عيد الشرطة ووجه الاتهامات إلي المشاركين.
النظام السياسي أثناء الثورة:
عرض الكتاب رصدا وتقييما لأداء النظام السياسي بكل عناصره أثناء الأزمة,من تحليل لخطاب الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونائبه اللواء عمر سليمان ,وهو الرصد والتحليل الذي قاد الخبير إلي تقييم أداء الرئيس ونائبه,بداية من ظهور الرئيس مبارك عقب أحداث جمعة الغضب 28 ينايروانتهاء بتخليه عن السلطة يوم الجمعة11 فبراير,وقد كشفت التحليلات عن رغبة مبارك في التشبث بالسلطة لأقصي حد,وهي المحاولات التي بدأت باستخدام العنف المفرط يوم الثلاثاء 25 يناير وحتي الجمعة 28 يناير,وانتهت بالهروب من مواجهة الهزيمة,حيث قام الرئيس بالتخلي عن منصب رئيس الجمهورية,بينما أعلن هذا القرار نائبه عمر سليمان,هذا إلي جانب تقييم لأداء البرلمان ممثلا في مجلسي الشعب والشوري الذي أصبح منفصلا عن المجتمع,وبعيدا عن ما يحدث منحازا لأصحاب السلطة علي حساب المواطنين,معربا عن الأداء التفاوضي للأزمة من قبل الرئيس وفريقه كان دون المستوي وخاصة أن معالجة الأمر في باديء الأمر اقتصرت علي المعالجة الأمنية فقط,وهو أمر أدي إلي تفاقم الأمور وتطورها بشكل سريع.
أداء المؤسسات الإعلامية:
وقدم الكتاب تقييما لأداء المؤسسات الإعلامية جميعا,فقد قام بتقسيم المؤسسات ليسهل عليه وعلينا تقييم كل منها علي حدة فقام بتقسيمها إلي صحف قومية,وصحف خاصة والتليفزيون الرسمي,والقنوات الخاصة ولعل هذه التقسيمات سهلت رصد الاختلاف والتباين في أداء كافة المؤسسات الإعلامية,كما أوضح الكتاب دور وموقف النقابات المهنية حيال ثورة25 يناير,شارحا تاريخ هذه النقابات وتاريخ علاقتها بالدولة من ناحية وعلاقتها بالعمال والمهنيين من ناحية أخري,ومحاولات الدولة للسيطرة علي هذه النقابات,بشتي الطرق سواء كانت الأمنية أو القانونية أو المهنية أو السياسية,وهو ما نجحت فيه الدولة بالفعل في غالبية النقابات المهنية والعمالية,وهو ما أدي بدوره إلي انفصال قيادات هذه النقابات التي سيطرت عليهم الدولة عن قواعدهم الجماهيرية داخل النقابات من عمال أو مهنيين,وهو ما ترتب عليها عدة عوامل منها تكوين جماعات أو تنظيمات نقابية مستقلة حاولت تحرير نقاباتها من يد الدولة التي أحكمت قبضتها علي العمل النقابي.